حسن الجنابي
ج- 2
تتكون اتفاقية سيداو من مقدمة (ديباجة) و30 مادة مقسمة على 6 أبواب. تحدد الديباجة الغرض من الاتفاقية ومبادئها والعوائق التي تحول دون تمتع المرأة بكامل حقوقها، وتؤشر الأسس القانونية والأخلاقية للاتفاقية. يعنى الباب الأول بتعريف التمييز ضد المرأة وكيفية القضاء عليه وضمان المساواة في النظم القانونية. ويركز الباب الثاني على حقوق المرأة في الحياة العامة والمشاركة في التصويت والحكم وشغل المناصب العامة، وقوانين الجنسية. أما الباب الثالث فيعرض الحقوق الاجتماعية والاقتصادية كالتعليم والصحة والتوظيف وحماية حقوق المرأة الريفية والضمان الاجتماعي. ويعرض الباب الرابع المساواة أمام القانون وحقوق الملكية والزواج والعلاقات الأسرية والطلاق والأبوة. أما الباب الخامس فيعنى باللجنة المختصة بمتابعة تنفيذ الاتفاقية، ويعرض الباب السادس والأخير المسائل الإجرائية وتفاصيل إدارية من قبيل التصديق الرسمي وتحفظات الدول الأعضاء وغير ذلك.
عضوية العراق في اتفاقية سيداو:
سبقت الإشارة الى عضوية العراق في منظومة حقوق الانسان التعاهدية في الجزء السابق من هذا المقال. فقد أصبح العراق عضواً في الاتفاقية عام 1986، عند تقديم صك الانضمام الى مكتب الأمين العام للأمم المتحدة، كما تقتضي المراسم.
لكن ما لا يعرفه كثيرون، وبالأخص أولئك الذين يستخدمون "سيداو" كشتيمة، بأن صك الانضمام العراقي تضمّن أيضاً تحفظات على بعض فقرات الاتفاقية، التي قد توحي مضامينها بتعارضٍ مع الشريعة الإسلامية، التي تؤمّن، حسب الوثيقة العراقية، حقوقاً متوازنة بين الرجل والمرأة.
تحفّظ العراق على ما جاء في المادة-2 الفقرتين (و) و (ز)، والمادة-9 في (1) و (2)، والمادة-16 بمجملها، والمادة-29 الفقرة (1). وأدناه النصوص الواردة في الاتفاقية التي اعترض عليها العراق:
"المادة-2:
و- اتخاذ التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريع، لتعديل او إلغاء القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات القائمة والتي تشكل تمييزاً ضد المرأة.
ز- الغاء جميع أحكام العقوبات الوطنية التي تشكل تمييزاً ضد المرأة.
المادة-9:
1. تمنح الدول الأطراف المرأة حقاً مساوياً لحق الرجل في اكتساب جنسيتها أو الاحتفاظ بها أو تغييرها. وتضمن بوجه خاص ألا يترتب على الزواج من أجنبي، أو تغيير جنسية الزوج أثناء الزواج، أن تتغير تلقائياً جنسية الزوجة، أو أن تصبح بلا جنسية، أو أن تفرض عليها جنسية الزوج.
2.تمنح الدول الأطراف المرأة حقاً مساوياً لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالها.
المادة-16:
1.تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية، وبوجه خاص تضمن، على أساس تساوي الرجل والمرأة:
أ- نفس الحق في عقد الزواج
ب- نفس الحق في حرية اختيار الزوج، وفي عدم عقد الزواج إلا برضاها الحر الكامل.
ج- نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وبعد فسخه.
د- نفس الحقوق والمسؤوليات كوالدة، بغض النظر عن حالتها الزوجية، في الأمور المتعلقة بأطفالها، وفي جميع الأحوال، تكون مصالح الأطفال هي الراجحة.
هـ- نفس الحقوق في أن تقرر بحرية وبشعور من المسؤولية عدد أطفالها والفترة بين إنجاب طفل وآخر، وفي الحصول على المعلومات والتثقيف والوسائل الكفيلة بتمكينها من ممارسة هذه الحقوق.
و- نفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنّيهم، أو ما شابه ذلك من الأنظمة المؤسسية الاجتماعية، حين توجد هذه المفاهيم في التشريع الوطني، وفي جميع الأحوال تكون مصالح الأطفال هي الراجحة.
ز- نفس الحقوق الشخصية للزوج والزوجة، بما في ذلك الحق في اختيار أسم الأسرة، والمهنة، والوظيفة.
ح- نفس الحقوق لكلا الزوجين فيما يتعلق بملكية وحيازة الممتلكات، والإشراف عليها، وإدارتها، والتمتع بها، والتصرف فيها، سواء بلا مقابل، أو مقابل عوض ذي قيمة.
2.لا يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أثر قانوني، وتتخذ جميع الإجراءات الضرورية، بما فيها التشريع، لتحديد سن أدنى للزواج ولجعل تسجيل الزواج في سجل رسمي أمراً الزامياً.
المادة-29:
1.يعرض للتحكيم أي خلاف ينشأ بين دولتين أو أكثر من الدول الأطراف حول تفسير أو تطبيق هذه الاتفاقية ولا يسوى عن طريق المفاوضات، وذلك بطلب واحدة من هذه الدول. وإذا لم يتمكن الأطراف خلال ستة أشهر من تاريخ طلب التحكيم من الوصول الى اتفاق على تنظيم أمر التحكيم، جاز لأي من أولئك الأطراف إحالة النزاع الى محكمة العدل الدولية بطلب يقدم وفقاً للنظام الأساسي للمحكمة".
كذلك تضمنت وثيقة الانضمام العراقية الفقرة المعتادة عند انضمام العراق لأية اتفاقية دولية، والمتعلقة بتأكيد أن عضوية العراق في الاتفاقية لا تعني بأي شكل من الأشكال اعترافاً بإسرائيل. وهذا الموقف ناشئ عن عضوية إسرائيل في الاتفاقيات الدولية المعنية.
لديّ ثلاث ملاحظات:
- الملاحظة الأولى تتعلق بأن الدول المتقدمة التي تؤمّن في دساتيرها وقوانينها النافذة مساواة المرأة بالرجل، قد انضمت الى اتفاقية سيداو، لتأمين القضاء الفعلي على التمييز ضد المرأة في مجالات الحياة المختلفة، مثل الاختلاف في الاجور، أو الخلل في التمثيل في قيادات القطاعات الاقتصادية، والحق في التعليم والطبابة، وقضايا الطفولة والأحوال الشخصية، والبحث في تطوير سياسات حكومية متناسبة مع الالتزامات الواردة في المعاهدة.
- الملاحظة الثانية، هي أن صك الانضمام العراقي يوحي بأن اتفاقية سيداو خضعت الى دراسة حقيقية في الأوساط الوطنية المعنية، وأن التحفظات المرفقة مع الصك لم تأت عبثاً، كما هو الهجوم غير المبرر الذي شهدناه مؤخراً على الاتفاقية في السوشيال ميديا، وأن فلانة بنت سيدوا وفلان ابن كذا، وغير ذلك من مفردات الشتائم الهابطة.
- الملاحظة الثالثة هي أن الاتفاقية دولية الطابع وشمولية، ولا تهدف الى استفزاز الأديان والمعتقدات، وفيها من الآليات والترتيبات ما يساعد على تعزيز مكانة المرأة في المجتمع بغض النظر عن العادات والتقاليد الاجتماعية والدينية. فالاتفاقيات التعاهدية الدولية وجدت لمساعدة الدول الأعضاء وليس للهيمنة على قراراتها الوطنية. وإن من الأجدى البحث في كيفية تعزيز موقف العراق الدولي، والبحث فيما يناسب المجتمع العراقي من المعاهدات الدولية، ليس الاستهانة بها مهما كانت الملاحظات بشأنها.
-يتبع-










