السماوة / كريم ستار
تعيش مناطق واسعة من قضاء الوركاء في محافظة المثنى أزمة خانقة نتيجة تهالك شبكات الكهرباء والبنى التحتية. وقد شهد القضاء مؤخراً انقطاعاً تاماً للكهرباء تخللته حادثة خطيرة أصيب خلالها ثلاثة مواطنين بصعقة كهربائية أثناء محاولتهم المساعدة في إصلاح خط ناقل رئيس للطاقة. مصدر في دائرة كهرباء المثنى أكد أن عطلاً أصاب الخط المغذي الرئيس، ما استدعى تدخل فريق صيانة حكومي، إلا أن بعض الأهالي اقتربوا من الأسلاك المعلقة وتعرضوا للإصابة، فيما وُصفت حالة أحدهم بالحرجة.
غضب شعبي وتردي الخدمات
أثارت الحادثة موجة غضب واسعة بين سكان القضاء، الذين يشتكون من تكرار الأعطال وغياب فرق الصيانة الكافية أو المعدات المناسبة. المواطن حسين جبار قال إن المنطقة «محرومة من أبسط الخدمات»، مشيراً إلى الانقطاعات المستمرة في الكهرباء وشح المياه وتهالك الطرق. وأكد السكان أن الوركاء وأقضية مجاورة مثل السوير والخضر لم تشهد أي تطوير في الشبكات منذ سنوات، ما جعلها أكثر عرضة للأعطال خاصة في فصل الصيف. المزارع كامل محمد أشار إلى أن انقطاع الكهرباء يسبب خسائر مباشرة للمزارعين ومربي المواشي مع فساد الحليب وذبول المحاصيل.
مدير التخطيط في المثنى قابل حمود أوضح أن وجود شبكات قديمة وبنية تحتية متهالكة يمثل «ظاهرة خطرة»، مؤكداً أن أزمة الكهرباء في الوركاء جزء من مشكلة وطنية أوسع ترتبط بعجز الإنتاج وضعف شبكات النقل وسوء الإدارة.
الوركاء، التي تحمل إرثاً حضارياً عريقاً، تواجه واقعاً معيشياً صعباً يعتمد فيه السكان على الزراعة وتربية المواشي. الانقطاعات المستمرة تعطل مضخات المياه وتوقف عمليات التبريد، فيما تشير البيانات الرسمية إلى أن معدلات الفقر في بعض مناطق المثنى تتجاوز 50%، مع نسب بطالة مرتفعة تدفع الأسر إلى النزوح نحو المدن.
مطالب بالتحقيق والإصلاح
الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي دعوا إلى فتح تحقيق عاجل لمعرفة أسباب الإهمال وغياب الصيانة، محذرين من تكرار كوارث مشابهة. الخبير سعد الوائلي تساءل عن كيفية ترك خط كهربائي حرج بلا حماية أو إشراف مباشر. فيما شدد خبراء الطاقة على ضرورة خطة شاملة تتضمن استبدال الشبكات المتهالكة، وزيادة محطات التوزيع، وتدريب كوادر محلية، وتخصيص موازنات عادلة للأقضية الطرفية. المهندس فاضل عبد الزهرة أكد أن الأزمة «ليست فنية فقط، بل إدارية أيضاً»، مشيراً إلى غياب الصيانة الدورية والاعتماد على حلول ترقيعية.
اعتماد السكان على المولدات الأهلية يضاعف الأعباء البيئية والصحية نتيجة الانبعاثات الملوثة. ويقترح مختصون التوجه نحو مشاريع الطاقة المتجددة، خصوصاً الطاقة الشمسية، كبدائل مستدامة تناسب القرى والأرياف.
تكشف حادثة الوركاء حجم الفجوة بين الوعود الحكومية وواقع الخدمات في الأطراف. الأهالي يطالبون فقط بكهرباء مستقرة وماء صالح للشرب وطرق آمنة، إلا أن هذه المطالب تصطدم بالإهمال المستمر. وفي غياب إصلاح جدي، تبقى مدن مثل الوركاء مهددة بمآسٍ متكررة قد تكون أشد وطأة في المستقبل.










