TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > ذي قار تخشى من تحوّل المناطق المنكوبة بسبب التغييرات المناخية إلى ملاذات للعصابات المنظّمة

ذي قار تخشى من تحوّل المناطق المنكوبة بسبب التغييرات المناخية إلى ملاذات للعصابات المنظّمة

حذّرت من استغلال العاطلين عن العمل في الترويج للمخدّرات

نشر في: 20 أغسطس, 2025: 12:04 ص

 ذي قار / حسين العامل

أعرب مسؤولون ومراقبون في ذي قار عن خشيتهم من تحوّل الدور المهجورة إلى ملاذات لأفراد العصابات المنظّمة في المناطق التي شهدت نزوحًا سكانيًا إثر المتغيّرات المناخية، محذّرين في الوقت نفسه من استغلال تلك العصابات للعاطلين عن العمل في الترويج للمخدّرات والنشاطات الإجرامية.

يأتي ذلك في وقت تواجه فيه محافظة ذي قار جملة من التحديات الناجمة عن التغيّرات المناخية وأزمة المياه منذ عدّة سنوات، إذ تعرّضت مساحات شاسعة من مناطق الأهوار في المحافظة إلى الجفاف وتضرّر مئات القرى في الأرياف من شحّ وندرة المياه، ناهيك عن نزوح وهجرة آلاف الأسر من مناطق سكناها، إذ فقد معظم سكان الأهوار والقرى التي تعرّضت للجفاف خلال الأعوام المذكورة مصادر دخلهم المتمثّلة بالزراعة والأعمال الحِرَفيّة وصيد الأسماك وتربية المواشي، فيما تسبّبت العواصف الغبارية وارتفاع درجات الحرارة بخسائر اقتصادية جسيمة ومشاكل صحية أخذت تتفاقم مع ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات تجاوزت فيها نصف درجة الغليان خلال موسم الصيف.
وقال رئيس لجنة أزمة التصحّر والجفاف في محافظة ذي قار، حيدر سعدي إبراهيم، لـ(المدى) إن «محافظة ذي قار سجّلت أكثر من 10 آلاف و200 نازح من مناطق الأهوار والمناطق الريفية التي تعرّضت للجفاف والمتغيّرات المناخية في المحافظة»، مشيرًا إلى أن «تأثير المتغيّرات المناخية وزحف الجفاف بات تهديدًا وجوديًا للسكان المحليين في المناطق المذكورة»، مؤكّدًا أن «الأضرار بلغت مستويات كارثية نتيجة حبس المياه من قبل دول الجوار، خصوصًا تركيا».
وكشف إبراهيم عن أثر الجفاف وشحّ وتلوّث المياه على مختلف جوانب الحياة، ناهيك عن التراجع البيئي وانحسار الغطاء النباتي. مبينًا أن «الآثار الاقتصادية للنزوح كبيرة، إذ تحوّل السكان من منتجين إلى مستهلكين، وتراجعت كميات الأسماك ومنتجات الألبان واللحوم التي كانت ترفد بها الأسواق المحلية».
وأعرب إبراهيم، الذي يشغل أيضًا منصب مستشار محافظ ذي قار لشؤون المواطنين، عن قلقه من أن «تسهم ظاهرة النزوح السكاني في استفحال ظاهرة الاتجار بالمخدّرات»، محذّرًا من إمكانية استغلال عناصر العصابات المنظّمة للنازحين والمناطق المهجورة في عملية الاتجار والترويج للمخدّرات.
ويرى إبراهيم أن «المناطق والدور المهجورة في المناطق النائية يمكن أن تتحوّل إلى بؤر ومحطّات لنقل وتهريب المخدّرات والنشاطات الإجرامية الأخرى في ظلّ غياب الرقابة المجتمعية»، وأضاف أن «فقدان النازحين لمصدر دخلهم من شأنه أن يهيّئ الظروف المناسبة لانخراط بعضهم في النشاطات المشبوهة تحت ضغط الحاجة ومغريات العصابات المنظّمة».
ويرى إبراهيم أن «عمليات النزوح العشوائي يمكن أن تُشكّل مخاطر أمنية داخل المدن التي ينزحون إليها، وذلك لتعذّر إعداد قاعدة بيانات رصينة عنهم أو عن نشاطاتهم السابقة خلال فترة قصيرة».
وعن المعالجات الحكومية لقضايا النازحين قال إبراهيم إن «الحكومة المحلية عملت على شمول المتضرّرين بإعانات شبكة الحماية الاجتماعية، وتنظيم استمارات خاصة بهم وفق المعايير الدولية»، داعيًا الحكومة المركزية إلى إدارة ملف المياه بفاعلية عبر التفاوض المهني مع الجانب التركي، نظرًا لأن الأزمة باتت تمثّل كارثة بيئية. كما حثّ على إشراك المنظمات الدولية والبيئية والإنسانية ذات التأثير الدولي الفاعل في ملف التغيّرات المناخية.
ومن جانب آخر أعرب مراقبون عن استغرابهم من تصامُم المسؤولين والجهات المعنية وتجاهلها لما يُطرَح عن مخاطر التغيّرات المناخية، وأوضح أحد المراقبين لـ(المدى) أن «الجهات المعنية سواء كانت مركزية أو محلية لم تتفاعل بصورة جدّية مع استغاثة السكان المحليين المتضرّرين من جفاف الأهوار والتغيّرات المناخية»، وأضاف «فهي لم تتعاطَ بصورة جدّية مع ما حذّر منه السكان المحليون وما حذّرت منه المنظمات الدولية والمحلية وما أثاره الإعلام حول المخاطر الناجمة عن تجفيف الأهوار وتدهور الإيرادات المائية والأوضاع الاقتصادية في القرى والأرياف»، مشيرًا إلى أن «الحكومة المركزية لم تقدّم الدعم المطلوب للمتضرّرين من التغيّرات المناخية، وهو ما سينعكس سلبًا على مجمل حياتهم وأوضاعهم الاجتماعية».
ويجد المصدر، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أن «الأضرار التي لحقت بالأهوار ومئات القرى في المناطق الريفية نتيجة أزمة وندرة المياه، جعلت من النازحين شرائح هشّة سهلة الانقياد تحت ضغط الحاجة»، واسترسل: «فما حصل من أضرار جسيمة نجم عنه تهديد للمقوّمات الحياتية والنشاطات الزراعية للسكان المحليين، كما تحوّلت أزمة المياه إلى كارثة بيئية واقتصادية للمزارعين والصيّادين والحِرَفيّين ومربّي المواشي».
وكانت إدارة محافظة ذي قار كشفت في (مطلع آب 2025) عن تنسيق مع وزارة الموارد المائية لحفر المزيد من الآبار في المناطق النائية، وذلك لتدارك أزمة المياه وآثار الجفاف في المناطق المذكورة، وفيما أكّدت مديرية الماء الحاجة إلى أعداد كبيرة من الآبار.
كشف انحسار المياه في ناظم البدعة، المصدر الرئيسي لرفد محافظة ذي قار بمياه الشرب، في (أواخر تموز المنصرم) عن أزمة مقلقة وغير مسبوقة أدّت إلى توقف أكبر مشروع ماء يغذّي أكثر من مليوني نسمة في المحافظة المذكورة.
وفي (الأول من شباط 2025) أعلنت الحكومة المحلية في ذي قار عن تراجع مناسيب المياه في نهري الغراف والفرات، وفقدان نحو 50 م³/ثانية من حصتها المائية، وفيما شدّدت على أهمية تأمين كامل الحصّة للمحافظة، أعربت دائرة الزراعة عن خشيتها من تداعيات أزمة المياه على الخطة الزراعية.
وبدورها أبدت جهات حكومية ومنظمات مجتمعية، يوم (4 حزيران 2024)، قلقها من مخاطر تراجع مناسيب المياه في مناطق الأهوار، محذّرة من موجة جفاف ونزوح سكاني وتدهور بيئي قادم يهدّد الثروتين السمكية والحيوانية خلال موسم الصيف.
فيما أعلنت دائرة الهجرة والمهجرين في ذي قار، يوم (28 تشرين الأول 2024)، عن تسجيل نحو 10 آلاف عائلة نازحة من مناطق الأهوار ومناطق أخرى تعرّضت للجفاف والتصحّر والتغيّرات المناخية، أكّدت تقديم معونات إغاثية لـ9600 عائلة من العائلات المذكورة.
وسبق لإدارة محافظة ذي قار أن حذّرت، يوم (22 تشرين الأول 2024)، من كارثة بيئية واقتصادية ناجمة عن شحّ المياه في المناطق الزراعية، وفيما توقّعت تعرّض خمس وحدات إدارية إلى كوارث ونزوح سكاني في حال لم تجرِ المعالجة الفورية لأزمة المياه، طالبت وزارة الموارد المائية بتشكيل غرفة عمليات مشتركة مع المحافظة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram