علي حسين
ما جرى أمس من حصار وتهديد وهجوم على احدى دوائر وزارة الزراعة، يثبت أننا لا نزال نعيش في عصر "الشقاوات" الذي لا يريد لنا البعض أن نغادره. مجموعات تستبيح كل شيء تنفيذا لإشارة من اصحاب المصالح. يطاردون الناس في أماكن عملهم. وتراهم يفتخرون بذلك. غزوة منتصف النهار بكامل هستيريتها تؤكد أن البعض لا يريد أن يغادر دولة "السلاح في خدمة المصالح" .
الحكاية التي حصلت في "عراق الديمقراطية " تقول ان "إحدى دوائر وزارة الزراعة في جانب الكرخ شهدت صباح امس هجوماً تزامن مع مباشرة مدير جديد لمهامه في الدائرة، حيث أقدمت مجموعة مسلحة على اقتحام مبنى الدائرة ، وقامت باحتجاز الموظفين والاشتباك مع القوات الامنية لتقتل وتصيب عدد من المنتسبين "
سيقول البعض يا رجل انها حادثة عادية جدا ،.نعم ياسادة سيكون الامر عادياً جدا ، فان حوادث السرقة والتسليب واقتحام دوائر الدولة تحدث في معظم بلدان العالم، لكن وآه من لكن، لأن الجهة التي هاجمت الدائرة الزراعية تبين حسب بيان وزارة الداخلية بانها تنتمي الى ألوية بالحشد الشعبي، كانت مهمتهم خلع المدير الجديد، واعادة صاحبهم المدير القديم الى منصبه .
لعل ما جرى هو مجرد بالونات اختبار يريد منا اصحاب هذه الصولات أن نرفع أيدينا إلى أعلى ونستسلم ومن الغريب أن الأمر جرى في وضح النهار برغم أنف الحكومة وأجهزتها الأمنية التي تملأ الطرقات .
والآن دعونا نسأل: مَن المسؤول عن هذه المهزلة؟ إن المشكلة ليست في اعادة مدير الى منصبه، بل الكارثة حين يعتقد البعض انه وحده صاحب السلطة والقانون في هذه البلاد.
ولندع الأمن جانباً وتعالوا نتحدث في القانون ونسأل: هل المعركة الآن في العراق من اجل تقديم الخدمات للمواطنين والدفاع عن مصالح العراق التي تُنهب في وضح النهار، ام بين الدولة بمؤسساتها وبين جهات امنية تريد ان تتحكم بكل شي وأي شيء، ما دام يدر عليها الاموال الطائلة. إذا سمحنا لجهات يفترض ان مهمتها امنية بمثل هذه الغزوات، فإنهم وبعد أن ينتهوا من قضية السيطرة على مؤسسات الدولة، فسوف يلتفتون الى كل مواطن يحاول الحديث عن الحرية والعدالة والخدمات .
في فيلم "عصابات نيويورك" لسكورسيزي نجد هذه الجملة الجوهرية : "اُريد القانون في يدي" هكذا يخبرنا زعيم المافيا.. واعتقد أن ثمة أكثر من سبب يجعل اهالي بغداد يتفرجون على هذا الفيلم الكبير، حيث يمكنهم ان يستخلصوا الدرس الذي يقدمه لنا ابطاله من ان صراع العصابات مع الحياة المدنية والاستقرار ومؤسسات الدولة هو جزء من تحولات يفرضها الكبار وتجري في ظل رعاية كاملة من بعض القوى السياسية .










