TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > كركوك تغرق بالنفايات.. وحلول مؤجلة منذ سنوات

كركوك تغرق بالنفايات.. وحلول مؤجلة منذ سنوات

نشر في: 13 أغسطس, 2025: 12:03 ص

 كركوك/ تبارك عبد المجيد

تواجه مدينة كركوك أزمة نفايات متفاقمة تعكس مزيجاً من التحديات البيئية والمالية والإدارية، حيث تكشف شوارع وأحياء المدينة عن مشهد يومي من تراكم القمامة التي تتجاوز 1300 طن يومياً، مع تراجع خدمات النظافة، ما ينعكس سلباً على صحة السكان ونوعية حياتهم.

 

 

وبينما تواصل الحكومة المحلية تنفيذ حملات تنظيف واسعة.
يرى صحفيون وناشطون أن هذه الجهود، رغم أهميتها، لا تزال عاجزة عن تلبية احتياجات جميع المناطق، في ظل استمرار مشاكل مزمنة أبرزها وجود مكب النفايات الرئيسي داخل المناطق السكنية، ونقص الإمكانيات الميدانية، وتعثر مشاريع الحلول الجذرية منذ سنوات.

الحملات ليست كافية!
أكد الصحفي محمد شهيدزادة من كركوك أن الحملات الأخيرة التي نفذتها الحكومة المحلية الجديدة في المدينة تهدف إلى تحسين مستوى النظافة، لكنها ليست كافية لتغطية كافة الأحياء السكنية بشكل يرضي السكان.
وأشار شهيدزادة في حديث لـ(المدى)، إلى وجود أحياء سكنية في كركوك لم تصلها الخدمات بعد، أو وصلت بشكل محدود لا يواكب الاحتياجات الفعلية، حيث ما زالت بعض المناطق تعاني من تراكم النفايات التي تؤثر على البيئة المحيطة وعلى جودة الحياة في المدينة.
واعتبر شهيدزارة مكب النفايات الرئيسي أو الطمر الصحي الموجود داخل أحد الأحياء السكنية الكبيرة في كركوك من أكبر المشاكل البيئية التي يعاني منها سكان المدينة، خاصة بسبب الروائح الكريهة التي تنبعث منه وانتشار الجرذان والفئران التي تمثل خطراً صحياً كبيراً. وأضاف أن الأمراض المنتشرة في تلك المناطق في تزايد مستمر، ما يعكس الأثر السلبي لهذا المكب على الصحة العامة.
وعن الحلول المقترحة، أوضح شهيدزادة وجود خطة قديمة لنقل مكب النفايات هذا من داخل المدينة إلى خارجها، إلا أن المشروع توقف منذ أكثر من تسع سنوات بسبب تعقيدات متعلقة بالأراضي الزراعية وقضايا تتصل بالمادة 140، التي تنظم النزاعات الإدارية في مناطق مثل كركوك.
وأشار إلى أن توقف المشروع أدى إلى استمرار وجود الطمر الصحي داخل المدينة، مما زاد من انتشار الأمراض، والروائح المزعجة، والآفات التي تزعج السكان بشكل يومي.
وأضاف، أن "بعض المناطق الجديدة التي أُدرجت ضمن الخريطة الجديدة للمدينة باتت تستقبل خدمات رفع النفايات بشكل أفضل، لكن رغم جهود الحكومة المحلية في حملات التنظيف، ما زالت النفايات منتشرة في معظم أحياء كركوك".
وتابع شهيدزادة بالقول أن "واقع النظافة في كركوك لا يزال بحاجة إلى جهود مكثفة وحلول جذرية تتجاوز الحملات المؤقتة، تشمل توفير بنية تحتية حديثة للنفايات، وحل مشكلة المكب الرئيسي، بالإضافة إلى معالجة النزاعات القانونية حول الأراضي لتأمين مستقبل صحي وآمن لسكان المدينة".
