واسط / جبار بچاي
يواجه أصحاب مشاريع الدواجن في محافظة واسط، سواء كانت تتعلق بإنتاج بيض المائدة أم مشاريع إنتاج فروج اللحم، ظروفًا صعبة بدأت تدفع بالإنتاج نحو التراجع إثر شحّ المياه والجفاف الذي أفقد المحافظة مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، ما جعل الإنتاج النباتي يتراجع فيها على نحو لافت لمختلف المحاصيل، خاصة الصيفية منها. وكان من نتائج ذلك انعدام المخاليط العلفية المحلية التي تُقدَّم كعلف للدواجن، واضطرار المربين إلى إعادة تنقية مياه الشرب لكونها غير جيدة وتحتوي على ملوثات وتراكيز ملحية وبكتيرية عالية من شأنها أن تؤثر على الدواجن وغيرها.
يقول مستشار محافظ واسط لشؤون الزراعة والمياه علي حسين حاجم إن «التغيرات المناخية وبلوغ الجفاف مستويات عالية ليس على صعيد محافظة واسط فحسب، بل على عموم البلاد، كل ذلك كان له الأثر البالغ على قطاعي الزراعة والمياه».
وأضاف «كما هو معلوم فإن الزراعة في العراق تتكون من نشاطين مترابطين لا يفترقان بحسب طبيعة الفلاح العراقي: النشاط الأول متمثل بالجانب النباتي (بستنة وخضر ومحاصيل استراتيجية ومخاليط علفية)، والنشاط الثاني متمثل بالثروة الحيوانية (الماشية والدواجن والأسماك)».
وأوضح في حديثه لـ«المدى» أن «الثروة الحيوانية في محافظة واسط تتكون من مليوني رأس ماشية وعشرات الحقول من الدواجن (البياض واللحم)، إضافة إلى مشاريع الثروة السمكية. وهذه الثروة الحيوانية الكبيرة لعبت دورًا كبيرًا في تأمين متطلبات العائلة العراقية من منتجاتها المختلفة وساهمت بشكل كبير في سد الحاجة المحلية وغلق الباب أمام الاستيراد الخارجي، مما وفَّر مبالغ طائلة بالعملة الصعبة للبلد».
وأشار إلى أن «الثروة الحيوانية عمومًا وقطاعَي الأسماك والدواجن أصابهما إخفاق كبير جراء الشحّة المائية والجفاف. وكان من نتائج ذلك، وفق المعايير الواقعية والملموسة، هلاك النباتات البرية عالية البروتين المنتشرة في المراعي الطبيعية، والتي كانت تُروى من الوديان المشتركة مع إيران وتوقفت مؤخرًا، إضافة إلى انحسار السقيط المطري». لافتًا إلى أن «المنطقة الرعوية في المنطقة الشرقية، والتي تشكل مساحة (500 ألف دونم)، كانت بمثابة مرعى مجاني كبير يشجع الرعاة على تنمية وتطوير مشاريعهم الخاصة بالثروة الحيوانية».
موضحًا أن «من بين التأثيرات التي تركها الجفاف في المحافظة على أصحاب مشاريع الثروة الحيوانية ومنها الأسماك والدواجن، انخفاض حجم الإنتاج الخاص بالمخاليط العلفية وبقايا الخضر والمحاصيل الزراعية التي كانت تُستخدم كمواد علفية».
وقال إن «ارتفاع نسب الملوثات في المياه بسبب تدني كمياتها في الأنهر تسبب في أمراض للماشية وانخفاض إنتاجيتها، كما كانت هناك صعوبة في توفير مياه الشرب للماشية لكونها تُروى من أنهار السقي التي توقفت فيها المياه وخضوعها لمراشِنات متباعدة. وهذا الحال شمل أيضًا بحيرات الأسماك وحقول الدواجن المنتشرة في مناطق مختلفة بالمحافظة».
وذكر أن «ارتفاع كلف الإنتاج بالنسبة لمشاريع الثروة الحيوانية لاعتمادها على الأعلاف المستوردة وانحسار المراعي الطبيعية، كل ذلك ساهم بتراجع الثروة الحيوانية عمومًا، بضمنها الأسماك والدواجن. يُضاف إلى ذلك أن العشرات من بحيرات الأسماك تم ردمها بسبب الشحّة المائية».
وأضاف «فيما يتعلق بمشاريع الدواجن، تأثرت بهذا الواقع المرير، لكن هذا التأثير ما زال قليلًا، وسيكون أثره أكبر في المستقبل في ظل استمرار الشحّة المائية وبلوغ الجفاف مستويات عالية. وكان لعدم وفرة وانعدام المخاليط العلفية المحلية أبلغ الأثر على أصحاب مشاريع الدواجن».
من جانبه يرى مصطفى جاسم، وهو من أصحاب مشاريع إنتاج بيض المائدة في المحافظة، أن «الانهيار قادم نحو الثروة الحيوانية بشكل عام في المحافظة، وفي قطاع الدواجن على وجه الخصوص، نتيجة الجفاف ونقص الأعلاف وعدم وجود دعم حقيقي للمربين من أجل النهوض بواقع هذه الثروة التي ترفد السوق المحلية بمنتجاتها من البيض والدجاج».
وأضاف «بالنسبة إلى قطاع الدواجن فهو ينقسم إلى قسمين إنتاجيين مهمين، هما البيض وفروج الدجاج، وكلاهما لا يمكن للعائلة العراقية الاستغناء عنهما سويّة أو عن أحدهما في أقل تقدير يوميًا».
مشيرًا إلى «ظهور تداعيات وبوادر سلبية من شأنها أن تعصف بهذا القطاع الحيوي، قطاع الدواجن، سيما مع انعدام الدعم والتمويل لأصحاب مشاريع الدواجن، سواء كانت مشاريع إنتاج بيض أو فروج لحم».
وقال زميله رسول عبد الحسين إن «شحّ المياه وبلوغ الجفاف أعتى المستويات في هذه المحافظة ذات الطابع الزراعي المميز والثروة الحيوانية التي حققت نجاحًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، خاصة في مجال إنتاج البيض والدجاج إضافة إلى الأسماك واللحوم الحمراء، من شأنه هذه المرة أن يعصف بالثروة الحيوانية عامة، بضمنها قطاع الدواجن». وأضاف «نأمل من الحكومة أن تمد يد الدعم والعون لمربي الثروة الحيوانية، خاصة أصحاب بحيرات الأسماك وحقول الدواجن، كون العائلة العراقية لا يمكن لها أن تستغني عن تلك المنتجات التي بدأ الطلب يزداد عليها مؤخرًا».
من جانبه قال مدير زراعة واسط أركان مريوش الشمري إن «محافظة واسط التي يشطرها نهر دجلة من شمالها إلى الجنوب جعل منها مناخًا خصبًا للثروة الحيوانية بكل أنواعها وأصنافها، والتي يربو عدد المجترات فيها على أكثر من مليون رأس، منها 700 ألف رأس من الأغنام، و125 ألف رأس من الماعز، و220 ألفًا من الأبقار، و15 ألف رأس من الجاموس، إضافة إلى 13 ألفًا من الإبل».
وأضاف أن «هذه الأعداد من المجترات ترفد أسواق المحافظة بكميات كبيرة من اللحوم الحمراء، إضافة إلى الحليب ومشتقاته، وكذلك الأصواف والجلود. وقسم من تلك المنتجات يذهب إلى المحافظات المجاورة بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي. لكن ما نخشاه أن يحصل تراجع كبير في أعداد الثروة الحيوانية لعدم قدرة المربين على توفير الأعلاف الكافية لها في ظل تراجع المراعي الطبيعية جراء الجفاف وشحّ المياه».
مؤكدًا أن «الدعم الحكومي للمربين دون الطموح رغم تأكيداتنا على الاهتمام بهذه الشريحة وتوفير متطلباتها، على أقل تقدير بتوفير كميات مناسبة من الأعلاف الأساسية».
مشيرًا إلى أن «قطاعَي الأسماك والدواجن أصابهما ضرر نتيجة تفاقم الجفاف وظهور الشحّة المائية على نحو كبير، وما نخشاه أن يتفاقم هذا الضرر مستقبلًا في ظل تصاعد حدّة الجفاف». يُذكر أن محافظة واسط نظمت في الربع الأول من العام الحالي مؤتمرًا لدعم الثروة الحيوانية، جاء على خلفية التداعيات الخطيرة التي بدأت تؤثر على هذا القطاع وتقود إلى تراجع الإنتاج، نتيجة توقف بعض المشاريع لأسباب مختلفة، في مقدمتها الجفاف الذي بدأ يؤثر بوضوح على الثروة الحيوانية، بضمنها قطاعا الأسماك والدواجن إضافة إلى المجترات بأنواعها.










