ترجمة: حامد أحمد
تناول تقرير لمجلة فوربس (Forbes) الأميركية مرور الذكرى الحادية عشرة لجريمة الإبادة الجماعية التي تعرض لها الإيزيديون على يد تنظيم داعش الإرهابي، في وقت ما يزال آلاف منهم في عداد المفقودين، وآلاف آخرون يقيمون في مخيمات، مع ضرورة مواصلة السعي للبحث عن المفقودين وإعادة النازحين إلى مناطقهم، بينما قصّرت العدالة في إنصافهم، فمع رجوع آلاف المسلحين الأجانب من داعش إلى بلدانهم في أوروبا، لم يُحاسب سوى أفراد معدودين منهم بجرائم إبادة جماعية، مما يستدعي التنسيق بين البلدان لملاحقة المتورطين لكي لا يُفسَح المجال أكثر للإفلات من العقاب.
ويشير التقرير الذي أعدته الكاتبة والمحامية إيويلينا أوتشاب إلى أنه في الثالث من آب تحلّ الذكرى الحادية عشرة لجريمة الإبادة الجماعية بحق الإيزيديين، وهي جريمة ارتكبها مسلحو تنظيم داعش ضد أقلية دينية في سنجار. وبعد أكثر من عقد لا تزال تبعات جريمة الإبادة مستمرة، حيث لا يزال أكثر من 2600 امرأة وطفل إيزيدي في عداد المفقودين. ولا تزال العدالة الموعودة غائبة، كما لم تتخذ أي إجراءات أو خطوات جدية لمنع ارتكاب خروقات جديدة بحقهم في المستقبل.
قتل مسلحو التنظيم الآلاف منهم، مستهدفين بشكل رئيسي الرجال وكبار السن من النساء، بينما اختُطف الفتيان لتجنيدهم قسرًا في صفوفه. كما خُطفت آلاف النساء والفتيات وتعرضن للاستعباد الجنسي والعنف. وحتى اليوم، لا يزال أكثر من 2600 امرأة وطفل إيزيدي في عداد المفقودين. شملت جرائم داعش القتل والاستعباد والترحيل والتهجير القسري. وقد سجن التنظيم وعذّب واختطف واستغل واعتدى واغتصب وأجبر النساء على الزواج في جميع أنحاء المنطقة. وفي الأيام التي تلت هجوم سنجار، وسّع داعش حملته الإرهابية لتشمل مجتمعات أخرى في سهل نينوى، ما أدى إلى نزوح 120 ألف شخص في جنح الليل في محاولة يائسة للنجاة.
وكانت الأمم المتحدة وعدة بلدان أخرى، حكومات وبرلمانات، قد اعترفت بأن الفظائع التي ارتكبها داعش ضد الإيزيديين والمسيحيين وغيرهم من الأقليات الدينية تستوفي التعريف القانوني لجريمة الإبادة الجماعية. ومع ذلك، لم يتبع هذا الاعتراف، حسب قول المحامية، أي رد شامل، في تجاهل لالتزامات الدول بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، التي تفرض واجب منع الإبادة وواجب معاقبة مرتكبيها ومن تورطوا بها.
ومن حيث العدالة، لم يُبذل سوى القليل لضمان محاسبة الجناة، بما في ذلك في أوروبا. إذ التحق نحو 5000 مسلح أجنبي بصفوف تنظيم داعش قادمين من بلدان أوروبية مختلفة، وقد عاد نصفهم تقريبًا إلى أوطانهم، ومع ذلك فإن الملاحقات القضائية بحقهم نادرة.
وتشير المجلة الأميركية إلى أن هذا الواقع أوضحه تقرير المقرر الخاص للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا بشأن جلب داعش للعدالة، بيتر أومتزغيت، الذي اعتمدته الجمعية في عام 2022. كما أكده تقرير حديث صادر عن اللجنة المشتركة لحقوق الإنسان في المملكة المتحدة، المكوّنة من أعضاء مجلسي العموم واللوردات، حيث أشار إلى عدم وجود أي إدانة ناجحة في المحاكم البريطانية على الجرائم الدولية التي ارتكبها داعش في سوريا والعراق. وخلص التقرير إلى أن التحقيق والمقاضاة يتطلبان تنسيقًا أفضل، وأن ذلك يستدعي إدخال تغييرات على المنظومة القائمة.
بالمقابل، حققت بعض الدول الأخرى تقدمًا أكبر، مثل ألمانيا وهولندا والسويد. ومن التطورات الأخيرة على صعيد العدالة، حكمت غرفة التحقيق في محكمة استئناف باريس، في 8 تموز 2025، بأن المواطنة الفرنسية سونيا ميجري ستُحال أمام محكمة الجنايات الخاصة بتهم تتعلق بجرائم ارتُكبت ضد المجتمع الإيزيدي، بما في ذلك جريمة الإبادة الجماعية. وتُتهم ميجري بأنها انضمت إلى داعش وشاركت في عمليات في سوريا. ومع ذلك، تبقى هذه الملاحقات القضائية استثناءً لا قاعدة.
من جانبها، علّقت المديرة التنفيذية لمؤسسة الإيزيديين الأحرار، باري إبراهيم، بمناسبة الذكرى الحادية عشرة للإبادة الجماعية بحق الإيزيديين، بقولها: «مرة أخرى، المطلب الأول لمجتمعنا هو تحديد مكان وإنقاذ المفقودين، ما يقرب من 2600 مدني إيزيدي، كثير منهم لا يزالون محتجزين في أجزاء من سوريا وتركيا وأماكن أخرى. وبعيدًا عن ذلك، لا تزال سنجار مدمّرة، ويجب بذل جهود جدية لتمكين سكانها من العودة إلى حياة آمنة وكريمة تأخذ في الاعتبار رفاه الإيزيديين ومصالحهم».
ومضت بقولها: «يجب أن يتم تقديم الجناة إلى العدالة واحدًا تلو الآخر. لكن بدلاً من ذلك، ظلّت العدالة بعيدة عن متناول المجتمع الإيزيدي، وساد الإفلات من العقاب. وعندما يدرك الناس أنهم قادرون على الإفلات بارتكاب الفظائع، فإنهم سيواصلون تكرارها. يجب أن تُرى العدالة قوية، وأن تعلو على الجميع، وخاصة على من ارتكبوا جريمة الإبادة الجماعية ضد شعبنا».
عن مجلة فوربس










