ترجمة: عدوية الهلالي
بدأ عرض الفيلم الفرنسي "محاكمة بالنار"، من إخراج أوريليان باير، في دور العرض يوم الأربعاء 13 آب، ويروي الفيلم قصة شاب وشابة يبدو أنهما غير متوافقين. ويُعرّفنا الفيلم على هذا الثنائي المُحب منذ الثواني الأولى. هوغو، البالغ من العمر 19 عامًا، وهو شاب من خلفية الطبقة المتوسطة، يأتي، كما يفعل كل صيف، لقضاء بضعة أيام في منزل العائلة على جزيرة صغيرة في المحيط الأطلسي. ترافقه كوين، خبيرة التجميل المنفتحة من تولون، وهي من خلفية اجتماعية مختلفة.انه ثنائي مثير للاهتمام، نشعر أنه عاطفي وهش في آن واحد حيث يستكشف الفيلم من خلالهما ببراعة الاختلافات الاجتماعية واللغوية والتعليمية.
الفيلم من بطولة أنيا فيرديروسا، النجمة الجديدة التي خطفت الأضواء وتجسد دور (كوين) في الفيلم، والممثل الموهوب فيليكس ليفبفر، الذي ذاع صيته في فيلم "صيف 1985" للمخرج فرانسوا أوزون، ويلعب دور هوغو. ويؤكد الممثل: " قد نتساءل في البداية: كيف وقعت هذه الفتاة في حب هذا الرجل؟ يبدو غريب الأطوار بعض الشيء، وغير جذاب، ويفتقر إلى الثقة بالنفس. لكن هذا هو المثير للاهتمام. ففي اللاوعي، نتخيل أن هؤلاء الفتيات، الجميلات، الواثقات من أنفسهن، واللاتي يتمتعن ببعض الانفتاح، سيتزوجن رجلاً يطابق الصورة النمطية الرجولية للرجل. وهذا مايضيف لمسة من التعقيد إلى هذه الشخصية الأنثوية".ويقول: "إنها معجبة بهذا الرجل ليس لعضلاته أو ثقته المفرطة، بل لحساسيته ونظرته إليها، التي تختلف عن جميع الرجال، أي من دون إضفاء طابع جنسي عليها".
في الفيلم، تُعرض الاختلافات الاجتماعية والمفرداتية والتعليمية بين هوغو وكوين ببراعة، دون كليشيهات. وتتسارع الأحداث وتزداد حدتها عندما لا يكون الثنائي وحيدين، وعندما يجتمع هوغو مع مجموعته التقليدية من الأصدقاء، الذين يبدو أنه كان محط سخرية بالنسبة لهم لفترة من الوقت. ويجادل فيليكس لوفيفر قائلاً: "من أبرز نقاط قوة الفيلم نجاحه في تناول قصة عن الشباب وقصة حب بسرد اجتماعي واقعي". وكيف يُمكن أن يكون الاختلاط وقبول الاختلاف أمرًا صعبًا للغاية، وكيف يُصدر الحكم بسرعة كبيرة. والمثير للاهتمام أيضًا هو عدم وجود كليشيهات في أي طبقة اجتماعية. فمجموعة الشباب الأرستقراطيين قليلًا لا تجدهم هناك يرتدون قمصانًا ويتناولون الكافيار. وهنا يكمن التعقيد الكبير، مما يؤدي أيضًا إلى معضلة للشخصية الرئيسية، التي تجد نفسها ممزقة بين مجموعة الأصدقاء التي تريد إرضائها، وقصة الحب التي تحاول إنجاحها.
"محاكمة بالنار" فيلمٌ شيق، يسير على الخط الفاصل بين الكوميديا والدراما، مع بعض العيوب، ولكنه محبب للغاية، ويعود الفضل في ذلك إلى كاريزما ممثليه الرئيسيين فقد كان على الشاب، المتحفظ نوعًا ما، مواجهة مجموعة "أصدقائه" القدامى من الأوساط الثرية والمثقفة. وهو موقف يُحرجه منذ عام مضى، حين سخر منه هؤلاء أنفسهم بسبب وزنه الزائد. لكن كوين وهوغو أصبحا محط أنظار الجميع. ومن خلال تواصله مع هذه المجموعة، يتغير سلوك الشاب ونظراته المُحبة، وتسقط الأقنعة. للأفضل.
وتقول آنيا فيرديروزا عن دورها في الفيلم: هذه أول مرة أقرأ فيها نصًا مميزًا. قرأته بعاطفة جياشة، وأردت أن أكون جزءًا من المشروع. وجدته صادقًا ودقيقًا وجميلًا ومؤثرًا للغاية. أحببته فور قراءتي له، ومع المخرج أوريليان، عملنا بجد لتجنب الوقوع في الكليشيهات، ولتجنب جعل شخصية كوين تبدو كصورة كاريكاتورية. ولكن بمجرد أن تأقلمت جسديًا مع الشخصية، أصبح الأمر أسهل. طلب مني أوريليان أن أتعلم المزيد عن حياة البطلة من خلال قراءة كتابه، لاكتساب المزيد من العمق والمشاعر والعواطف، لأنني أعتقد أنها كانت مفرطة الحساسية. وهناك تناقض حقيقي بين الحكم الجسدي، وما يُسقطه الناس عليكِ، والواقع. الفتيات المصنفات كـ"غبيات" لسن غبيات على الإطلاق. إنهن فتياتٌ عميقاتٌ وحساساتٌ للغاية، وبشكلٍ عام، المظهر الخارجي أقرب إلى القشرة من أي شيءٍ آخر. كوين، بالنسبة لي، ليست مجرد شخصيةٍ مبتذلة؛ أعتقد أنها رائعة. قد تكون إحدى صديقاتي، أو فتاةً أتابعها على إنستغرام.
اما البطل فيليكس ليفبفرفيقول: وجدتُه مكتوبًا بإتقان. رأيتُ تعقيد الشخصيات، وتطور شخصية هوغو. كان هناك الكثير من الأحداث التي كانت تجري معه، وكان هناك الكثير من الأمور التي لم تُذكر، ولم تكن في الحوار، لذا كان هناك نوع من البحث لأضع نفسي مكانه. لقد أحببتُ هذا الدور حقًا. لقد ذهبتُ إلى النادي الرياضي لأشهر لأن دوري كان يتطلب مني أن أكون مفتول العضلات. رفع الأثقال أمام المرآة سمح لي بفهم علاقة الجسد بنفسه. بالنسبة لي، كانت تلك لحظات للتفكير في القصة، ومحاولة وضع نفسي مكانها. المثير للاهتمام هو أن هوغو في وضع وسط، أي أنه لا ينتمي إلى نفس المكانة الاجتماعية لمجموعة "أصدقائه"، الأثرياء جدًا، وهو أغنى من عائلة كوين. أشعر أنه منذ أن بدأنا سرد القصص، كنا دائمًا نشعر برغبة في سرد قصص حب عن أشخاص متناقضين، من خلفيات اجتماعية مختلفة تمامًا، بقصص مأساوية. لذا، لا بد أن هذا الاستحالة جوهر جيد لسرد قصة حب. في الفيلم، أشعر أن هذا ليس هو الهدف فحكم الآخرين، ونظرتهم، والتصديق هم جوهر الفيلم. لكن لا يمكنني الجزم ما إذا كان مرتبطًا بجيلنا أم أنه شيء موجود منذ زمن بعيد. أشعر فقط أنه أمر إنساني ودائم الوجود؛ لكن الأشكال تغيرت مع وسائل التواصل الاجتماعي. ربما أصبح الأمر أكثر عالمية. لكن للأسف، مر الجميع بهذه المواقف. إنها حاجةٌ كلاسيكية، عالمية، وإنسانية، بين الشباب، هذه الحاجة للانتماء، مع إنه ليس فيلمًا للشباب فقط، بل للكبار أيضًا، لأننا أدركنا أن الآباء والأجداد يتفاعلون معه أيضًا. فيسترجعون ذكريات مراهقتهم. ويتجلى هذا التعاطف بنوع من الحزن.
فيلم "محاكمة بالنار" .. قصة حب بنكهة اجتماعية وصراع بين المظهر والجوهر

نشر في: 21 أغسطس, 2025: 12:27 ص









