TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: روسو يكتب عن جمهورية الانتخابات

العمود الثامن: روسو يكتب عن جمهورية الانتخابات

نشر في: 6 أغسطس, 2025: 12:07 ص

 علي حسين

ظلّ الكتاب والمفكرون يضربون أخماساً بأسداس وهم يحاولون وضع تصور للدولة العادلة، لم يوفق افلاطون في حل اللغز حتى وهو يخصص للموضوع كتابا بعنوان "الجمهورية" تاركا المهمة لتلميذه النجيب أرسطو الذي كتب مجلدا ضخما أطلق عليه "علم السياسة" وهو الكتاب الذي ترجم للعربية قبل مئة عام من قبل أحمد لطفي السيد.. وعندما أصر أفلاطون على أن يعلم طلبته أن المدن لا يمكن أن تكون أفضل من حكامها، وقف أرسطو ليقول له: الحاكم الحق هو الذي يبني دولته على خصلتين، العقل والعدل.. في مرات عديدة وأنا أسترجع ما قرأته أتذكر دوما ما كتبه جان جاك روسو في اعترافاته: "العدالة، ليست علاقة بين إنسان وإنسان، بل بين دولة ومواطنين، شرط ألا يحول الحاكم الأفراد إلى أعداء بمحض الصدفة" يعلمنا روسو في اعترافاته أن الظلم حين يصبح مألوفا فإنه يزرع الفوضى، ويُغيّب الرحمة.. ويطرد العدالة.
ما الذي علينا أن نتعلمه من روسو، يرشدنا صاحب العقد الاجتماعي إلى أن الامم لا تزدهر في ظل ساسة يعتقدون أنهم وحدهم يعرفون مصلحة البلاد.. فالعدالة الحقة لا مكان لها في ظل مسؤولين يخططون من أجل الوصول إلى درجة من الإيمان بأنه لا خيار أمام الناس سواهم..لأنهم وحدهم يملكون القوة والحزم.. أوهام كثيرة يصر البعض على ترويجها منها المؤامرة على الديمقراطية العراقية.. أو أننا شعب نحتاج الى قوانين مثل قانون حرية التعبير، وقانون الاجتثاث، وقرارات من عينة ما صدر عن مفوظية الانتخابات التي وجدت في المحامية زينب جواد خطرا على امن العراق واستقراره، وكان لا بد من منعها ممارسة حقها في الترشيح للانتخابات، فالكراسي محجوزة لاصحاب المال السياسي. قوانين وقرارات انقرضت من قواميس البلدان التي تسعى للحرية والتنمية.. فالشعوب تعلمت أن لا مكان لسياسي يتحدث وكأنه مبعوث العناية الألهية، وبفضل سنوات التشرد التي عاشها روسو وزملاؤه، ادركت هذه الشعوب ، إن الحل في دولة مؤسسات يديرها بشر يحترمون حقوق من يخالفونهم الرأي.
يحذرنا روسو قبل ثلاثمئة عام من حاكم يصر على أن يصبح بطلا استثنائيا، لا موظفا يُمنح راتباً من خزانة الدولة، ويريد من الناس أن يعيشوا في ظل دولة الخوف من المؤامرات.. يكتب روسو عام 1778 وهو يخط الصفحات الأخيرة من الاعترافات: "الحاكم المستبد لا ينتج سوى الخواء والفوضى والاضطراب، ولا يعطي مواطنيه سوى العبودية والظلم وذل العوز".. أيها الأصدقاء اكرر اقرأوا روسو جيدا وتساءلوا معي: ماذا سيكتب صاحب الاعترافات لو أنه عاش في ظل جمهورية مفوضية الانتخابات حيث لا صوت يعلو على المال السياسي ؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram