TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: في عشق المؤامرة

العمود الثامن: في عشق المؤامرة

نشر في: 25 أغسطس, 2025: 12:07 ص

 علي حسين

احتمالان لا ثالث لهما في تفسير حالة الدروشة التي استبدت ببعض النواب وهم يحددون مسار العملية الديمقراطية في العراق، إما أنهم يعتقدون أننا شعب بلا ذاكرة، او ان الطموح الشخصي عند البعض منهم جعلهم يتعامل مع مستقبل العراق على طريقة أفلام "رعاة البقر" والتي دائما ما تنتهي بأن يطيح البطل بجميع خصومه.
ووفقا لأحدث منتجات معمل السياسة العراقية، فقد حذرنا بعض النواب بـالويل والثبور وكبائر الامور لو اننا فكرنا مجرد تفكير بتعديل خارطة العملية السياسية، والسبب في ذلك ان بعض رؤوس العملية السياسية يخشون من عودة البعث من جديد، ونقول من الطبيعي ان يثور البعض ولا يرضى ان يعود حزب دكتاتوري الى الحياة السياسية، لكن المفاجأة يا سادة ان مفوضية الانتخابات استبعدت عشرات المرشحين من كتل سياسية لا تزال تصرخ في الفضائيات محذرة من عودة البعث، وقد اتضح ان الكثير من مرشحيها مشمولين بقرارات اجتثاث البعث .
ما يجري هذه الايام من تخويف الناس وترويعهم، مرة بحجة الخوف من العملاء الذين يريدون إعادة البعث، ومرات عدة بشعارات عن النضال والجهاد في سبيل الوطن والحرص على الطائفة، ولعل نظرة سريعة على المشهد الراهن تكشف بجلاء أن البعض يريد ان يكسر شوكة الآخرين من خلال تنفيذ مخطط لترويض الجميع على الإذعان للامر الواقع، لتبدأ بعدها مرحلة التربص بالجميع من خلال سياسات متعمدة تستهدف الإجهاز على أي مطالب للإصلاح، وحين تطالب الناس بالعدالة الاجتماعية ومحاسبة المفسدين نجد المقربين يهرعون ليتهموهم بانهم "اذناب للبعث" وبانهم ارتضوا ان يعيشوا مع صدام ونظامه تحت سماء واحدة ولم يهاجروا أو يناضلوا في سبيل الحصول على جنسية ثانية.
لماذا يرى البعض في نفسه وزملائه خصال وصفات لا يراها 40 مليون عراقي عاشوا الظلم والقهر والاستبداد والجوع، سيقول البعض ان بعض السادة النواب يرون علامات الجهاد والنضال والإنجازات في راتبه الفلكي والمصفحة الفارهة وقضائه عطلة الصيف والشتاء في ربوع لندن، ولهذا فهو لا يرى في الشعب العراقي إلا مجموعة من البعثيين والخونة، مطلوب اجتثاثهم فورا.
في عراق اليوم يرى البعض من الساسة انهم الصفوة التي من حقها ان تحتكر السلطة، وان تقضم الحصة الأكبر من الكعكة العراقية من خلال خطاب غارق في الطائفية والجهل. حين يتحول نواب منتخبون الى دعاة لدولة الهبات والعطايا وتوزيع ثروات البلاد واشاعة الطائفية.. فأننا نشهد فصلاً جديداً من فصول انتحار الممارسة السياسية، تنهار معه كل أبجديات العدالة الاجتماعية، ويتحول الساسة إلى مشجعين على الانتهازية والمحسوبية ونهب المال العام، ويتجلى الخلل الأخلاقي في محاولة الكذب الصريح على الناس، بألوان شتى من الخطب والشعارات عن مؤامرات وهمية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

"دبلوماسية المناخ" ومسؤوليات العراق الدولية

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram