علي حسين
عادة ما ينتقم السياسي الفاشل من جمهور يرفض تصديق منجزاته "العظيمة"، فتجده يخرج في الفضائيات ليصرخ " "نحتاج إلى قانون حرية التعبير لأن العراق يتعرض إلى مؤامرة خارجية"، في كل يوم يخرج علينا ساستنا الافاضل وهم يرددون الأسطوانة المشروخة من أن البرلمان غير مسؤول عما يجري من كوارث اقتصادية خدمية، لانه ورث جهة تشريعية.
توقع العراقيون أن يدخل بهم الحكام الجدد إلى ثقافة الأوطان والمواطنة، وأن يعاملوهم كمواطنين، لا كأعداء وأن يبدعوا في الإعمار والتنمية، لا في السباق على اصدار قوانين تحسب على الناس انفاسها. عندما تقوم دولة العدالة الاجتماعية، تصبح القوانين لمعونة الناس، وليس لاضطهادها وابتزازها وإذلالها.
لماذا يصرّون على منع الناس من مناقشة القضايا الحقيقية المتعلقة بمستقبلهم واستقرارهم؟ الجواب واضح لأن إزالة الغبار الكثيف الذي يغطي حياتنا السياسية والاقتصادية سوف يكشف للناس أن معركتهم الحقيقية هي مع السذاجة السياسية التي يراد لها أن تسود حياتنا، وان البعض لا يريد للفشل ان يغادر حياتنا.
لماذا يريد منا البرلمان ان نصدق أن قانون حرية التعبير، لا يعني حالة الحصار ضد الاراء التي تخالف توجه ساسة البلاد؟ فماذا يعني يا سادة، والقانون يقول ان المواطن ليس من حقه الاحتجاج والتظاهر السلمي إلا بموافقة رئيس الوحدة البلدية او المحافظ، ماذا يعني ان التظاهرات او الاحتجاجات ضد سوء الادارة والخدمات يجب ان تنطلق في ساعات معينة تحددها الدولة؟! ماذا يعني منع الاعلام من الاقتراب من قلاع مؤسسات الدولة؟ ماذا يعني مراقبة الناس في مواقع التواصل الاجتماعي؟ لعل مما يثير الحيرة ليس اصرار البرلمان على التصويت على هذا القانون، وانما حالة التناقض الواضح لدى السادة النواب، فندهم يتقاتلون في الفضائيات ويتراشقون بأسوء الالفاظ، وبين منع المواطن ان يعبر عن رأيه، ناهيك عن تناقضات أخرى مضحكة بين سيل التصريحات البرلمانية السابقة بخصوص الاستقرار والازدهار الذى يحسدنا عليه العالم أجمع، وبين عصبية بعض السادة النواب وهم يتحدثون عن العواصف والأخطار المحدقة بالبلاد من كل حدب وصوب.
ايها السادة لا تستغربوا محاولة البعض في الضحك علينا بكلمتين حول الحرية والقانون واحترام الرأي الآخر وضمان الحريات، فتلك بضاعة لا ينفد معينها، ثم إنها بضاعة مجانية، لا تتطلب من أصحابها سوى تزويق العبارات وحبكها، وهي الصنعة التي راج سوقها في زمن العجز عن الفعل والاستقواء بالسلاح إذ كما أن هناك من يفصّل القوانين على هواه فهناك أيضا من يجيد تفصيل الخطب لتناسب كل مقام وزمان، لا غرابة في كل ذلك، وإنما الغريب في الأمر أن يتجاهل البرلمان مناقشة قوانين تهم مستقبل العراقيين.










