المدى/خاص
طرحت تركيا مؤخرًا اتفاقًا جديدًا لتوسعة خط أنابيب النفط الرابط مع العراق، بعد أن ألغت الاتفاقية السابقة بين البلدين، في خطوة تسعى من خلالها إلى رفع قدرة التصدير إلى 1.5 مليون برميل يوميًا. المقترح التركي يعيد ملف تصدير النفط العراقي إلى الواجهة، في وقت يواجه فيه العراق تحديات فنية واقتصادية، ويخضع لقيود منظمة أوبك بشأن سقف الإنتاج والصادرات.
وكان خط أنابيب كركوك - جيهان قد توقف عن العمل منذ أكثر من عام نتيجة الخلافات السياسية بين بغداد وأربيل، والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية جراء العمليات العسكرية، فضلًا عن قرار التحكيم الدولي الذي ألزم تركيا بتعويض العراق بسبب صادرات نفط كردستان دون موافقة الحكومة الاتحادية.
الباحث في الشأن الاقتصادي، ضياء عبد الكريم، يرى أن العراق غير قادر حاليًا على الاستجابة للمقترح التركي، مبينًا أن “الحديث عن تصدير 1.5 مليون برميل يوميًا غير ممكن في الوقت الراهن، بسبب عدم قدرة خط الأنابيب الحالي على استيعاب هذه الكمية، فضلًا عن الحاجة إلى ربطه بمحافظات الوسط والجنوب لتوفير كميات كافية من النفط”.
وأضاف عبد الكريم في حديث تابعته (المدى)، أن “النفط المنتج في إقليم كردستان لا يستطيع تغطية هذه الكميات، ما يعني أن الحكومة ستكون مضطرة لإنشاء امتدادات جديدة للأنبوب حتى بغداد والبصرة، وهذا يتطلب إنفاقًا ماليًا ضخمًا قد لا يكون متاحًا في الوقت الراهن”.
كما أشار إلى أن "التوسع في التصدير سيصطدم بقيود “أوبك+”، التي تفرض على العراق حصة معينة في الإنتاج، وبالتالي فإن رفع مستوى التصدير ليس قرارًا سياديًا خالصًا".
في المقابل، يقدّم الخبير الاقتصادي محمد حافظ قراءة مغايرة للمشهد، معتبرًا أن “العرض التركي قد يشكل فرصة استراتيجية للعراق في حال تم التفاوض عليه بشروط مدروسة”.
وقال حافظ لـ"المدى"، إن “توسعة الخط لا تعني التزامًا فوريًا بكامل طاقته، لكنها تمنح العراق هامشًا للمناورة مستقبلًا في حال قررت أوبك تخفيف قيود الإنتاج، أو تحسّنت ظروف السوق".
وأكد أن "العراق يمتلك مع كردستان قدرات فنية واحتياطية تؤهله لتغذية الخط تدريجيًا، خاصة مع خطط تطوير الحقول الجنوبية”، مشيرًا إلى أن “العرض التركي يمكن أن يكون ورقة تفاوض قوية في أي اتفاق مستقبلي يشمل العوائد المالية وتقاسم الصيانة والسيادة على الخطوط الناقلة".
الخلاف في وجهات النظر بين الخبراء يعكس تباين القراءات للواقع النفطي والاقتصادي في العراق، ومدى قدرة الحكومة على التوفيق بين التزاماتها الدولية ومصالحها السيادية. ففي حين يرى فريق أن المقترح التركي لا يتناسب مع الإمكانات الحالية، يعتبره آخرون فرصة لتعزيز نفوذ العراق النفطي في الإقليم إذا أُحسن استثماره.
يبقى القرار النهائي مرهونًا بحسابات اقتصادية دقيقة، ومسار تفاوضي سياسي معقد بين بغداد وأنقرة، يتقاطع مع مصالح كردستان، ومحددات "أوبك+".










