TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > الأزمة المالية تعمق المشاكل الاجتماعية والأسرية في كردستان

الأزمة المالية تعمق المشاكل الاجتماعية والأسرية في كردستان

نشر في: 3 سبتمبر, 2025: 12:18 ص

 السليمانية / سوزان طاهر

أدت الأزمة المالية وتأخر صرف الرواتب في كردستان إلى تفاقم الظواهر الاجتماعية، ومنها الزيادة في معدلات الفقر والبطالة بين المواطنين، مما يؤثر سلبًا على الاستقرار الاجتماعي ويزيد من حدة التوترات.
كما أدت الأزمة إلى تدهور القدرة الشرائية للمواطنين وزيادة الديون المترتبة عليهم، فضلاً عن زيادة في المشاكل الأسرية وارتفاع في معدلات الطلاق والعزوف عن الزواج بين صفوف الشباب.
ومنذ سنوات، يعاني موظفو إقليم كردستان من تأخر مستمر في صرف رواتبهم، مما أثر بشكل مباشر على استقرارهم المالي والمعيشي.
هذا التأخير لا يقتصر على كونه مسألة مالية فحسب، بل أصبح يشكل عاملًا رئيسيًا في زيادة مشاعر الإحباط والغضب بين الموظفين، مما يهدد بزيادة المشاكل الاجتماعية والأسرية.
ووفقًا لإحصائيات رسمية، ارتفع عدد حالات الطلاق في محافظة دهوك أكثر من خمسة أضعاف خلال الـ17 عاماً الأخيرة، إذ كان يبلغ 404 حالات في العام 2008، وارتفع إلى 2033 حالة في عام 2024، رغم الطابع العشائري للمجتمع الذي لا يزال ينظر إلى الطلاق بشكل سلبي مطلق.
ويكشف المجلس العدلي التابع لوزارة العدل في حكومة إقليم كردستان أن عام 2024 شهد تسجيل أكثر من 12 ألف حالة طلاق في عموم مناطق الإقليم الذي يقطنه 6 ملايين و500 ألف شخص، في مؤشر يثير القلق بشأن استقرار الحياة الأسرية في بيئة لم تعرف أبداً هكذا أرقام طلاق.

عجز عن تلبية المتطلبات
وفي هذا الصدد تؤكد الباحثة والأكاديمية الكردية روناك عبد الله أن الأزمة المالية ألقت بظلالها على المجتمع الكردي بشكل عام، وزادت من المشاكل الأسرية في إقليم كردستان.
وأوضحت خلال حديثها لـ “المدى” أن “المشاكل المالية وتأخر صرف الرواتب أدت لزيادة المشاكل الأسرية، كون أغلب الرجال لا يستطيعون تلبية احتياجات عوائلهم، وبالتالي يضطرون إلى خيار الطلاق، بسبب عدم الانسجام الناتج عن تكرار المشاكل اليومية”.
وأضافت أن “الطلاق واحدة من المشاكل، فضلاً عن وجود عزوف كبير عن الزواج، فأغلب الشباب لا يملكون المال ولا يستطيعون الإيفاء بالالتزامات العائلية وتكوين أسرة، ولهذا نرى زيادة في نسبة الإقبال على الهجرة إلى أوروبا، بالرغم من المخاطر المترتبة على ذلك”.
من جهة أخرى يرى الباحث في الشأن الاجتماعي سيروان كمال أن الأزمة المالية أثرت على كل مفاصل العائلة الكردية.
وأشار في حديثه لـ “المدى” أن “الكثير من العوائل بدأت تقلل حالات إنجاب الأطفال، بسبب قلة الدخل المادي، كما أن الكثير من المشاكل زادت بين الأزواج، ولو أجرينا مقارنة سريعة، لوجدنا أنه خلال العامين الأخيرين ارتفعت حالات الطلاق بنسبة تزيد عن الـ20%”.
وذكر أن “هذا الارتفاع ناجم عن عدم التفاهم بين أفراد العائلة، والنتيجة النهائية تؤدي إلى الانفصال، لأن الأزمة المالية تزيد من حالات التوتر والعصبية، خاصة عند الرجال الذين لا يستطيعون تلبية احتياجات العوائل، ونتيجة كثرة الديون التي بذمتهم يلجؤون لخيار الطلاق”.
وتظهر الأرقام الرسمية أن نحو ربع حالات الزواج في كردستان تنتهي بالطلاق، فقد سجلت محافظات السليمانية وأربيل ودهوك معاً 48 ألفاً و312 حالة زواج، حيث شكلت السليمانية 38%، وأربيل 36%، ودهوك 25% منها، أما حالات الطلاق فبلغت 11 ألفاً و656 حالة، وشكّلت السليمانية 49% منها، وأربيل 33%، ودهوك 17%.

الضغط النفسي والتفاوت الطبقي
في سياق متصل تعزو المحامية آيات خليل أسباب ارتفاع المشاكل الأسرية في الإقليم إلى جملة من الأسباب، أهمها العامل الاقتصادي.
وبينت في حديثها لـ “المدى” أن “الأوضاع الاقتصادية في الإقليم ساهمت بنحو كبير في ارتفاع معدل النزاعات الأسرية ورفع نسب دعاوى التفريق، فالعديد من الأزواج والزوجات يواجهون صعوبة في تكييف حياتهم الزوجية مع الواقع المعيشي الراهن الذي يشهد تقلبات مستمرة”.
وأشارت إلى أن “هناك حالات دعاوى تفريق تصل إلى المحاكم في الإقليم لأسباب تبدو “تافهة”، وهذا يبين حجم الضغط النفسي الذي تعيشه العائلة الكردية في ظل الظروف المالية الصعبة”.
وأردفت أن “هناك تفاوتاً طبقياً في مستوى المعيشة بين العوائل الكردية، وهذا أحدث شرخاً اجتماعياً كبيراً، فالكثير من العوائل لم تتأثر بأزمة الرواتب، وبالتالي زادت المشاكل داخل العائلة الواحدة”.
وأدت الأزمة المالية في إقليم كردستان والمستمرة منذ سنوات، نتيجة تأخر صرف الرواتب لفترات تمتد بين أسابيع وأحياناً أشهر، إلى تدهور في أوضاع المواطنين عامة والموظفين بنحو خاص، وتقلبات شديدة في نمط حياتهم، إذ يعجز كثيرون عن تأمين متطلبات معيشتهم الأساسية من غذاء وصحة وتعليم، مما يدفعهم للجوء إلى الاقتراض ومعه تراكم الديون.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram