بغداد / تبارك عبد المجيد
أكد المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، أن وضع العراق المالي في ما يخص الديون الخارجية «مريح جداً»، موضحاً أن المتبقي منها لا يتجاوز 9 مليارات دولار، وهي بقايا ديون نادي باريس لعام 2004 وبعض الديون التجارية الأجنبية، والمتوقع تسويتها بالكامل بحلول عام 2028.
وقال صالح في حديث إلى «المدى»، إن «هناك قروضاً مماثلة قدمت من صناديق التنمية لإعادة إعمار المناطق المحررة وغيرها، سيتم سدادها خلال العقد القادم»، مبيناً أن الموازنة العامة الاتحادية تعتمد آلية دقيقة وشفافة في إدارة هذه الالتزامات، وهو ما عزز استقرار التصنيف الائتماني للعراق عند مستوى (B) خلال السنوات العشر الأخيرة.
وأشار إلى أن الدين العام الخارجي لا يتجاوز 7 إلى 8% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو مستوى يقل كثيراً عن السقف المعياري الدولي الآمن البالغ 60%. وأضاف أن الأزمات الاقتصادية التي واجهها العراق منذ عام 2014 نتيجة تقلبات أسعار النفط دفعت الحكومة إلى الاقتراض الداخلي من السوق المصرفية المحلية، ما رفع الدين الداخلي إلى نحو 92 تريليون دينار.
وأوضح أن 47% من هذا الدين ما يزال ضمن المحفظة الاستثمارية للبنك المركزي ومغطى بالسيولة والاحتياطيات الأجنبية، مؤكداً أن إجمالي الدين العام، الداخلي والخارجي، لا يتعدى 35 إلى 40% من الناتج المحلي الإجمالي. ولفت إلى وجود تنسيق عالٍ بين السياسة المالية والنقدية لإطفاء الدين الداخلي تدريجياً، مشيراً إلى أن 95% من هذا الدين يتركز داخل الجهاز المصرفي الحكومي.
تحذيرات من غياب الإصلاح الاقتصادي
في المقابل، حذر الباحث الاقتصادي أحمد عيد من أن ارتفاع الديون يعكس استمرار اعتماد السياسة المالية على الاقتراض لتغطية العجز والنفقات، رغم تأكيد الحكومة أن هذه الديون «طبيعية وقابلة للسداد».
وأوضح عيد في حديث إلى «المدى»، أن العراق قادر على الإيفاء بالتزاماته المالية بفضل الإيرادات النفطية، إلا أن المشكلة تكمن في غياب استراتيجية اقتصادية واضحة تضمن استدامة التمويل بعيداً عن تقلبات أسعار النفط.
وبيّن أن التزامات خدمة الدين تشكل عبئاً على الموازنة العامة وتحدّ من قدرة الدولة على دعم قطاعات التعليم والصحة والبنية التحتية، محذراً من أن استمرار النهج الحالي سيجعل العراق رهينة لتقلبات السوق النفطية ويهدد استقراره المالي على المدى البعيد.
وشدد عيد على أن الحل يتطلب إصلاحاً شاملاً للسياسة المالية والاقتصادية، يشمل تنويع مصادر الدخل، وتفعيل القطاعات الصناعية والزراعية، وإبعاد النفوذ السياسي والميليشياوي عن القرار الاقتصادي، إضافة إلى إصلاح النظام الضريبي وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص.
وأكد أن غياب هذه الإصلاحات سيبقي الموازنة تحت ضغط خدمة الدين، بدلاً من أن تتحول إلى أداة لدفع عجلة التنمية.










