TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > من 23 إلى 17 في المئة… هل فعلاً انخفض الفقر في العراق؟

من 23 إلى 17 في المئة… هل فعلاً انخفض الفقر في العراق؟

الحكومة تتحدث عن تحسّن معيشة المواطنين.. والشارع يشكك!

نشر في: 8 سبتمبر, 2025: 12:17 ص

بغداد / تبارك عبد المجيد

تشهد الساحة الاقتصادية العراقية جدلاً واسعاً بين ما تعلنه الجهات الرسمية وما يراه الخبراء والمواطنون على أرض الواقع. فبينما تؤكد وزارة التخطيط تراجعاً ملحوظاً في معدلات الفقر خلال السنوات الثلاث الأخيرة بفضل سياسات حكومية مباشرة وغير مباشرة، يشكك مختصون في دقة هذه الأرقام، معتبرين أن البطالة والفقر ما زالا يشكّلان عبئاً ثقيلاً على شرائح واسعة من المجتمع.

انخفاض معدلات الفقر!
أكد عبد الزهرة الهنداوي، المتحدث باسم وزارة التخطيط، أن معدلات الفقر في العراق شهدت انخفاضاً ملموساً خلال الفترة من عام 2022 وحتى نهاية 2024، مشيراً إلى أن هذا الانخفاض جاء نتيجة سياسات حكومية مباشرة وغير مباشرة تستهدف تحسين مستوى معيشة المواطنين.
وأوضح الهنداوي في حديث خصّ به «المدى»، أن نسبة الفقر العام انخفضت من 23 % في عام 2022 إلى 17 % بحلول نهاية 2024، فيما سجل الفقر متعدد الأبعاد تراجعاً أكبر حيث هبط من 21% إلى 11%. وأضاف أن المحافظات التي كانت تسجّل أعلى نسب للفقر شهدت تحسناً واضحاً، حيث انخفضت نسبة الفقر في محافظة المثنى من 52 % إلى 40 %، بينما شهدت محافظات الديوانية وميسان وذي قار تراجعاً من نحو 40–47 % إلى أقل من 20 %، كما انخفضت نسبة الفقر في محافظة نينوى شمالاً من حوالي 40 % إلى دون 20 %.
وأشار الهنداوي إلى أن هذا التحسن جاء «نتيجة جهود الحكومة في تنفيذ سياسات حماية اجتماعية فعّالة شملت شمول أكثر من مليونين ومئة وخمسين ألف أسرة ضمن برامج الحماية الاجتماعية، وتوفير السلة الغذائية بانتظام وجودة عالية عبر البطاقة التموينية، بالإضافة إلى تقديم منح تعليمية للأسر التي لديها أبناؤها في المدارس والجامعات بهدف تشجيع الطلاب على الاستمرار في الدراسة من الابتدائية وحتى الدراسات العليا، فضلاً عن تسهيل حصول الأسر الفقيرة على الخدمات الصحية المجانية في المراكز الصحية والمستشفيات».
كما لفت الهنداوي إلى السياسات غير المباشرة التي أسهمت في تحسين مستوى المعيشة، منها معالجة ملف المشاريع المتلكئة حيث تم إعادة تشغيل أكثر من 71 مستشفى كانت متوقفة، وإنجاز أكثر من 8000 مدرسة في مختلف المحافظات خلال السنوات الثلاث الماضية، إلى جانب مشاريع تطويرية جديدة مثل مشاريع فك الاختناقات المرورية في العاصمة بغداد التي أسهمت في توفير مئات الآلاف من فرص العمل وتحسين المستوى المعيشي للأفراد بما انعكس إيجاباً على حياتهم اليومية.
وأكد الهنداوي أن هذه الجهود المستمرة تظهر التزام الحكومة بتحسين الظروف المعيشية للمواطنين وتقليل نسب الفقر بشكل مستدام من خلال سياسات مباشرة وغير مباشرة تستهدف مختلف القطاعات الحيوية.

أرقام غير دقيقة!
أكد الخبير الاقتصادي د. نوار السعدي أن الأرقام المعلنة من قبل وزارتي العمل والتخطيط بشأن انخفاض معدلات البطالة والفقر في العراق لا تعكس بدقة حقيقة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المواطنون.
وقال السعدي لـ«المدى»، إن «الإحصاءات الرسمية التي تتحدث عن انخفاض نسبة الفقر إلى 17% تبدو في ظاهرها إيجابية، لكنها لا تعكس الواقع بشكل كامل، إذ إن ما نشهده على الأرض يؤكد أن معدلات البطالة والفقر ما تزال مرتفعة، وأن التراجع المعلن قد لا يكون نتيجة تحسّن فعلي في سوق العمل أو مستويات الدخل، بل أقرب إلى رسائل طمأنة توجهها الحكومة للمجتمع».
وأضاف أن البطالة في العراق لم تعد مجرد مؤشر اقتصادي، بل تمثّل تهديداً مباشراً للاستقرار الاجتماعي، خصوصاً مع ارتفاع نسبها بين الشباب، مما يخلق حالة من الإحباط ويفتح الباب أمام مشكلات اجتماعية وأمنية متفاقمة. أما الفقر، فيرى السعدي أنه يمس شرائح واسعة من المجتمع، وهو ما يجعل الأرقام الرسمية موضع جدل، إذ إن المواطنين لا يشعرون بأن دخولهم تكفي لتغطية تكاليف المعيشة المتزايدة.
وأشار إلى أن المعالجات الحكومية الحالية «تبقى محدودة»، إذ تقتصر على قروض صغيرة أو فرص تشغيل مؤقتة، لكنها لا تمثّل إصلاحاً جذرياً للاقتصاد. وأوضح أن جوهر المشكلة يكمن في ضعف تنويع مصادر الدخل، والاعتماد شبه الكامل على النفط، إضافة إلى غياب استراتيجية متكاملة لتحفيز القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة والزراعة والخدمات.
وشدّد السعدي على أن هذه الإجراءات لا تستطيع خلق فرص عمل مستدامة أو معالجة جذور الفقر، داعياً الحكومة إلى التحوّل من المبادرات المؤقتة إلى برامج اقتصادية واضحة تقوم على دعم القطاع الخاص، وفتح المجال أمام المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وربط التعليم والتدريب باحتياجات سوق العمل. كما أكد ضرورة ضمان شفافية حقيقية في عرض البيانات الرسمية «حتى لا تتحول إلى مجرد أرقام إعلامية أو انتخابية».
وختم السعدي بالقول: «مواجهة البطالة والفقر في العراق تتطلب إصلاحات هيكلية عميقة، وليست مجرد إجراءات سطحية، لأن استمرار هذا الواقع يشكل خطراً كبيراً على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للبلاد»

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram