ذي قار / حسين العامل
كشف انحسار المياه في ناظم البدعة، المصدر الرئيسي لرفد محافظة ذي قار بمياه الشرب، عن أزمة مقلقة وغير مسبوقة أدت إلى توقف أكبر مشروع ماء يغذي أكثر من مليوني نسمة في المحافظة المذكورة.
وقال النائب الأول لمحافظ ذي قار رزاق كشيش للمدى إن “أزمة المياه وتراجع مناسيب نهر الغراف، وانحسار المياه في مقدّمة ناظم البدعة، تسببت بأزمة مقلقة مؤخراً أدت إلى تعطيل المشروع الرئيسي لتصفية المياه والمتمثل بمشروع (فلورا)”، مبيناً أن “المشروع المذكور يغذي مركز مدينة الناصرية وأقضية سوق الشيوخ والغراف والشطرة والدواية ووحدات إدارية أخرى”.
وتحدث كشيش عن تحرك وتنسيق مع محافظة واسط لتأمين حصة محافظة ذي قار من المياه، مؤكداً تدارك الأزمة الراهنة بعد اعتماد عدة إجراءات.
وأوضح أن “المياه في ناظم البدعة عادت حالياً لتصل إلى متر ونصف بعد أن تراجعت إلى مستوى الجفاف”، مشيراً إلى أن “إدارة الحكومة المحلية لجأت مؤخراً إلى غلق جميع الأنهار الفرعية التي تتغذى من نهر الغراف والتي تغذي بدورها المشاريع الزراعية”.
واسترسل نائب محافظ ذي قار: “حددنا الأولوية لمياه الشرب، وعملنا على حصر المياه فقط في حوض نهر الغراف لنتمكن من توفير الماء لمحطات ومجمعات تصفية مياه الشرب”، مشيراً إلى اعتماد نظام المراشنة لتغذية القرى بالمياه لغرض تدبير أمورها الحياتية وإرواء مواشيها”، واستدرك أن “المراشنة تثبت جدواها في حال توفر المياه، لكن عندما تصل الأزمة لتهدد مياه الشرب يتعذر العمل بنظام المراشنة ونضطر إلى غلق الأنهار الفرعية باستخدام ما يُعرف محلياً بـ«الشفلات»”.
وكشف كشيش أن “ذلك تسبب بجملة من المشاكل المجتمعية، أفضى بعضها إلى صدور مذكرات قبض بحق عدد من شيوخ العشائر الذين يعمدون إلى إعادة فتح الأنهار المغلقة”، مؤكداً انطلاق تظاهرات في عدد من الوحدات الإدارية في شمال الناصرية، من بينها أقضية النصر والرفاعي وقلعة سكر والفجر، للمطالبة بتوفير المياه للزراعة”.
وأقر نائب محافظ ذي قار بالآثار الاقتصادية على حياة الفلاحين وسكان القرى والأرياف، مبيناً “أن كان ماء الشرب أولوية قصوى، فهناك سكان آخرون مهددون فعلياً في انقطاع مصادر رزقهم الأساسية المتمثلة بالزراعة وتربية المواشي”.
ويرى نائب المحافظ أن “الأزمة تتعلق بالمياه الواردة من نهر دجلة عبر نهر الغراف، والذي تعتمد عليه محطات ومجمعات مياه الشرب”، منوهاً إلى أن “مناسيب المياه في نهر الفرات مقبولة، غير أن معظم محطات تصفية المياه تقع على نهر الغراف”.
ويعود عدم نصب محطات التصفية على نهر الفرات لارتفاع نسبة الملوحة في مياهه. ويرى نائب محافظ ذي قار أن الحل يكمن في زيادة الإطلاقات المائية وتبطين الأنهار الفرعية التي تتغذى على مياه نهر الغراف، واستحداث نواظم لتنظيم الحصص المائية، ولا سيما في مناطق الفجر وقلعة سكر والرفاعي”، مؤكداً الحاجة إلى تبطين 3 أنهار في الفجر، و4 أنهار في قلعة سكر، و6 أنهار في قضاء الرفاعي”، مشددًا على أهمية تحديد الأولوية الحكومية في المركز على أزمة المياه ومعالجة تداعياتها التي تهدد حياة السكان.
وخلص نائب محافظ ذي قار إلى القول إن “السبب وراء أزمة المياه في ذي قار يعود إلى تراجع الخزين المائي في عموم البلاد”، مؤكداً أن “أزمة المياه أزمة عامة، وهناك تراجع خطير في الخزين المائي”، منوهاً إلى أن “تفاوض العراق مع دول المنبع حول زيادة الإطلاقات المائية لا يزال دون مستوى الطموح”.
وكان قائممقام قضاء الشطرة حيدر غالب، كشف عن تعرض ناظم البدعة للجفاف الكامل، في سابقة لم تشهدها المحافظة من قبل.
وأوضح في تصريحات صحفية تابعتها المدى، إن “مناسيب المياه انخفضت منذ يوم الأربعاء إلى مستويات خطيرة حتى بات النهر جافاً تماماً”، عادًّا ما حصل تهديداً مباشراً لمشاريع الماء الكبيرة التي تعتمد عليها مناطق واسعة من المحافظة.
وبدوره قال رئيس مجلس محافظة ذي قار عزة الناشي إن “مجلس المحافظة يتابع الأزمة بجدية، وهناك تنسيق مع الجهات المعنية في وزارة الموارد المائية لوضع حلول عاجلة ومستدامة تضمن تأمين حصة المحافظة من المياه، وهناك معالجات آنية يُجرى العمل بها لحل الأزمة”.
وأثر ذلك أعلنت الهيأة العامة لتشغيل مشاريع الري والبزل عن معالجات لتدارك أزمة المياه، وأوضحت في (تنويه) صادر من إعلام إدارة مشروع حوض الغراف في محافظة ذي قار: “تود إدارة المشروع التنويه إلى أنه تمت معالجة منسوب مقدّمة ناظم البدعة، وبدأت المناسيب ترتفع تدريجيًّا”، وأضاف أن “مشاريع محطات الإسالة تعمل بكفاءة عالية”.
وأشار البيان إلى أن “الملاكات الهندسية والفنية التابعة لإدارة المشروع وشُعب الموارد المائية التابعة لها تعمل على رفع التجاوزات، ومتابعة تطبيق نظام المراشنة وتوزيع الحصص المائية على طول نهر الغراف، بدءًا من ناظم رقم 2 عند الحدود مع محافظة واسط، وصولاً إلى ناظم البدعة”.
وتابع البيان الحكومي: “بدأت تعزيزات المياه تصل إلى ناظم البدعة يوم الجمعة تباعاً”، لافتاً إلى أن “الموقف مسيطر عليه من قبل إدارة مشروع حوض نهر الغراف في محافظة ذي قار”.
وتُعد محافظة ذي قار المدينة العراقية الوحيدة التي تقع على نهر الفرات وتشرب المياه من دجلة عبر نهر الغراف.










