TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > انفجار سكاني يهدد العراق.. "الهبة الديمغرافية" قد تتحول إلى قنبلة موقوتة

انفجار سكاني يهدد العراق.. "الهبة الديمغرافية" قد تتحول إلى قنبلة موقوتة

نشر في: 19 أغسطس, 2025: 12:11 ص

بغداد/ محمد العبيدي
في بلد تتسارع فيه معدلات الولادة بوتيرة تفوق قدرته على الاستيعاب، يقف العراق اليوم على أعتاب أزمة سكانية خانقة تهدد بتحويل "الهبة الديموغرافية" إلى عبء ثقيل على اقتصاده ومجتمعه.
وقفز عدد السكان إلى أكثر من 45 مليون نسمة، بينما تعجز السياسات الحكومية عن ملاحقة هذا التوسع الهائل، إذ تتسع البطالة بين الشباب، وتتراجع فرص العمل، ويزداد الاعتماد على الاستيراد في ظل اقتصاد ريعي هش يعتمد على النفط وحده.
ومع غياب التخطيط الاستراتيجي وضعف الاستثمار في التعليم والصناعة، تبدو الموارد الوطنية غير قادرة على مواكبة هذا الانفجار الديمغرافي، الأمر الذي يثير مخاوف من تحوله إلى قنبلة اجتماعية قد تنفجر في أي لحظة.
ومنذ ثمانينيات القرن الماضي، ظل العراق بعيداً عن الإحصاءات الشاملة للسكان بفعل الحروب والأزمات الداخلية، بدءاً من الحرب مع إيران، مروراً بغزو الكويت وما تبعه من عقوبات دولية، وصولاً إلى الغزو الأميركي عام 2003 وما رافقه من نزاعات طائفية وهيمنة تنظيم داعش عام 2014.
وهذه الظروف عطلت أي محاولة جدية لإجراء التعداد، قبل أن يعلن في العام 2024 عن إتمام أول إحصاء شامل يشمل جميع المحافظات، بما فيها إقليم كردستان.
ووفقاً للنتائج الأولية، فإن الفئة العمرية بين 15 و64 عاماً تشكل أكثر من 60‌% من السكان، فيما تقل أعمار 36‌% عن 15 عاماً، ما يعني أن العراق دخل مرحلة "الهبة الديمغرافية" التي يُفترض أن تمنحه زخماً هائلاً لتحقيق التنمية إذا ما توفرت إدارة رشيدة.
الشباب فرصة مهدورة
من جانبه، يرى رئيس مركز الأمصار للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية، الدكتور رائد العزاوي، أن العراق يقف على مفترق طرق، فإما أن يحول الكثافة السكانية إلى رافعة للتنمية، أو يتركها تتحول إلى عبء اقتصادي واجتماعي".
وأكد لـ"المدى": "لا شك أن العراق من الدول الأكثر نمواً ديمغرافياً في العالم العربي، ومساحته قادرة على استيعاب هذه الزيادة"، مبيناً ان "النسبة الأكبر من السكان هم من الشباب القادرين على العمل والإنتاج، وهو ما يمنح البلاد فرصاً هائلة إذا ما أُحسن استثمارهم".
وتابع، أن "المشكلة تكمن في البنى التحتية المتهالكة وعدم وجود سياسات تشغيل فعالة، ما يعني الحاجة إلى تطوير التعليم الحديث الذي يتلاءم مع سوق العمل، وتحقيق قفزات نوعية في الصحة والصناعة والزراعة".
وهذا التدهور جعل البلاد رهينة للاقتصاد الريعي المعتمد على النفط بنسبة تفوق 90‌% من الإيرادات، وفي ظل غياب سياسة تعليمية صناعية واضحة، تتسع الفجوة بين سوق العمل وواقع الخريجين، حيث يتكدس الآلاف من الشباب في طوابير البطالة أو يضطرون للهجرة نحو أسواق عمل خارجية.
الخروج من المأزق
ويقول الباحث في الشأن الاقتصادي محمد البغدادي إن "التحدي الأكبر في مواجهة الطفرة السكانية يتمثل في ضعف التعليم والصناعة، فمناهجنا ما زالت بعيدة عن متطلبات سوق العمل، ومدارسنا وجامعاتنا تعاني نقصاً في البنى التحتية والتجهيزات الحديثة، ما يفرز آلاف الخريجين من دون مهارات عملية حقيقية".
وأوضح البغدادي أن "الخروج من هذه الأزمة يتطلب ربط التعليم مباشرة بحاجات التنمية، وإحياء الصناعات الوطنية لتوليد فرص عمل مستدامة"، مشيراً إلى أن " الزيادة السكانية قد تتحول إلى فرصة تاريخية إذا أُحسن استثمارها، لكنها ستبقى عبئاً خانقاً إن استمرت السياسات الحالية".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram