ثائر صالح
الحلقة السادسة:
مدينة هاله
زرت مدينة هاله لمعاينة معالمها الموسيقية، وهي ثاني أكبر مدينة في ولاية زاخسن - آنهالت لكنها تشكل مع مدينة لايبسِج (ولاية زاخسن) مركزاً حضرياً اقتصادياً مهماً في ما كان يعرف بجمهورية ألمانيا الديمقراطية، فالمدينتان تشتركان في مطار يقع بينهما، ولا يفصلهما سوى أقل من 40 كم. تعرف المدينة باسم هاله (زاله) ارتباطاً بنهر زاله الذي يصب في نهر ألبه لتمييزها عن ثلاث مدن أخرى تحمل نفس الاسم في ألمانيا.
هدفي كان زيارة بيت هندل الذي ولد في المدينة سنة 1685 وبيت ڤلهلم فريدمان باخ (1710 - 1784) الذي عمل فيها لفترة 18 سنة، وكذلك زيارة كنيسة السوق التي عمل فيها عدد من الموسيقيين الألمان المشهورين. سرت من محطة القطار إلى مركز المدينة عبر شارع لايبسِج الذي طغت عليه المحال السورية من مطاعم وبقالات وحلاقين، ثم مررت عند كنيسة أولريخ التي حولت إلى قاعة للموسيقى، وكانت تستضيف بعضاً من نشاطات مهرجان هندل السنوي الذي دام بين 6 - 15 حزيران الماضي. تعود جذور المهرجان إلى القرن التاسع عشر، وقدمت أوبرات وأعمال هندل ضمن مهرجان هندل في هاله منذ 1922 حتى بدأ تنظيم مهرجان هندل في المدينة بشكله الحالي في 1952. واعتاد المهرجان توزيع "جائزة هندل" سنوياً، وقد حصلت عليها هذا العام 2025 فرقة مهرجان هندل هاله التي أسسها المايسترو الانكليزي المعروف هوارد آرمان في 1993 لتقدم أعمال هندل وفق الأداء التاريخي، مع توكيد على تقديم أعماله الأوبرالية.
أول ما صادفني عند دخولي ساحة السوق الرئيسية هو تمثال هندل البرونزي الذي ضاع واختفى بين أكشاك الباعة المؤقتة، قبل أن أقترب من البرج الأحمر وكنيسة السوق. عمل في هذه الكنيسة المتميزة كمدير للموسيقى لمدة عامين أول أشهر الموسيقيين الألمان وهو صامويل شايت (1587 - 1654) الذي أدخل الأسلوب الموسيقي الإيطالي الأنيق على الأسلوب الألماني الثقيل. عمل في الكنيسة كذلك المؤلف وعازف الأورغن فريدريش فيلهلم تساخو (1663 - 1712) الذي كان أستاذ هندل اليافع في هاله، وكذلك ابن باخ، ڤلهلم فريدمان الذي شغل منصب مدير الموسيقى في الكنيسة بين 1746 - 1764 حيث ألف عدداً من الكانتاتات لم يبق منها سوى نحو 20. ولا يفوتنا ذكر قيام باخ الأب بفحص آلة الأورغن الجديدة في هذه الكنيسة سنة 1716 قبل البدء باستعمالها. ويذكر أن باخ قام بفحص نحو 18 من أدوات الأورغن الجديدة في عدد من المدن في ألمانيا.
يبعد بيت هندل حوالي ثلاث دقائق عن الكنيسة، وقد جرى تحويله إلى بيت تذكاري ومتحف ومركز أبحاث أكاديمي ومكتبة (أرشيف). تدير المتحف والبيت مؤسسة بيت هندل، وهي تدير كذلك بيت ڤلهلم فريدمان باخ الذي حول إلى بيت تذكاري هو الآخر. نجد في البيتين التذكاريين الكثير من المعلومات عن الموسيقيين وبعض الأدوات الموسيقية التاريخية بالإضافة إلى لوحات زيتية، بينها لوحة بورتريه لهندل من 1730، وأشهر بورتريه لڤلهلم فريدمان باخ تصوره مبتسماً معتمراً قبعة كبيرة ومتدثراً بمعطف فراء جميل.
موسيقى الاحد: سياحة موسيقية في ألمانيا

نشر في: 17 أغسطس, 2025: 12:01 ص









