متابعة المدى
شدد قادة الاتحاد الأوروبي، امس الثلاثاء، على حق أوكرانيا في "اختيار وتقرير مصيرها"، وذلك قبل ثلاثة أيام فقط من اجتماع قمة يجمع بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين للتوصل الى اتفاق ينهي الحرب الدائرة بين موسكو وكييف.
وأعلن ستة وعشرون من رؤساء الدول والحكومات الأوروبية، في بيان، ان على الاوكرانيين ان يتمتعوا بحرية تقرير مستقبلهم، وان أي حل دبلوماسي يجب ان يحمي مصالح أوكرانيا وأوروبا.
وقد دعا ترامب للاجتماع، يوم الجمعة المقبل مع بوتين الى ولاية ألاسكا لمحاولة انهاء الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات، لكن لا الاتحاد الأوروبي ولا أوكرانيا تمت دعوتهما.
وقال القادة: " لا يمكن ان تجري مفاوضات جادة الا في سياق وقف إطلاق نار أو خفض وتيرة الاعمال القتالية، نحن نتشارك القناعة بان الحل الدبلوماسي يجب ان يحمي المصالح الأمنية الحيوية لأوكرانيا وأوروبا." وقد اُقر البيان مساء الاثنين الماضي ونُشر يوم الثلاثاء، بدعم جميع قادة دول الاتحاد الأوروبي باستثناء المجر. ورحب القادة في بيانهم " بجهود ترامب لإنهاء الحرب." لكنهم شددوا على ان مسار السلام في أوكرانيا " لا يمكن ان يُقرر من دون حضور أوكرانيا." مشيرة الى ان سلاما عادلا ودائما يجلب الاستقرار والامن يجب ان يتماشى مع القانون الدولي وان لا يغير الحدود الدولية بالقوة.
اجتماع استطلاعي
وصف ترامب الاثنين الماضي قمته المقبلة بأنها " اجتماع استطلاعي " لمعرفة أفكار بوتين بشأن انهاء الحرب في أوكرانيا.
وقال ترامب "سنرى ما في جعبته، وإذا كانت صفقة عادلة، فسأكشفها لقادة الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو وكذلك للرئيس زيلينيسكي. قد أقول حظا سعيدا، استمروا في القتال. او قد أقول، يمكننا ابرام صفقة."
واشترط الكرملين، كشرط مسبق للتوصل الى تسوية سلمية، ان تسحب كييف قواتها من عدة مناطق تقول موسكو انها متواجدة بها، وان تقبل بمطالب واسعة النطاق، بما في ذلك الالتزام بالحياد والبقاء خارج حلف الناتو، والامتناع عن الحصول على دعم عسكري أميركي أو أوروبي.
زيلينسكي من جانبه رفض تماما التخلي عن أي ارض من بلاده سيطرت عليها روسيا. اما ترامب، الذي انتقد الرئيس الاوكراني علنا خلال اجتماع في البيت الأبيض في شباط الماضي، فقال إنه "منزعج قليلا" من موقف زيلينسكي، وأصر على أن تبادل الأراضي سيكون ضروريا.
لكن ترامب أضاف أنه سيقول أيضا لبوتين " عليك ان تنهي هذه الحرب."
وبينما يخشى القادة الاوروبيون في الخفاء من ان يتعالون بوتين مع ترامب لرفض تنازلات غير مقبولة، يخططون لاجراء محادثات منفصلة اليوم الأربعاء مع كل من زيلينسكي وترامب.
وقد دعا المستشار الألماني فريريش ميرتس كلا من القادة الفرنسيين والبريطانيين وغيرهم من الزعماء الأوروبيين، إضافة الى رؤساء الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، للانضمام الى محادثات افتراضية يوم الأربعاء.
وقال مكتب ميرتس، يوم الاثنين الماضي، ان القادة سيناقشون "خيارات إضافية والتحضير لمفاوضات سلام محتملة والقضايا المتعلقة بالمطالب الإقليمية والامن."
وقف إطلاق النار أولا
عقد وزراء خارجية الاتحاد الا وروبي اجتماعا في بركسل يوم الاثنين الماضي مع وزير الخارجية الاوكراني أندري سبيها، وبحثوا أيضا فرض حزمة جديدة من العقوبات على روسيا.
من جانب آخر، فان بوتن لم يُظهر علنا أي مؤشرات على التراجع عن مطالبه القصوى التي تشمل انهاء طموحات أوكرانيا في الانضمام للناتو، ونزع سلاحها، وإقرار كييف رسميا بسيادة روسيا على جميع الأراضي التي تطالب بها موسكو حتى لو لم تسيطر عليها بالكامل.
واعترف سيرغي ماركوف، المحلل في الكرملين والمتحدث السابق لبوتين، بان القيام بخطوات كبرى من جانب بوتين أمر غير مرجح نظرا لما يراه تفوقا ميدانيا روسيا.
ومع ذلك، قال ماركوف ان بوتين سيبحث عن عروض قد تقنع ترامب بانه يقترب من تحقيق هدفه بوقف اطلاق النار.
ومضى بقوله " أعتقد أن هناك نوعا من إمكانية ان يقدم بوتين هدية صغيرة لترامب ليبقيه في عملية السلام."
من العقوبات الى القمة
رحب الروس عموما بأخبار قمة ألاسكا، والتي يبدو انها أجّلت على الأقل تهديد ترامب بفرض عقوبات ثانوية ضخمة ورسوم جمركية على معظم صادرات الطاقة الروسية. وكان ترامب قد اعلن عن مهلة حتى 8 آب لروسيا لإنهاء الحرب أو مواجهة عقوبات اقتصادية.
وبدلا من ذلك، سيعقد بوتين أول قمة مع زعيم أميركي منذ عام 2021، عندما حاول الرئيس آنذاك جو بايدن إقناعه بسحب قواته قبل أن تتحول الأمور الى أكبر حرب برية في أوروبا منذ جيل.
في موسكو، قال انصار بوتين ان الزعيم الروسي أخرج ما يشبه الارنب من قبعة دبلوماسية.
وكتب، يوري بودولياك، أحد المدونين الموالين للحرب: "في رأيي، ما اظهره فلاديمير بوتين لم يكن أقل من درس متقن في الدبلوماسية. قلة قليلة من الناس هذه الأيام يعرفون كيف يخرجون من موقف صعب كهذا."
وأشار في مقال بصحيفة موسكوفسكي كومسوموليتس، اليومية بقوله " بشكل عام، مجرد عقد القمة في ألاسكا من دون زيلينسكي ورعاته الأوروبيين، يُعد انتصارا دبلوماسيا كبيرا. "
وتابع في مقاله " اختيار ألاسكا اختيار ممتاز! فبدون دعوة خاصة، لن يتمكن زيلينسكي أو أوروبا من تعطيل سير المحادثات."
عن وكالات عالمية










