علي إبراهـيم الدليمي
استضاف المركز الثقافي الفرنسي في بغداد، مساء الخميس الماضي، المعرض الشخصي العاشر للفنانة نادية فليح. الذي ضم أحدث تجاربها الفنية التي تتميز بطرحها الفكري العميق، مجسدة على لوحاتها في فن الكرافيك.
تستهل فليح دعوتها بالتأمل قائلة: "أصبح ما يحيط بنا أكبر من أن يُختزل بمسمى أو جملة أو عنوان.. لذا أدعوكم لمشاركتي باقتراح عنوان لما يدور حولنا من أحداث."
وتتساءل الفنانة بدهشة وألم: "كيف لإنسان تعرض لإبادة الهوية والعرق، أن يمارس نفس الفعل على إنسان آخر وبنفس البشاعة؟!!"
في تجربتها الجديدة المعروضة ضمن هذا المعرض، تدين الفنانة نادية فليح بشدة كل عمل إجرامي يرتكب ضد الإنسانية، "في كل مكان وزمان".
نواجه اليوم، نحن والعالم أجمع، فظاعة مجازر إنسانية بشعة ومتواصلة، لا سيما تلك التي تتكشف على الساحة العربية. هذه المشاهد المروعة دفعت الفنانة إلى اختيار عنوان لمعرضها يعكس بوضوح ما يختلج في نفس المتلقي أن يختاره تجاه هذه الجرائم، مستنهضا تعاطفه الإنساني مع ضحاياها.
وتؤكد في كل أعمالها على أن الإنسان هو نفس الإنسان بغض النظر عن انتمائه، بيئته، عرقه، دينه، عمره، أو أفكاره.
وتهدف الفنانة من خلال أعمالها إلى التأكيد على ضرورة إنهاء هذه الأفكار الظلامية ومحوها نهائيا من عقولنا جميعا، لنرسخ بدلا منها الحب والتعاون، ولغة الحوار، والعفو. كل ذلك يجب أن يكون بعيدا كل البعد عن لغة السلاح التي حصدت آلاف الأرواح البريئة، بسبب اختلافات في الجنس والمذهب والدين وغيرها.
تتحدث فليح عن تجربتها هذه: "يتجلى هذا المعرض في ثلاثة منحنيات فكرية تدعو الجمهور للانغماس والتفاعل العميق.
في المحور الأول، أدعو الحضور الكرام إلى المشاركة في صياغة عنوان أو مسمى لهذا العرض، أو للأحداث الجسام التي تلفنا.
ففي خضم الألم والحزن والخوف الذي لا يوصف، أصبحت هذه الأحداث أكبر من أن يختصرها مسمى واحد أو يحصرها عنوان ضيق. لذا، تركت مساحة التعبير وتسجيل العنوان للتفاعل الحر من جانب الجمهور.
أما الاتجاهان الآخران من المعرض، فيحملان في طياتهما ثيمة العرض كمفهوم محوري يستحق التأمل".
وتواصل فليح: هذا هو التساؤل الذي شغلني دوما ويشغل الكثيرين: كيف يمكن لجماعة أو بشر تعرضوا لأبشع أنواع الإبادة العرقية والهوية، وأصبحوا رمزا لانتهاك الإنسانية وعنوانا للرفض، أن يقوموا هم أنفسهم بممارسة هذه الإبادة بنفس البشاعة والوحشية على مجموعة أخرى من البشر؟
الفرق بين الابادتين هو انه في الهولوكوست تم تهجير الالاف من اليهود الى فلسطين لاحتلالها، اما ما يحدث في فلسطين رفضهم الخروج رغم عملية الابادة وتمسكهم بالارض.. وهذا ماعبرت عنه بالجزء الاخر من المعرض في تجسيد مفاتيح العودة.










