المدى/خاص
أثارت طريقة تمرير مجلس النواب العراقي لقائمة السفراء الجديدة جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والإعلامية، حيث وصفها بعض النواب بـ”طريقة السلك” في تمرير القوانين، في إشارة إلى تجاوز للآليات القانونية والنظام الداخلي للمجلس.

جاء ذلك بعد إعلان رئيس البرلمان تمرير القائمة المثيرة للجدل دون تحقق النصاب القانوني للجلسة، ودون الحصول على العدد الكافي من الأصوات اللازم لإعلان التمرير، في وقت رفض فيه معظم النواب هذه القائمة.

النائب رائد المالكي أعرب عن اعتراضه على الطريقة التي جرى بها تمرير القائمة، موضحاً في تدوينة على منصة "إكس" أن “التصويت على القائمة تم جملة واحدة ودون إدراجها على جدول الأعمال ابتداء أو التصويت على إضافتها للجلسة، لذا فهي معرضة للطعن من كل ذي مصلحة".

وأشار المالكي إلى أن "بعض الأسماء المدرجة ضمن القائمة مشمولة بإجراءات المساءلة والعدالة، بينما قد يفتقر البعض الآخر للخبرة اللازمة لتمثيل العراق في الخارج، ما يثير تساؤلات حول مدى الجدية والشفافية في اختيار الدبلوماسيين".

في المقابل، أعرب رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني عن تقديره لتصويت البرلمان على قائمة السفراء، مشيداً بـ”روح التعاون التي أبدتها رئاسة المجلس ولجنة العلاقات الخارجية النيابية والقوى السياسية من أجل حسم هذا الملف المعلق منذ سنوات”.

وأكد السوداني، في بيان لمكتبه، أن الحكومة حرصت على إنهاء حالة الفراغ التي استمرت لسنوات في بعض مواقع العمل الدبلوماسي، حيث لم يتم التصويت على مواقع السفراء منذ عام 2009. وأضاف أن خطوة تمرير القائمة تهدف إلى تعزيز قدرة المؤسسة الدبلوماسية على القيام بدورها المرسوم في الدستور والقوانين النافذة، بما يحقق المصالح العامة للعراقيين.

تجدر الإشارة إلى أن مجلس النواب العراقي لم يصوت على معظم مواقع السفراء منذ عام 2009، وهو ما أدى إلى شغور عدد كبير من السفارات والممثليات العراقية في الخارج لفترات طويلة، ما أثر على قدرة العراق على متابعة مصالحه الدبلوماسية والتجارية، فضلاً عن متابعة شؤون المواطنين في الخارج.

كما أن عمليات اختيار السفراء في العراق عادةً ما تشهد تدخلات حزبية ومناطقية، حيث يتم تعيين السفراء في بعض الحالات وفق معايير المحاصصة السياسية وليس الكفاءة المهنية. ويشير خبراء دبلوماسيون إلى أن هذا الأمر ساهم في ضعف الأداء الدبلوماسي للعراق في المحافل الدولية خلال السنوات الماضية.

المحلل السياسي عمر الدليمي، في حديثه لـ(المدى)، أكد أهمية أن "يتم اختيار السفراء بناءً على خبرتهم وقدرتهم على التعامل مع الملفات والعلاقات الخارجية، وليس وفق آليات المحاصصة السياسية أو المكاسب الحزبية"، مشيراً إلى أن "اختيار السفراء بهذه الطريقة قد يؤدي إلى ضعف الأداء الدبلوماسي وتراجع قدرة العراق على الدفاع عن مصالحه في الخارج".

كما اعتبر نواب معارضون أن تمرير القائمة دون استكمال النصاب القانوني وبدون التصويت التفصيلي على الأسماء الفردية يفتح المجال للطعن القانوني ويشكل انتهاكاً للنظام الداخلي للمجلس. وأشاروا إلى أن الإجراءات المتبعة في هذه الحالة تثير التساؤلات حول مدى التزام البرلمان بالممارسات الديمقراطية الصحيحة، خصوصاً في ملفات حساسة تمس سمعة العراق في المحافل الدولية.

ورغم موقف الحكومة الإيجابي من تمرير القائمة، فإن استمرار الانتقادات والاعتراضات البرلمانية يبرز حالة الانقسام السياسي حول موضوع التعيينات الدبلوماسية وأهمية الالتزام بالقوانين والأنظمة الداخلية لضمان الشفافية والمساءلة، خاصة في ظل مطالبة ناشطين مدنيين وخبراء سياسيين بضرورة تعيين سفراء يمتلكون الخبرة والكفاءة اللازمة لتمثيل العراق خارجياً.