متابعة / المدى
أثار توقيع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قانونًا جديدًا يقوّض استقلال أجهزة مكافحة الفساد موجة واسعة من الانتقادات، أبرزها من الاتحاد الأوروبي الذي وصف الخطوة بأنها «تراجع خطير» قد يُهدد مساعي كييف للانضمام إلى التكتل الأوروبي. وقالت مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون التوسيع، مارا كوس، إن التصويت الأخير في البرلمان الأوكراني يبعث على «قلق بالغ»، معتبرة أن القانون يُضعف الضمانات الأساسية التي تحمي استقلال المكتب الوطني لمكافحة الفساد (NABU). وأضافت عبر منصة «إكس» أن المؤسسات المستقلة لمكافحة الفساد تمثل «ركنًا أساسيًا في طريق أوكرانيا نحو الاتحاد الأوروبي».
وفي محاولة للرد على الانتقادات، نشر زيلينسكي بيانًا عقب اجتماع مع مسؤولي الهيئات المعنية بمكافحة الفساد، أكد فيه أن الدفاع عن الدولة الأوكرانية في مواجهة «العدو الروسي» يتطلب نظامًا قويًا لإنفاذ القانون يضمن العدالة ويكافح الفساد بفاعلية. وأشار إلى ضرورة تسريع الإجراءات الجنائية ومنع شعور أي شخص يعمل ضد أوكرانيا بالحصانة. وقال زيلينسكي: «اتفقنا جميعًا على ضرورة العمل بروح بناءة فقط، ونحن نستمع إلى صوت المجتمع ونفهم تطلعات الناس إلى العدالة وفعالية المؤسسات. لقد ناقشنا الإجراءات التشريعية والإدارية المطلوبة لتسوية التناقضات وتعزيز العمل المشترك بين الجهات المختصة». ورغم هذه التصريحات، تجنّب الرئيس الأوكراني التطرق إلى مسألة التراجع عن القانون، الذي أقره البرلمان بأغلبية 263 صوتًا مقابل 13، وينص على إخضاع كل من المكتب الوطني لمكافحة الفساد (NABU) ومكتب الادعاء الخاص لمكافحة الفساد (SAPO) لسلطة النائب العام، الذي يعيّنه الرئيس الأوكراني. حذّر مركز العمل من أجل مكافحة الفساد، وهو منظمة غير حكومية، من أن القانون الجديد سيضعف الهيئتين المكلفتين بملف مكافحة الفساد، مشيرًا إلى أن منح النائب العام صلاحية الإشراف عليهما قد يؤدي إلى وقف التحقيقات المرتبطة بمقربين من الرئيس.
وفي أعقاب توقيع القانون، خرج محتجون أمام المباني الحكومية في كييف، معبّرين عن سخطهم إزاء ما اعتبروه خطوة تقوّض استقلالية مؤسسات حيوية. وردّد المحتجون هتافات غاضبة فور انتشار نبأ التوقيع. وقال دبلوماسي أوروبي للصحفيين، طالبًا عدم الكشف عن هويته، إن القرار «مؤسف»، مضيفًا: «هل هو تراجع؟ نعم. هل يمثل نقطة اللاعودة؟ لا».
وجاء التصويت على القانون بعد يوم من قيام قوات إنفاذ القانون بمداهمة مكاتب المكتب الوطني لمكافحة الفساد واعتقال أحد موظفيه بتهمة التجسس لصالح روسيا، وهي خطوة أثارت شكوكًا إضافية بشأن نوايا الحكومة.
واعتبرت منظمة الشفافية الدولية – فرع أوكرانيا – أن المداهمات تمثل محاولة لتقويض استقلال مؤسسات مكافحة الفساد التي تأسست بعد «ثورة الكرامة» عام 2014. وتحتل أوكرانيا المرتبة 105 من أصل 180 دولة في مؤشر مدركات الفساد لعام 2024 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، مما يعكس استمرار التحديات في بناء مؤسسات نزيهة وشفافة رغم الجهود المعلنة.