في ذات السياق، ذكر الناشط المدني عمار المصطفى، رئيس فريق عين الزاب التطوعي للتنمية المستدامة وحقوق الإنسان، إن القطاع البلدي في مدينة الذهب يعاني من تراجع حاد في الإمكانيات والكوادر، مما أدى إلى تدهور واضح في خدمات النظافة وجمع النفايات.
وأضاف المصطفى لـ(المدى)، أن ما كان يعمل قبل أحداث داعش من خلال أربع كابسات وعدد من الآليات مثل القلابات والجرارات، أصبح اليوم محدود جدا، حيث باتت الكابسات تصل لجمع النفايات مرة كل 8 أيام فقط. وأوضح أن "هذا التراجع في الإمكانيات لا يتناسب مع حجم المدينة التي يقطنها أكثر من 30 ألف نسمة، موزعين على ما يقارب 4000 إلى 5000 وحدة سكنية".
وأشار إلى أن قلة الدعم المالي، خصوصا فيما يتعلق بالرواتب، أثر بشكل كبير على عدد الكوادر العاملة، مما جعل عملية جمع النفايات غير كاف، وهو ما يؤدي إلى تراكمها لفترات طويلة تصل إلى 12-15 يوم. وأكد أن "هذا الوضع يشكل كارثة بيئية وصحية، لا سيما أن العديد من السكان لا يستطيعون التعامل مع النفايات بشكل فردي، ما يزيد من احتمالية تلوث سواحل نهر دجلة التي تقع المدينة على ضفافه".
وتابع المصطفى: "التلوث في نهر دجلة وسواحل المدينة بات واضح جدا، حيث توجد كميات كبيرة من النفايات، بما في ذلك الحيوانات النافقة ومخلفات ملوثة، إضافة إلى تصريف مياه الصرف الصحي بشكل مباشر في النهر". ولفت إلى أن هذه الملوثات تؤثر بشكل كبير على الواقع الصحي للسكان، حيث سجلت المدينة أكثر من 100 حالة مرضية مرتبطة بأمراض الكلى، وهو ما يرجع بشكل رئيسي إلى التلوث البيئي في المنطقة.
ودعا المصطفى إلى ضرورة إطلاق حملات تطوعية مدعومة من الحكومة، مشددا على قدرة الشباب المحليين على المساهمة في تنظيف نهر دجلة وسواحل المدينة، ولكنهم بحاجة إلى توفير الآليات اللازمة مثل القلابات والشفلات للتعامل مع حجم التلوث الكبير. وأكد على أهمية التشجير كبديل لإعادة تأهيل المناطق المتضررة وتحسين البيئة الحضرية.
من جانبه، اكد المهندس من بلدية كركوك، توركيش عز الدين ولي، لـ(المدى)، أن البلدية اعتمدت خطة جديدة تقوم على تقسيم المدينة إلى قسمين رئيسيين لتسهيل أعمال التنظيف ورفع كفاءتها.
القسم الأول، أو ما يعرف بالصوب الكبير، يضم مناطق مستشفى أزادي، شورجة، القادسية، حي العسكري، بينما يشمل الصوب الصغير طريق بغداد، حي القدس، حزيران، وعدداً من الأحياء الأخرى. وتم تكليف شركتين أهليتين للإشراف على تنظيف كل جهة، وذلك من خلال تعاقدات جرت عبر مجلس المحافظة.
وأوضح ولي، أن "فرق التنظيف باشرت عملها منذ مطلع العام الجاري، وتمكنت حتى الآن من معالجة اكثر من 70 % من مشكلة النفايات، بفضل التعاون مع المحافظة ودعم كوادر البلدية". وبين أن الأعوام الماضية كانت مليئة بالتحديات نتيجة غياب الميزانية، ما أجبر الفرق على الاكتفاء بالإمكانيات المحدودة، غير أن تخصيص موارد مالية جديدة هذا العام وتوفير كوادر إضافية أسهما في تسريع وتيرة العمل وتحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram