علي إبراهـيم الدليمي
عاماً بعد عام، تتجدد ذكرى ميلاد جريدة المدى، ليست مجرد مناسبة رمزية عابرة، بل هي فرصة سانحة للتأمل في مسيرة إعلامية وثقافية استثنائية تركت بصمة عميقة في وجدان المثقفين العراقيين.
منذ انطلاقتها، لم تكن المدى مجرد منبر إخباري، بل تحولت إلى منارة للمعرفة، ومساحة حرة للحوار، ومنصة حقيقية للأقلام المبدعة التي ساهمت في إثراء المشهد الثقافي والصحفي في العراق.
في زمن كان العراق بأمس الحاجة إلى صوت ينقل الحقيقة ويحتضن الإبداع، جاءت المدى لتشكل جسرا يربط الماضي بالحاضر، ويفتح نوافذ على مستقبل أكثر إشراقا. تميزت بجرأتها في طرح القضايا الشائكة، وعمقها في تناول الشؤون الفنية والأدبية، وتركيزها على استعادة التراث الثقافي العراقي الأصيل. كانت صفحاتها مرآة تعكس تنوع المجتمع العراقي وقيمه، وتستقبل مختلف الآراء والأطياف الفكرية دونما إقصاء.
ولعل من أبرز ما يميز المدى هو ذلك الثراء المعرفي الكبير الذي قدمته للقارئ العراقي والعربي.
لم تقتصر على الأخبار اليومية، بل تجاوزتها إلى نشر المقالات النقدية الرصينة، والتحقيقات الصحفية المعمقة، والحوارات مع كبار المفكرين والفنانين والأدباء.
كما لعبت دورا رائدا في إعادة الاعتبار للمثقف العراقي، وتقديم المواهب الشابة، وإلقاء الضوء على الإنجازات الثقافية والفنية التي كانت تضيع في خضم الظروف الصعبة.
إن الاحتفال بذكرى ميلاد جريدة المدى هو احتفال بحرية الكلمة، وقوة الفكر، وأهمية الثقافة في بناء المجتمعات.
هي رسالة تؤكد أن الإعلام الرصين والقائم على المعرفة هو أساس التنمية والتقدم. واليوم، وبعد كل هذه السنوات، ما زالت المدى حاضرة بقوة، محافظة على مكانتها كواحدة من أهم المؤسسات الثقافية والصحفية في العراق، ومواصلة لمسيرتها في تقديم كل ما هو جديد ومفيد ومؤثر.










