ذي قار/ حسين العامل
حذّرت إدارة المستشفى البيطري في ذي قار من مخاطر ظاهرة الرعي العشوائي داخل المدن وما ينجم عنها من انتقال للأمراض المشتركة ولاسيما الحمى النزفية، وفيما أشارت إلى تلكؤ الدوائر والجهات المعنية في تطبيق قانون الرعي داخل المدن، تطرقت إلى الخشية من مشاكل عشائرية قد تنجم عند تطبيق القانون المذكور.
ويأتي ذلك بالتزامن مع تسجيل محافظة ذي قار أكثر من 100 حالة إصابة بالحمى النزفية بينها 8 وفيات منذ مطلع العام الجاري، إذ باتت المحافظة تتصدّر المدن العراقية بعدد الإصابات بالمرض المذكور.
وقال مدير المستشفى البيطري في ذي قار علي الحمود في حديث لـ(المدى)، إن «الإصابات بمرض الحمى النزفية تنتقل عبر 3 طرق تتمثّل بلدغة مباشرة من طفيلي القراد الحامل للفايروس، أو التلوّث والتماس المباشر بين الفايروس والإنسان عند التعرّض لدماء المواشي المصابة أثناء عملية الذبح، أو انتقال المرض والعدوى من مريض مصاب إلى شخص سليم»، منوهاً إلى أن «المرض ليس بيطرياً أو حيوانياً المنشأ فحسب، وإنما هو مرض مشترك بين الإنسان والحيوان».
وتطرّق الحمود إلى مخاطر الرعي العشوائي داخل المدن وانتشار الكلاب السائبة التي تنقل طفيلي القراد الذي يُعَدّ وسيطاً ناقلاً لمرض الحمى النزفية، مبيناً أن «طفيلي القراد آفة مستوطنة فيما يسمى حظائر تربية المواشي، والتي هي ليست بحظائر وإنما زرائب موبوءة»، مشيراً إلى تراكم طبقات من الطين ومخلّفات أعلاف المواشي في الحظائر المذكورة، وهو ما بات يشكّل بيئة خطيرة لنمو وتكاثر طفيلي القراد الحامل لفايروس الحمى النزفية. وشدّد مدير المستشفى البيطري في ذي قار على أهمية تطبيق قانون منع الرعي داخل المدن، مشيراً إلى تلكؤ الجهات والدوائر المعنية في تطبيقه رغم إصدار تعميم مركزي من رئاسة الوزراء مؤخراً يتضمّن توجيهات إلى الحكومات المحلية حول تطبيق القانون المذكور. ويجد الحمود أن «الدوائر المعنية لم تطبّق حتى واحداً بالمئة من مواد القانون المذكور». وتحدّث الحمود عن مخاطبات متعددة مع الدوائر المعنية حول الحد من الرعي داخل المدن، وطرح مشكلة انعدام مجازر اللحوم النظامية خلال الاجتماعات الرسمية، لكن لم تُتّخذ خطوات عملية في هذا المجال على حد قوله. وأشار مدير المستشفى البيطري في ذي قار إلى ما قد ينجم من مشاكل عشائرية عند التصدي لقطعان المواشي التي ترعى في مراكز المدن. وغالباً ما تحذّر الأوساط البيطرية من مخاطر انتشار الكلاب السائبة ورعي المواشي في الأحياء الشعبية، كونها وسيطاً ناقلاً للكثير من الأمراض الوبائية المتوطنة في البلاد. ففي حديث سابق للمدى يشير مصدر بيئي مطّلع إلى مخاطر الكلاب السائبة والمواشي في نقل حشرة القراد المسببة لمرض الحمى النزفية الذي أودى بحياة عدد غير قليل من المواطنين خلال الأعوام الأخيرة.
وأوضح المصدر أن «الجزر العشوائي والرعي العشوائي والكلاب السائبة لها دور كبير في انتقال أمراض عديدة، وينبغي تشديد الإجراءات للحد من تلك المظاهر»، وطالب بـ«تشديد الإجراءات لمكافحة الكلاب السائبة وتربية المواشي داخل المدن كونها تحمل حشرة القراد من منطقة إلى أخرى»، لافتاً إلى أن «القراد هو حامل للفايروس المسبّب لمرض الحمى النزفية»، مشدداً على «وجوب منع رعي الحيوانات والجزر العشوائي داخل المدن بصورة باتة».
وكانت إدارة المستشفى البيطري في ذي قار قد أعلنت منتصف آب 2025 عن تواصل حملة توعوية للجزارين حول مخاطر مرض الحمى النزفية، الذي سجل ارتفاعاً يُقدّر بثلاثة أضعاف مقارنة بحزيران المنصرم، مشيرة إلى تسجيل 100 حالة إصابة بينها 8 وفيات منذ مطلع العام الجاري. ويعود أحد أسباب ارتفاع معدلات الإصابة بالحمى النزفية في ذي قار إلى انتشار تربية المواشي كالأبقار والأغنام والماعز والجاموس التي تُعَدّ وسيطاً ناقلاً لمرض الحمى النزفية في معظم المناطق الريفية في المحافظة، فيما تنتشر ظاهرة الجزر والرعي العشوائي في مراكز المدن. وما يفاقم مخاطر الحمى النزفية أنه لا لقاح لهذا المرض سواء للإنسان أو الحيوان، أما أعراضه الأولية فهي الحمى وآلام العضلات وآلام البطن، لكن عند تطوره يؤدي إلى نزف من العين والأذن والأنف وصولاً إلى فشل في أعضاء الجسم ما يؤدي إلى الوفاة، بحسب وزارة الصحة العراقية.
واكتُشف الفايروس المسبّب للحمى النزفية للمرة الأولى عام 1979 في العراق، وبحسب منظمة الصحة العالمية ينتقل الفايروس من إنسان إلى آخر نتيجة الاتصال المباشر بدم الشخص المصاب أو إفرازاته أو أعضائه أو سوائل جسمه الأخرى.
وكانت إدارة محافظة ذي قار قد كشفت يوم (23 أيار 2024) عن تسجيل 14 حالة إصابة بالحمى النزفية منها 3 وفيات.
فيما أعلنت وزارة الصحة في (تشرين الأول 2023) عن تصدّر محافظة ذي قار جميع المحافظات العراقية في عدد الإصابات والوفيات بالحمى النزفية، وكشف المتحدث باسم الوزارة سيف البدر حينها عن إحصائية بالعدد الإجمالي لإصابات ووفيات الحمى النزفية منذ مطلع عام 2023 وحتى تشرين الأول منه، وقال إن «محافظة ذي قار لا تزال للسنة الثانية على التوالي تتصدر الإصابات والوفيات، حيث سجلت 132 إصابة مؤكدة منها 13 حالة وفاة، تليها محافظة البصرة التي سجلت 81 إصابة و11 وفاة، ثم بغداد - الرصافة 53 إصابة و11 وفاة، وميسان 37 إصابة وحالتي وفاة، ثم واسط 36 إصابة وحالتي وفاة، المثنى 34 إصابة و4 حالات وفاة، بغداد الكرخ 32 إصابة و4 حالات وفاة، الديوانية 21 إصابة و4 حالات وفاة، بابل 20 إصابة وحالة وفاة واحدة، النجف الأشرف 17 إصابة وحالتي وفاة، ديالى 17 إصابة و3 حالات وفاة، كركوك 14 إصابة وحالتي وفاة، أربيل 13 إصابة و5 حالات وفاة، صلاح الدين 10 إصابات وحالة وفاة واحدة، نينوى 10 إصابات و3 حالات وفاة، كربلاء المقدسة 9 إصابات وحالتي وفاة، دهوك 4 إصابات دون وفيات، والسليمانية 3 إصابات دون وفيات، وأخيراً الأنبار سجلت إصابتين دون وفيات».
يُشار إلى أن محافظة ذي قار سجلت في عام 2022 (162) حالة إصابة بالحمى النزفية بينها 40 حالة وفاة، فيما بلغ إجمالي حالات الإصابة في عموم البلاد للعام نفسه 380 حالة إصابة من بينها عشرات الوفيات.
ولم تسجّل محافظة ذي قار خلال عامي 2019 و2020 والنصف الأول من عام 2021 أية إصابة، إذ تعود آخر إصابة وحالة وفاة مسجّلة في السابق إلى عام 2018.










