متابعة المدى
وسط استمرار الحرب في غزة منذ أكثر من 21 شهرًا، تشهد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك انعقاد مؤتمر حل الدولتين الذي يستمر يومين، 28 و29 تموز الحالي، برعاية سعودية فرنسية لتعزيز حل الدولتين وإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وذلك بحضور مسؤولين رفيعي المستوى من مختلف أنحاء العالم. وقد تمت دعوة جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، البالغ عددها 193 دولة، لحضور الاجتماع. وقال دبلوماسي فرنسي إن من المتوقع حضور نحو 40 وزيرًا، أما الولايات المتحدة وإسرائيل فهما الوحيدان اللذان يقاطعان الاجتماع.
تعارض الحكومة اليمينية الإسرائيلية الحالية مبادرة حل الدولتين، بينما تعتبر الولايات المتحدة الاجتماع معرقلًا لجهودها الرامية إلى إنهاء الحرب في غزة. وتريد فرنسا والسعودية تسليط الضوء على حل الدولتين، باعتباره الطريق الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق السلام، وبدء مناقشة الخطوات اللازمة لتحقيقه.
وكان من المقرر أن يُعقد الاجتماع في أواخر حزيران، وتم تأجيله وخُفّض مستواه من اجتماع لقادة العالم يدوم أربعة أيام، وذلك وسط تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، بما في ذلك الحرب التي استمرت 12 يومًا بين إسرائيل وإيران، والحرب الجارية في غزة.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، في مقابلة على قناة CBS، الأحد: «من الضروري تمامًا إعادة إطلاق العملية السياسية، عملية حل الدولتين، التي أصبحت اليوم مهددة، مهددة أكثر من أي وقت مضى».
في حرب الشرق الأوسط عام 1967، احتلت إسرائيل الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة. ويطالب الفلسطينيون بهذه الأراضي لإقامة دولتهم المستقلة بجانب إسرائيل، ويُعد هذا الأساس لحل الدولتين، الذي كان محور مفاوضات السلام منذ تسعينيات القرن الماضي. صرّحت فرنسا والسعودية أنهما ترغبان في تسليط الضوء على حل الدولتين باعتباره المسار الوحيد القابل للتحقيق لترسيخ السلام في الشرق الأوسط، وتسعيان إلى وضع خارطة طريق بخطوات محددة تبدأ بإنهاء الحرب في غزة. ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى تحرك أوسع نحو حل الدولتين، وأعلن في وقت متأخر من يوم الخميس أن فرنسا ستعترف رسميًا بدولة فلسطين خلال اجتماع الجمعية العامة السنوي لقادة العالم في الأمم المتحدة في أواخر أيلول.
وقد اعترفت نحو 145 دولة بدولة فلسطين، لكن إعلان ماكرون، عشية الاجتماع، وفي ظل الغضب العالمي المتزايد بسبب وفاة مدنيين في غزة نتيجة الجوع، يجعل فرنسا أهم قوة غربية تُقدِم على هذه الخطوة.
وأدان نتنياهو إعلان ماكرون بشأن الاعتراف بدولة فلسطين، واصفًا إيّاه بأنه «يكافئ الإرهاب». أما الفلسطينيون فيتهمون إسرائيل بإفشال جهود السلام المتكررة من خلال توسيع المستوطنات في الضفة الغربية والتهديد بضمّ الأراضي، ما يُقوّض فرص قيام دولة فلسطينية متواصلة جغرافيًا.
وقال أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن هذا الاجتماع سيمثل تمهيدًا لقمة رئاسية مرتقبة في أيلول، والتي ستُعقد إما في فرنسا أو على هامش اجتماعات الأمم المتحدة رفيعة المستوى، بحسب دبلوماسيين أمميين. وأضاف مجدلاني أن الفلسطينيين لديهم عدة أهداف، أبرزها إطلاق عملية سياسية دولية جادة تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية.
كما يسعى الفلسطينيون إلى نيل المزيد من الاعترافات الدولية بدولتهم من دول كبرى مثل بريطانيا، ولكن من المتوقع أن يحدث ذلك في أيلول، وليس خلال هذا الاجتماع. وقال أيضًا إنهم يريدون دعمًا اقتصاديًا وماليًا للسلطة الفلسطينية، ودعمًا دوليًا لإعادة إعمار وتعافي قطاع غزة.
وقد وزّع الرؤساء المشاركون وثيقة ختامية يمكن اعتمادها، وقد تصدر بعض الإعلانات حول نوايا الاعتراف بدولة فلسطين. ولكن في ظل غياب إسرائيل والولايات المتحدة، لا يُتوقع حدوث انفراج كبير أو استئناف للمفاوضات المتوقفة منذ فترة طويلة بين الجانبين. وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد دعا، عقب الإعلان عن الاجتماع، إلى «الإبقاء على حل الدولتين حيًا»، وقال إن على المجتمع الدولي ألا يكتفي بدعم حلّ تعيش فيه دولتا فلسطين وإسرائيل جنبًا إلى جنب في سلام، بل يجب تهيئة الظروف اللازمة لتحقيق ذلك فعليًا.
التحرك الفرنسي–السعودي يعكس فقدان الثقة في قيادة واشنطن للعملية السلمية، في حين أن الاعتراف الدولي المتزايد بفلسطين (نحو 145 دولة) يشكّل ضغطًا على الدول الغربية الكبرى الأخرى، مثل بريطانيا وألمانيا، لاتخاذ مواقف أكثر وضوحًا، وقد يكون بداية لتغيير في المشهد الدولي، لا سيما إذا أُتبعت هذه الخطوات بإجراءات ملموسة تضغط على إسرائيل لوقف الاستيطان والقبول بالمسار السياسي.
عن وكالات عالمية










