ترجمة: نجاح الجبيلي
صرّح الممثل السويدي ستيلان سكارسغارد بأن المخرج أنغمار برغمان "بكى عند وفاة هتلر"، الممثل، الذي تحدّث بصراحة عن شركائه السابقين في مهرجان كارلوفي فاري السينمائي لعام 2025، سبق له أن تحدث مطولاً عن عدم رغبته في وجود برغمان في حياته. وقد كتب المحرر السينمائي كريستيان بلاوفلت في موقع "أندي واير" عن هذه القضية:
قليلون من الممثلين اليوم قادرون على التنقّل بسهولة بين أفلام ضخمة مثل "Dune" وأعمال مخرجين مستقلين صغيرة النطاق مثل "القيمة العاطفية" ليوآخيم تريير، كما يفعل ستيلان سكارسغارد. وقليلون أيضاً يتمتعون بصراحته حين يتحدث علنًا.
كما أفادت مجلة" فارايتي" من مهرجان كارلوفي فاري السينمائي، حيث كان سكارسغارد يروّج لفيلمه "القيمة العاطفية" وكان ضيف تكريم، أدلى الممثل السويدي بتصريحات صادمة عن إنغمار برغمان، الذي عمل معه عام 1986 في عرض مسرحي لمسرحية "لعبة حلم" لأوغست ستريندبرغ.
تحدث سكارسغارد عن عدم ارتياحه الشخصي لبرغمان، الذي وصفه بأنه كان استبدادياً ومتلاعباً. ويربط سكارسغارد سلوك برغمان كمخرج بدعمه للنازية خلال الحرب العالمية الثانية. وقد تكون هذه معلومة جديدة لبعض عشاق السينما العاديين، لكن ميول برغمان النازية معروفة على نطاق واسع. لم يُخفِ برغمان هذه الميول، بل اعترف بأن تعاطفه مع النازية لم يكن مجرد افتتان مراهق، وأنه لم يتبرأ منها تمامًا إلا بعد انكشاف فظائع المحرقة مع نهاية الحرب العالمية الثانية.
قال سكارسغارد:" كان برغمان متلاعباً. كان نازيًا خلال الحرب، وهو الشخص الوحيد الذي أعرفه بكى عندما مات هتلر. كنا نستمر في تبرير تصرفاته، لكن لدي شعور بأنه كان ينظر إلى الآخرين نظرة غريبة. [كان يعتقد] أن بعض الناس لا يستحقون. وكان هذا الشعور واضحاً عندما كان يتلاعب بالآخرين. لم يكن لطيفاً."
رغم أن معظم المعجبين ببرغمان قبلوا تبرؤه من النازية بعد الحرب، فإن الحقيقة تبقى أن برغمان كان يبلغ من العمر 26 عامًا عندما انتحر هتلر عام 1945، وكان حينها قد أصبح مخرجاً مسرحياً نشطاً وكتب بالفعل أول أفلامه "العذاب" لمخرجه ألف شوبرغ. وعلى الرغم من أن السويد كانت رسميًا على الحياد خلال الحرب، فإن بعض الشخصيات في حكومتها كانت متعاطفة مع هتلر والنظام النازي. وبرغمان نفسه لم يحاول قط تبرير أو إنكار أو التهوين من ميوله النازية.
أقر برغمان بأنه رأى هتلر شخصيًا خلال رحلة عائلية إلى فايمار بألمانيا عام 1934 عندما كان في السادسة عشرة من عمره. قال لِلكاتبة ماريا بيا-بوثيوس (كما نقلت الـBBC): "كان هتلر يتمتع بكاريزما لا تُصدّق. لقد كهْرب الجمهور". وأضاف أن عائلته وضعت صورة لهتلر بجانب سريره بعد ذلك. "النازية التي رأيتها بدت ممتعة وشبابية."
وقد اعترف برغمان بميوله النازية أيضاً في مذكراته الصادرة عام 1987 الفانوس السحري، حيث كتب: "لعدة سنوات، كنت في صف هتلر، كنت أفرح بانتصاراته وأحزن لهزائمه." كما صرّح لبيا-بوثيوس قائلاً: "عندما فُتحت أبواب معسكرات الاعتقال… شعرت أن براءتي قد انتُزعت فجأة."
هذا ليس تصويرًا لنازي عنيد وغير نادم. ويمكن لأي عشّاق للسينما أن يلاحظوا معاناة برغمان أمام فظائع الحرب في أفلام مثل "الضوء الشتوي"، "الصمت"، و"العار".
يبدو أن معظم نفور سكارسغارد من برغمان يعود لأسباب شخصية. فقد قال في كارلوفي فاري: "علاقتي المعقدة ببرغمان تتعلّق بكونه لم يكن شخصًا لطيفًا. كان مخرجًا جيدًا، لكن لا مانع من أن تقول عن شخص ما إنه وغد. كارافاجيو على الأرجح كان وغدًا أيضًا، لكنه رسم لوحات رائعة."
وللإنصاف، يبدو أن سكارسغارد لا يطالب بإلغاء إرث برغمان الفني، كما فعل مهرجان كان عام 2011 حين أعلن مخرجه الدائم الحضور لارس فون ترير "شخصًا غير مرغوب فيه" بعد أن وصف نفسه بـ"النازي" في مؤتمر صحفي سيئ السمعة أثناء الترويج لفيلم "ميلانخوليا" فقد عبّر سكارسغارد عن رفضه لملاحقة الناس على زلات اللغة.
قال في دفاعه عن فون ترير: "كل من كان في القاعة عرف أنه ليس نازيًا، بل نقيض ذلك تمامًا، ومع ذلك استغلوا ذلك كعنوان صحفي. ثم صدّق من قرأوا العنوان فقط أنه نازي. لقد قال نكتة سيئة فقط. لارس تربى على يد والد يهودي، لكن والدته، وهي على فراش الموت، أخبرته أن والده الحقيقي لم يكن هذا الرجل، بل كان رئيسها في العمل، وكان ألمانيًا."
وتابع: "عندما ألتقي الناس، خاصة في الولايات المتحدة، ما زالوا [يسألونني عن تصريح فون ترير في كان]. لديكم هناك الكثير من الكلمات المحظورة. أطفالي يمكنهم أن يقولوا أي كلمة، فالأهم هو النية من ورائها."
غير أن سياق تصريحات سكارسغارد عن برغمان، وربطها بفون ترير، يوحي وكأن الممثل يتساءل: "لماذا يُلغى مخرج ويُعفى آخر؟" ومن المهم أيضًا أن نتذكّر أن ميول برغمان النازية في شبابه كانت مرحلة ندم عليها لاحقًا بشدة.
هل كان إنغمار برغمان يميل للنازية حقاً؟

نشر في: 24 يوليو, 2025: 12:21 ص









