المدى/خاص

تفجرت الخلافات داخل الإطار التنسيقي، التحالف الذي يدير السلطة منذ عام 2022. على خلفية تصريحات نارية أطلقها قيادي في الإطار، مستهدفًا أحد أبرز رموز التحالف الشيعي.

شبل الزيدي، قائد كتائب الإمام علي، فجّر موجة جدل واسعة بعد أن اتهم نوري المالكي، رئيس ائتلاف دولة القانون، بالمسؤولية عن سقوط الموصل ومجزرة سبايكر وسلسلة من الحوادث الدموية. الاتهامات جاءت في وقت حساس، وفتحت الباب أمام تهديدات متبادلة بين أطراف نافذة في التحالف الشيعي.

التصعيد الأخير تزامن مع أزمة محلية أثارت الرأي العام، تمثّلت في حريق مأساوي بمحافظة واسط، خلّف عشرات الضحايا. ومع ازدياد الضغط الشعبي، تجدد الخلاف داخل الإطار بشأن تحميل المسؤولية للمحافظ، ما يعكس هشاشة التفاهمات الداخلية وخطورة الانقسام على مستقبل الاستقرار السياسي في البلاد.

وكشفت مصادر خاصة لـ(المدى)، إن "تصريحات الزيدي، التي جاءت عبر تغريدة على منصات التواصل الاجتماعي، أثارت غضب المالكي، الذي لوّح – في محادثات مغلقة – بالرد من خلال «فتح ملفات حساسة» تتعلق بتجاوزات ارتُكبت من قبل بعض فصائل الحشد الشعبي في المحافظات السنية، في حال لم يتم التراجع عن تلك التصريحات".

وأوضحت المصادر أن "قيادات بارزة في الإطار التنسيقي تحركت خلال الساعات الماضية لاحتواء الأزمة، عبر الضغط على الزيدي من أجل سحب أو توضيح تصريحاته، في محاولة لحفظ ماء وجه المالكي ومنع تفاقم الخلاف داخل التحالف الشيعي".

وأشارت إلى أن "الأزمة تأتي في وقت حرج يشهد تصاعدًا في التوتر بين أطراف الإطار، على خلفية ملفات داخلية وأخرى إقليمية، ما يضع وحدة البيت الشيعي أمام اختبار جديد".

من جانبه، قال الباحث في الشأن السياسي مهند الراوي، إن "الخلافات داخل البيت السياسي الشيعي لا تختلف في طبيعتها عن الخلافات التي تحدث داخل البيوتات السياسية الأخرى، كالسنية وغيرها، إذ إن حلّها غالبًا ما يكون ضمن تفاهمات مشابهة".

وأضاف الراوي في حديث لـ(المدى): "لكن الخلاف الأخير داخل الإطار التنسيقي أخذ طابعًا مختلفًا بعد حادثة الحريق في محافظة واسط، وتحديدًا في (الهايبر ماركت)، حيث تجدّد الخلاف على خلفية ما اعتُبر تقصيرًا من قبل السيد المحافظ وقيادات أمنية، إضافة إلى الدفاع المدني".

وتابع: "بحسب التسريبات وما يدور في الأوساط السياسية وما يُنقل عن بعض الشخصيات، فإن خلافًا حادًا نشب داخل الاجتماع الأخير للإطار التنسيقي، وكان سببه مطالبة أغلب قيادات الإطار بإقالة أو استقالة السيد المحافظ محمد جميل المياحي".

وأوضح الراوي أن "المياحي يُعد محسوبًا اليوم على السيد حسن الزيدي، في إطار تفاهمات سياسية معلومة بين الأطراف، خاصة أن الكتل الشيعية تتولى إدارة المحافظات ذات الأغلبية الشيعية كالبصرة، والناصرية، وكربلاء، والنجف، وبابل، وواسط، والديوانية، وغيرها من المحافظات الجنوبية، وهذه المحافظات تُدار عبر الفواعل السياسية الشيعية، والتي يتموضع أغلبها داخل الإطار التنسيقي".

وأشار الراوي إلى أن " الزيدي نشر تغريدة واضحة وجه فيها اللوم إلى زعيم دولة القانون، محمّلًا إياه – إلى جانب الرئيس الأميركي الأسبق أوباما – مسؤولية سقوط المحافظات الغربية، بما فيها الموصل، وكذلك مجازر سبايكر، وهو ما تسبب في اندلاع خلاف جديد داخل البيت الشيعي".

وأكد الباحث أن "النتيجة النهائية للخلاف كانت اتفاقًا شبه جماعي داخل الإطار على إقالة أو قبول استقالة السيد المحافظ، في محاولة لامتصاص غضب الشارع، خصوصًا بعد الفاجعة التي راح ضحيتها 61 شهيدًا".

وختم الراوي بالقول: "التحقيقات ما زالت جارية، لكن من الواضح أن هناك توجهًا لمحاسبة الجهات المقصّرة في هذه الكارثة، أيًّا كانت مواقعها".