بغداد/ يمان الحسناوي
في خطوة وصفت بأنها إعادة تموضع أكثر من كونها انسحابًا كاملاً، تستعد قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمغادرة مواقعها في قاعدة عين الأسد ومطار بغداد وقيادة العمليات المشتركة، لتنقل وجودها العسكري إلى إقليم كردستان، ابتداءً من سبتمبر المقبل، تنفيذًا لاتفاق مشترك بين بغداد وواشنطن.
وبينما يرى البعض أن هذه التحركات تأتي انسجامًا مع التفاهمات الموقعة سابقًا، يعتبر آخرون أن ما يجري يندرج في إطار الاستعداد لاحتمالات تصعيد إقليمي وشيك، وسط تزايد التوتر بين إيران وإسرائيل، ما يجعل العراق، بما يضمه من قواعد أمريكية، جزءًا من "المعادلة الساخنة" في المنطقة.
تفاصيل الانسحاب وجدول التنفيذ
مصدر حكومي عراقي كشف، أن انسحاب قوات التحالف من بغداد وقاعدة عين الأسد سيتم خلال سبتمبر/ أيلول المقبل، مؤكّدًا أن عملية الانسحاب لا تشمل المدربين العسكريين الذين سيبقون في البلاد.
الى ذلك، أعلن مستشار رئيس الوزراء حسين علاوي أن مهمة التحالف الدولي في بغداد وقاعدة عين الأسد ستنتهي رسميًا في سبتمبر 2025، مؤكدًا التزام الحكومة بمنهاجها القائم على بناء القوات المسلحة العراقية وإنهاء المهام القتالية للتحالف الدولي. وقال علاوي، إن "الحكومة العراقية ملتزمة بالمنهاج الحكومي عبر بناء القوات المسلحة، ونقل العلاقات الأمنية مع دول التحالف إلى علاقات دفاعية ثنائية مستقرة، تحكمها الأطر السياسية والاقتصادية والثقافية".
وأشار إلى أن الاتفاق بين العراق ودول التحالف يتضمن سقفًا زمنيًا يمتد حتى 2026، ويتضمن مرحلتين: المرحلة الأولى (سبتمبر 2024 – سبتمبر 2025): تشمل انسحابًا من بغداد والقواعد الاستشارية.
اما المرحلة الثانية المُحددة بـ"(سبتمبر 2025 – سبتمبر 2026)"، فأنها تشمل الانسحاب من إقليم كردستان، وعلى رأسها قاعدة عين الأسد ومقر البعثة في بغداد، بحسب المستشار الحكومي. وأوضح علاوي أن هذه المرحلة ستعزز الشراكة الأمنية المستقبلية في مجالات المشورة وبناء القدرات، وتقوم على علاقات ثنائية طبيعية، مثل تلك التي كانت قائمة قبل سقوط الموصل عام 2014.
من جانبه، أكد وزير الدفاع ثابت العباسي، في حوار متلفز، أن وجود قوات التحالف في سوريا "أمر مطلوب"، مبينًا أن: "أمن العراق جزء لا يتجزأ من أمن سوريا".
وأضاف: "التنسيق الأمني والعسكري مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لا يزال قائمًا، ولم تتلقَّ بغداد أي إشعار رسمي بشأن تغيير جداول انسحاب قوات التحالف من سوريا أو العراق".
الى ذلك، رأى الباحث في الشأن الأمني مخلد حازم أن هذا الانسحاب جاء نتيجة لمباحثات سابقة جرت بين اللجنة العسكرية العليا الأمريكية ورئاسة أركان الجيش العراقي، لكنه أشار إلى أن هذه المباحثات لم تُستكمل بشكل نهائي، وتأجل الإعلان عن نتائجها بفعل تعقيدات سياسية وأمنية، منها أحداث 7 أكتوبر التي أسهمت في تأخير الانسحاب.
وقال حازم خلال حديثه لـ(المدى)، إن التوافق جرى على أن يكون الانسحاب في سبتمبر 2026، وتحديدًا من قاعدة عين الأسد، التي تُعدّ أكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط.
وأشار إلى وجود علامات استفهام حول الخطوة الأمريكية، مرجحًا ارتباطها بمعطيات ميدانية تتعلق باحتمالات مواجهة إيرانية – أمريكية – إسرائيلية، وأن تقليص الوجود في عين الأسد قد يكون إجراءً استباقيًا لأي تصعيد.
وأضاف، أن لولايات المتحدة تعتبر العراق مركزًا استراتيجيًا، ولا يبدو أنها تتجه لتخلٍّ نهائي عنه، خصوصًا مع سيطرتها على مفاصل اقتصادية مهمة في البلاد".
واختتم بالتحذير من أن الانسحاب قد يفتح الباب أمام عودة داعش، قائلاً:"الأيام المقبلة قد تحمل متغيرات ميدانية مهمة، وكل السيناريوهات المطروحة تبدو بمثابة خيار (أحلاها مرّ) بالنسبة للعراق".
أما الباحث في الشأن الأمني صفاء الأعسم، فقد شدد على أن الانسحاب الأمريكي لا يعني تخليًا عن العراق، بل هو "تحرك تكتيكي" لإعادة التموضع.
وقال، إن الولايات المتحدة زادت من وجودها العسكري داخل إقليم كردستان، وهذا يعكس أن الانسحاب من بعض المواقع لا يعني تراجع النفوذ الأمريكي".
وأضاف، أن "هناك تقارير تتحدث عن ضربة محتملة بين إيران وإسرائيل خلال شهر أيلول المقبل، والقواعد الأمريكية مثل عين الأسد والحرير ستكون أهدافًا محتملة لأي تصعيد".
ونوّه الأعسم إلى أن هذا الانسحاب التكتيكي يأتي استجابة لحالة التأهب القائمة، مشيرًا إلى أن اتفاقية الإطار الاستراتيجي لا تزال قائمة، وتحكم العلاقة الأمنية بين الطرفين.
وختم تحليله بالقول: "المنطقة اليوم تقف على بركان قابل للانفجار في أي لحظة، والتحركات الأمريكية تعكس سياسة تموضع مرنة استعدادًا لما هو قادم".oil
عين الأسد تخلى والمواجهة تقترب.. واشنطن تغيّر خرائط تمركزها في الشرق الأوسط
أفضل السيناريوهات "مر" على العراق

نشر في: 18 أغسطس, 2025: 12:05 ص









