بغداد/ محمد العبيدي
رغم تعهده منذ الأيام الأولى لتشكيل حكومته بإجراء تقييم شامل لأداء الوزراء وتغيير "غير المؤهلين"، يجد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني نفسه أمام جدار سياسي صلب يعرقل تنفيذ التعديل الوزاري الذي وضعه ضمن برنامجه الحكومي.
هذا التعديل، الذي استند إلى عملية تقييم شاملة شملت الوزراء والوكلاء والمديرين العامين والمستشارين، تعطل بفعل حسابات الكتل السياسية التي تُصر على حماية حصصها الوزارية في إطار المحاصصة الحزبية والطائفية.
وخلال المؤتمر الأول لتقييم الأداء الحكومي في بغداد، كشف السوداني أن لجاناً متخصصة من مكتبه، بالتعاون مع الجهات الرقابية وأساتذة الجامعات، نفذت 1135 عملية تقييم نصف سنوية على مستوى المديرين العامين، أسفرت عن إعفاء 41 مديراً عاماً وإنهاء تكليف 89 آخرين كانوا يعملون بالوكالة.
كما جرى استكمال تقييم 52 وكيلاً و12 مستشاراً، فيما أقر مجلس النواب تثبيت عدد منهم في خطوة وُصفت بأنها غير مسبوقة منذ عام 2003.
وأشار السوداني إلى أن لجنة التقييم أوصت بشمول ستة وزراء بالتعديل الوزاري، بينهم أربعة أُحيلوا إلى القضاء بسبب شبهات فساد في أدائهم، مؤكداً أن الحكومة “لم تتلكأ” في تنفيذ التعديل المدرج ضمن برنامجها، وأن الهدف كان إصلاح مؤسسات الدولة ورفع كفاءة أدائها.
لكنه أوضح أن هذه التوجهات اصطدمت برفض سياسي حال دون المضي في التغيير، مضيفاً أن "إصلاح مؤسسات الدولة لا يمكن أن يتم دون أدوات فاعلة وناجحة، وأن الحفاظ على وزراء غير قادرين على الأداء المطلوب يضر بسمعة الحكومة ويضعف ثقة الشارع بها".
لا جدوى من التعديل
ويقول النائب عن ائتلاف دولة القانون، عقيل الفتلاوي، إن "التعديل الوزاري الذي وعد به السوداني أصبح من الماضي".
وأضاف الفتلاوي لـ(المدى)، أن "هذا الملف لم يعد مطروحاً داخل الأروقة السياسية أو البرلمانية أو حتى داخل الحكومة نفسها"، مبيناً أن "السبب الأساسي هو غياب الإرادة السياسية الداعمة له، فالأغلبية الساحقة من الكتل ترفض التعديل حفاظاً على حصصها الوزارية ومكاسبها السياسية، وأيضاً للحفاظ على صورتها أمام جمهورها، خاصة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المقبلة".
وأوضح الفتلاوي، أن "بقاء ثلاثة أشهر على عمر الحكومة يجعل أي تعديل وزاري بلا جدوى عملية، فحتى لو تم استبدال الوزراء الآن، فلن يكون لدى أي وزير جديد الوقت الكافي لوضع خطط أو تنفيذ مشاريع ملموسة قبل نهاية الدورة".
وبحسب مختصين، فإن اقتراب الانتخابات البرلمانية المقررة في تشرين الثاني 2025 يزيد من حساسية أي تعديل وزاري، إذ تخشى الكتل فقدان مواقعها أو إضعاف نفوذها قبيل الاستحقاق الانتخابي.
غياب الشفافية
ويرى المحلل السياسي نزار حيدر، أن "الحديث عن تعديل وزاري في حكومة السوداني يكشف حقيقة التوازن القائم بين الحكومة والكتل السياسية”.
وقال حيدر في حديث لـ(المدى)، أنه "منذ تشكيل الحكومة، كان السوداني يؤكد أن الوزراء هم من اختياره الشخصي بعد أن خضعوا لاختبارات دقيقة عبر لجان خاصة، وأنهم لا يمثلون أحزاباً أو كتل سياسية".
وأضاف أن "الأخطر من ذلك هو أن غياب الشفافية في إعلان أسماء الوزراء المتهمين بالفساد يضعف ثقة الشارع بمنظومة المحاسبة التي يجب أن تكون ركيزة أساسية في أي نظام سياسي".
ويثير توقيت طرح التعديل الوزاري تساؤلات حول الدوافع في هذه المرحلة؛ فبينما يصر رئيس الوزراء على أن التعديل ضرورة لاستكمال برنامجه الحكومي وإصلاح الأداء، يرى بعض المراقبين أن إحياء الملف في هذا التوقيت قد يكون مرتبطاً برغبة في إعادة ترتيب موازين القوى داخل الحكومة قبل الانتخابات، أو إرسال رسائل ضغط للكتل السياسية بشأن ملفات الفساد والأداء.
التعديل الوزاري في مهب الرياح.. حكومة السوداني تقترب من نهايتها دون تغييرات

نشر في: 13 أغسطس, 2025: 12:16 ص









