TOP

جريدة المدى > عربي و دولي > المشهد الانتقالي في سوريا: تهدئة مرتقبة بين الطموحات السياسية والتحديات الأمنية

المشهد الانتقالي في سوريا: تهدئة مرتقبة بين الطموحات السياسية والتحديات الأمنية

نشر في: 29 يوليو, 2025: 12:01 ص

 متابعة / المدى

في ظل تعقيدات المشهد السوري وتداخل التحديات الأمنية والجغرافية، يلوح في الأفق تحرك جديد لإعادة ترتيب ملامح المرحلة السياسية الانتقالية. وبين دعوات الشارع السوري للتمثيل العادل، ومحاولات دمشق لترسيخ شرعية جديدة، أطلق المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، مؤشرات إيجابية حول اقتراب تسوية محتملة.
ومع تولي الرئيس السوري أحمد الشرع مهامه، تمضي البلاد نحو انتخابات برلمانية مرتقبة بين 15 و20 أيلول/سبتمبر، وسط انقسامات حادة تتعلق بتمثيل الأقليات وشفافية العملية الانتخابية. وقد أُقرّت النسخة النهائية من النظام الانتخابي المؤقت كوسيلة لإعادة تشكيل “مجلس الشعب” بطريقة تسعى لإشراك مختلف المكونات دون اعتماد صريح على المحاصصة. لكن المشهد الانتخابي يتعقّد بفعل الأوضاع الأمنية؛ إذ تواصل قوات سوريا الديمقراطية (قسد) سيطرتها على شمال شرق البلاد، وتحافظ إسرائيل على نفوذ في بلدات القنيطرة، بينما تشهد السويداء اضطرابات وانسحابًا تدريجيًا للقوات الحكومية، في وقت يتصاعد فيه نشاط تنظيم داعش في البادية. وتضع هذه المعطيات عراقيل جدية أمام لجنة الانتخابات، لا سيما مع استمرار اختلال التوزيع السكاني والطائفي، ما يجعل تحقيق تمثيل حقيقي لكل المكونات تحديًا جوهريًا.

البرلمان كأداة تهدئة سياسية
يرى الباحث السياسي غسان إبراهيم أن السلطات السورية تستخدم الانتخابات البرلمانية كأداة لامتصاص الاحتقان الداخلي، لا كآلية ديمقراطية مكتملة. واعتبر في حديث لبرنامج «التاسعة» على “سكاي نيوز عربية” أن الحكومة تحاول إلقاء الكرة في ملعب “قسد” بدعوتها للمشاركة كحل سياسي لعقدة شرق سوريا.
وأوضح إبراهيم أن دعوات دمشق إلى مشاركة الأكراد والدروز في البرلمان تهدف إلى إشراك هذه المكونات دون المساس بجوهر النظام المركزي، كما أنها تشكّل رسائل تهدئة للخارج، لا سيما للولايات المتحدة وإسرائيل. وأشار إلى أن الحديث يدور عن برلمان انتقالي ينتخب عبر لجان مناطقية، لا عبر اقتراع شامل، ما يجعله أقرب إلى هيئة تمثيل مجتمعي منه إلى سلطة تشريعية تقليدية.
وأضاف أن الشرع يسعى لترميم شرعية الدولة المركزية عبر مؤسسات تمثيلية مرنة، من دون فتح الباب أمام النظام الفيدرالي أو تقاسم السلطة على أسس طائفية أو عرقية. واعتبر أن هذه الصيغة تمثل “جزرة” سياسية بديلة عن “عصا” القوة التي أثبتت فشلها، لا سيما بعد أحداث السويداء.

التقاطعات الإقليمية والدولية
المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف أبدى تفاؤله بقرب تهدئة في سوريا، مشيرًا إلى توسّع محتمل في الاتفاقات الإبراهيمية، وربط سوريا بترتيبات إقليمية أوسع. ووفق تحليل إبراهيم، فإن الشرع نجح في إقناع واشنطن وباريس وأطراف مقربة من إدارة ترامب بأنه خفف التصعيد في الجنوب، لا سيما بعد احتجاجات السويداء.
كما أشار إلى تفاهم غير معلن بين دمشق وتل أبيب لتفادي التصعيد في الجنوب، مع استمرار محادثات غير علنية تركز على العودة إلى اتفاق فصل القوات لعام 1974، دون الخوض في ملفات سياسية أوسع.
وفي الساحل السوري، تواصل السلطات حملتها لضبط الأمن، حيث اعتُقل عدد من قادة ما يُعرف بـ”غرفة عمليات الساحل”، أبرزهم مالك علي أبو الصالح ووضاح سهيل إبراهيم ونضال عثمان، في إطار ما وصفه إبراهيم بأنه “جهد مكمّل للعملية السياسية”.

قسد تحت الضغط الأميركي
في تطور لافت، أشار إبراهيم إلى أن “قسد” بدأت تبدي استعدادًا لتقديم تنازلات، منها السماح بعودة الدولة السورية إلى مؤسساتها في مناطق الرقة ودير الزور والحسكة، وهو ما يعكس وفق قوله تغيّرًا في موقفها تحت تأثير ضغوط واشنطن. وأشار إلى أن قبول أنقرة ببعض الوساطات يرتبط بوجود مبعوثين أميركيين مقبولين، مثل توم باراك، الذي يدفع باتجاه نزع السلاح من الجماعات غير النظامية.

النظام الانتخابي.. بين الطموح والانتقاد
في تصريحات صحفية، تسلّم الرئيس أحمد الشرع النسخة النهائية من النظام الانتخابي المؤقت، وعبّر عن رغبته في ضمان مشاركة شاملة تعبّر عن إرادة السوريين. بينما أقرّ المتحدث باسم اللجنة العليا للانتخابات بأن الآلية “ليست مثالية”، لكنها الأنسب للمرحلة الانتقالية، لافتًا إلى رفض اللجنة لفكرة المحاصصة الطائفية.
من جانبه، قدّم عضو اللجنة حسن الدغيم تفاصيل حول إعداد النظام، مشيرًا إلى أنه يستند إلى جولات ميدانية في معظم المحافظات السورية، باستثناء السويداء. وأوضح أن اللجنة جمعت آراء المواطنين وشكّلت لجانًا فرعية تمثل مختلف المكونات الثقافية والدينية.
وقال الدغيم إن ثلث أعضاء البرلمان سيُعيّنهم الرئيس، فيما يُنتخب الثلثان الآخران عبر لجان محلية، مؤكدًا أن المجلس سيتمتع بصلاحيات تشريعية كاملة، رغم كونه وليد مرحلة انتقالية.
لكن الباحث محمد هويدي انتقد النظام ووصفه بـ”المشوّه”، معتبرًا أن الانتخابات تُدار في إطار مغلق لا يعكس تمثيلًا حقيقيًا، ويخضع للتعيين والولاء، لا للكفاءة أو النزاهة. واعتبر أن ما يجري هو “مسرحية سياسية تهدف إلى تجميل المرحلة الانتقالية”، دون تغيير جوهري في طبيعة السلطة.
ويشكّل النقاش حول التمثيل أحد أبرز محاور الجدل. المدافعون عن النظام يعتبرون التوزيع الجغرافي والثقافي ضمانة لعدم التهميش، فيما يراه المنتقدون غطاءً لتكريس الهيمنة عبر محاصصة غير معلنة.
وقال الدغيم إن النظام الانتخابي يرفض المحاصصة، مستشهدًا بتجارب دولية كنموذج المجمعات الانتخابية. في المقابل، اعتبر هويدي أن هذه المجمعات تُستخدم لتمرير مرشحين موالين، داعيًا إلى قانون انتخاب شفاف وعادل يكرّس مبدأ الاقتراع العام.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

مقالات ذات صلة

ترامب: لدينا فرصة لإنهاء الحرب في أوكرانيا على المدى القريب

ترامب: لدينا فرصة لإنهاء الحرب في أوكرانيا على المدى القريب

متابعة/ المدى أكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم الخميس، أنه اقترب من إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، داعياً الأوكرانيين إلى التحرك بسرعة لأن روسيا تغير رأيها بسرعة، حسب تعبيره. وقال ترمب، في تصريحات صحفية:...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram