المدى/خاص
أعلنت وزارة الموارد المائية، اليوم الأربعاء، عن تنفيذها حملة واسعة لاتخاذ الإجراءات القانونية والفنية بحق الآبار والبحيرات المتجاوزة في مختلف المحافظات، مؤكدة أن هذه الحملة تهدف إلى حماية الثروة المائية من الاستنزاف والعبث، فيما حذر خبير بيئي من أضرار خطيرة لهذه الظاهرة على الأمن المائي والبيئي في البلاد.
وقالت الوزارة في بيان تلقته (المدى) إن “الملاكات الحقلية والقانونية رصدت وعالجت (13000) بئر متجاوز ومحفور بصورة غير قانونية منذ عام 2019 ولغاية الآن، وحسب قوانين الهيأة العامة للمياه الجوفية لحفر الآبار، حيث جرى التعامل معها وفق الضوابط والتعليمات النافذة، عبر إقامة دعاوى قضائية بحق المخالفين وردم عدد كبير من الآبار غير المطابقة فنيًا وقانونيًا”.
وأضافت أن “قسماً من الآبار المطابقة للشروط والمحفورة ضمن المناطق المشجعة لاستثمار المياه الجوفية تمت معالجته من خلال استيفاء الغرامات المالية المقررة”، مشيرة إلى أن “الفرق الحقلية، وبإسناد من القوات الأمنية، نفذت حملات لغلق الآبار المتدفقة في محافظتي كربلاء المقدسة والنجف الأشرف، حيث بلغ عددها (61) بئرًا”.
كما أشارت الوزارة إلى أن “ملاكاتها القانونية أقامت أكثر من (600) دعوى قضائية بحق أصحاب بحيرات الأسماك المتجاوزة، فضلاً عن ردم أكثر من (1000) بحيرة مخالفة في محافظات كركوك وصلاح الدين وديالى وكربلاء المقدسة والنجف الأشرف”.
وبيّنت الوزارة أنها “ألغت إجازات عمل عدد من أجهزة الحفر الأهلية لمخالفتها التعليمات أو لممارستها أعمال الحفر دون موافقات رسمية، إضافة إلى ضبط أجهزة حفر مخالفة وفرض غرامات مالية بحق أصحابها”.
وأكدت أن “الهدف من هذه الإجراءات الحفاظ على الثروة المائية ومنع استنزافها، مع التشديد على استمرارها في تنفيذ حملات رادعة بحق جميع المخالفين للتعليمات”.
وفي السياق ذاته، علّق الخبير البيئي محمد الكبيسي على الإجراءات الحكومية قائلاً إن “التجاوزات على المياه الجوفية، سواء عبر حفر الآبار غير القانونية أو إنشاء بحيرات الأسماك دون ضوابط، تمثل تهديداً مباشراً للنظام البيئي الهش في العراق، خصوصاً في ظل التغيرات المناخية وشح الإطلاقات المائية من دول الجوار”.
وأضاف الكبيسي في حديثه لـ(المدى) أن “حفر الآبار العشوائية يؤدي إلى استنزاف غير منظم للمياه الجوفية، ما يسرع من عملية انخفاض مناسيبها ويهدد بجفاف مناطق واسعة كانت تعتمد عليها في الزراعة والشرب، فضلاً عن تسببها بزيادة ملوحة التربة نتيجة السحب المفرط للمياه”.
وأشار إلى أن “بحيرات الأسماك المتجاوزة تمثل مشكلة مزدوجة؛ فهي من جهة تستهلك كميات هائلة من المياه السطحية والجوفية دون تراخيص، ومن جهة أخرى تؤدي إلى تلوث المياه نتيجة استخدام الأعلاف والأدوية بشكل عشوائي، وهو ما ينعكس سلباً على صحة الإنسان والثروة السمكية الطبيعية”.
وحذر الكبيسي من أن استمرار هذه الظاهرة من دون معالجات جذرية “قد يؤدي إلى فقدان العراق لجزء كبير من مخزونه المائي الاستراتيجي خلال السنوات المقبلة، خصوصاً مع زيادة الاعتماد على المياه الجوفية في ظل تراجع مناسيب نهري دجلة والفرات”.
وختم الخبير البيئي بالقول إن “ما تقوم به وزارة الموارد المائية من حملات قانونية وفنية خطوة إيجابية، لكنها تحتاج إلى أن تكون جزءاً من استراتيجية وطنية شاملة لإدارة الموارد المائية، تتضمن رفع الوعي المجتمعي، وتشديد العقوبات بحق المخالفين، وإيجاد بدائل اقتصادية للمزارعين ومربي الأسماك للحد من لجوئهم إلى هذه الممارسات”.
ويضع الملف المائي العراق أمام تحديات كبيرة تتطلب تكامل الجهود بين الحكومة والمجتمع لمواجهة أزمة متفاقمة تهدد الأمن المائي والغذائي معاً.










