ذي قار / حسين العامل
دعا ناشطون ومختصون في محافظة ذي قار الى تبني برامج توعوية واقتصادية فاعلة لتصحيح افكار اتباع الحركات الدينية المتطرفة، مبينين ان اقتصار المعالجات على العقوبات الجنائية لا يحد بصورة كبيرة من انتشار تلك الأفكار، مشددين على أهمية اشراك المؤسسات الاكاديمية والدينية والمجتمعية في محاربة التطرف.
يأتي ذلك على خلفية اصدار محكمة جنايات ذي قار، حكماً بالسجن المؤبد بحق "مدان ينتمي لجماعة القربان، اذ ذكر القضاء في بيان صدر عنه مؤخرا وتابعته (المدى) أن "محكمة جنايات ذي قار أصدرت حكماً بالسجن المؤبد بحق مدان ينتمي لجماعة القربان المنحرفة"، مبينا أن "المدان والذي يحمل فكراً دينياً منحرفاً أقدم على تحريض أحد المواطنين على الانتحار"، وأشار إلى أنه "تم إصدار الحكم بحقه وفقاً لأحكام المادة 406/ 1/أ من قانون العقوبات وبدلالة مواد الاشتراك 47 و48 و49 واستدلالاً بأحكام المادة 132 / 1 منه".
وتعليقا على ذلك قال عضو اللجنة الفرعية لمكافحة التطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب في ذي قار علي عبد الحسن الناشي لـ(المدى) ان "العقوبة قد تكون رادعة للفرد من اتباع الحركات المتطرفة دينيا غير ان العقوبات لوحدها غير كافية للحد من مخاطر الأفكار المتطرفة"، مؤكدا "ضرورة اعتماد برامج توعوية وتنويرية فاعلة تعتمد الحوار وحجة الاقناع لتصحيح القناعات التي يتبناها اتباع الحركات المغالية".
ويرى الناشي الذي يترأس ايضا منظمة التواصل والإخاء الإنسانية في محافظة ذي قار ان "احكام السجن من شانها ان تحد من نشاط الفرد المتطرف فقط فيما أفكاره تكون غير مقيدة وقد تعبث بقناعات الاخرين ما لم يتم تصحيحها ومقارعتها بالحجة والاقناع"، مشددا على "أهمية اعتماد معالجات أخرى داعمة للجانب التوعوي تتمثل بمعالجة المشاكل الاقتصادية والامية والبطالة التي قد تدفع البعض للانغماس في نشاط تلك الحركات".
ويجد عضو اللجنة الفرعية لمكافحة التطرف العنيف ان "تفعيل البرامج التوعوية في المناطق التي تشهد نشاطا ملحوظا للجماعات والحركات المتطرفة يمكن ان يكون أكثر جدوى من استهداف مناطق اخرى".
واسترسل ان "الحركات المتطرفة غاليا ما تستهدف افراد من الشرائح الفقيرة والبطالة وغير المتعلمين وكذلك من يعانون من ازمات نفسية "، مبينا ان "ضعف الوعي عامل أساسي في عملية تجنيد الاتباع لدى تلك الحركات".
ولفت الناشي الى أن "لجنة مكافحة التطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب تبنت مؤخرا عدد محدود من ورش العمل والندوات التوعوية غير ان هذا غير كافٍ ويتطلب المزيد من البرامج في هذا المجال وبمشاركة واسعة من المؤسسات المجتمعية والاكاديمية والدينية "، مشددا على ضرورة تكثيف الجهود الحكومية والمجتمعية للحد من المغالاة والتطرف الفكري والديني".
وحذر الناشي من مخاطر نشاط الجماعات والحركات المتطرفة ولاسيما تلك التي تدفع باتباعها الى الانتحار تحت تأثير التطرف الديني.
من جانبه، كشف أحد الناشطين المعنيين بمتابعة نشاط الحركات الدينية المتطرفة ان "حركة القربان او (العلي اللاهية) تستخدم القرعة لتقديم القربان ومن يقع عليه الاختيار عليه ان يقوم بالانتحار وإلا يُقتل حال تراجعه عن ذلك"، مؤكدا تعرض أكثر من شخص للتهديد والملاحقة عند تراجعه عن تنفيذ تعهده بالانتحار".
ويجد الناشط المدني الذي فضل عدم الافصاح عن اسمه ان "معظم افراد الحركة هم من الاميين والمتسربين من المقاعد الدراسية او العاطلين عن العمل الذين يمرون بحالة يأس واحباط في حياتهم"، مبينا "انهم يدعون الشخص اليائس من الحياة للانضمام لهم ومن ثم اقناعه بلا جدوى الحياة وان الخلاص هو الافضل عبر تقديم نفسه كقربان (مقدس) يضمن له الخلود ورفاهية الجنة في الحياة الاخرة".
ويرى ان "انتشار جماعة القربان يجري عبر استغلال المناسبات الدينية واللقاءات المباشرة خلال مواكب الزيارات الدينية حيث يستهدفون افراد معظمهم من غير البالغين وبأعمار من 14 – 17 عاما ومن الاميين وغير الواعين وذلك عبر استدرار عواطفهم واستغلال اندفاعهم وحبهم لآل البيت ولاسيما الامام علي بن ابي طالب (ع)".
وتشير تقارير إلى أن "العلاهية"، ويطلق عليها أيضا اسم "القربان"، حركة ظهرت في البصرة وذي قار مطلع عام 2020، أسسها شخص مُقيم في إيران يُدعى المولى، وباتت تعرف اليوم بالعلاهية، ويتوزع أتباعها المقدرة أعدادهم بنحو 2500 شخص في محافظات جنوب العراق، وتوجد مقاطع فيديو تظهر نشاط هذه الحركة أثناء أيام محرم وهم يذكرون بأن “علي هو الله”، ولهم لطمية تتضمن عبارات من قبيل: “منو كايل علي الله.. علي خالق ألف الله”.
وكان جهاز الامن الوطني اعلن في أواخر حزيران 2024 اعتقال 31 متهما بالانتماء لحركة القربان المتورطة بدفع اتباعها للانتحار، فيما حذر ناشطون في ذي قار من اتساع نشاط الحركة المذكورة التي تسببت بانتحار 7 اشخاص في ذي قار خلال النصف الاول من عام 2024، داعين المرجعية والجهات الحكومية الى التدخل لتصحيح افكار الحركات الدينية المتطرفة.
يشار الى ان مكتب مفوضية حقوق الانسان في ذي قار كشف في أواخر حزيران 2025 عن اثر نشاط الحركات المتطرفة العلي اللاهية أو (القربان) واسباب اخرى في رفع معدلات الانتحار، مشيرا الى رصد 3 الى 5 حالات انتحار جرت بتأثير الافكار المتطرفة من بينها حالتان في قضاء سوق الشيوخ معقل حركة القربان او العلي الالهية في محافظة ذي قار.










