TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > مياه خضراء في المشخاب.. جفاف الفرات يثير مخاوف صحية واحتجاجات شعبية

مياه خضراء في المشخاب.. جفاف الفرات يثير مخاوف صحية واحتجاجات شعبية

نشر في: 8 سبتمبر, 2025: 12:21 ص

النجف / عبدالله علي العارضي
في ذروة الأزمة المائية الخانقة التي يعيشها العراق منذ أربع سنوات بسبب تراجع الحصص المائية الواصلة من دول المنبع لنهري دجلة والفرات، تواجه محافظة النجف، ولا سيما أقضيتها، أزمة جفاف غير مسبوقة. انخفاض مناسيب نهر الفرات، المغذّي الرئيس لقضاءي الكوفة والمشخاب، حرم آلاف المزارعين من زراعة أراضيهم هذا الموسم، فيما أعلنت وزارة الموارد المائية أن عام 2025 سيكون خالياً من زراعة الأرز، المحصول الأكثر ارتباطاً بالهوية الزراعية في النجف والمناطق المحيطة بها.
لكن الأزمة لم تتوقف عند حدود الزراعة، إذ سرعان ما امتدّت إلى ما هو أخطر على حياة المواطنين، بعد أن تحوّلت مياه الشرب الواصلة إلى المنازل في المشخاب وأطرافه إلى اللون الأخضر، مصحوبة بروائح كريهة أثارت مخاوف الأهالي ودَفعتهم إلى الخروج في تظاهرات ليلية طالبوا فيها بالكشف عن الأسباب الحقيقية وراء تلوّث المياه ومعالجة الأزمة فوراً.
يقول حسن الفتلاوي، أحد المحتجين، لـ"المدى": "الماء الواصل إلى بيوتنا تحوّل إلى اللون الأخضر، فضلاً عن انبعاث روائح كريهة منه، ولا نعلم الأسباب. نحن متخوّفون من استخدام هذا الماء حتى في الغسل. مشكلة المياه في العراق تتفاقم ولم نرَ حلولاً. خرجنا بتظاهرات اليوم وسنستمر بالتظاهر غداً وبعده لحين تحقيق مطالبنا، وهي زيادة الإطلاقات المائية وتوضيح أسباب تلوّث مياه الشرب في كثير من المنازل داخل القضاء". ويضيف: "ملف ندرة المياه بات يهدّد الأمن القومي العراقي، ومن واجب الحكومة الضغط على الجانب التركي لزيادة الإطلاقات، فضلاً عن تحسين إدارة الموارد المائية داخل البلاد".
مياه محمّلة بالطحالب
الأزمة دفعت المسؤولين المحليين إلى تقديم توضيحات عاجلة. المهندس محمود شاكر كعيد، مسؤول مشروع ماء النجف المركزي، أوضح في حديثه لـ"المدى" أن "انخفاض مناسيب الفرات إلى مستويات غير مسبوقة هذا العام تسبّب بظهور تغييرات كبيرة في مواصفات ماء النهر الخام، منها وجود ألوان وروائح غير طبيعية".
وأضاف كعيد أن السبب الرئيس يعود إلى "ارتفاع نسبة الطحالب والمواد العضوية الذائبة في المياه"، مبيّناً أن "مشاريع الماء عادةً تُعنى بإزالة العوالق، وليس المواد الذائبة، لكننا قمنا بزيادة نسب الكلور إلى مستويات عالية جداً وصلت إلى تشغيل ثلاث منظومات كلور بسعة أربعين كيلوغراماً لمعالجة الحالة". وأكد أن "عمليات غسل الفلاتر وتنظيف الأحواض ما تزال مستمرة للحد من انتشار هذه الظاهرة"، مشدّداً على أن "المياه الواصلة إلى المواطنين جيدة من الناحية الصحية بعد التعقيم، رغم أن الأزمة تركزت نتيجة الانخفاض الكبير في مناسيب النهر، إذ باتت أنابيب السحب ظاهرة بشكل واضح".
الصحة: الفحوصات مطمئنة
وفي خطوة لطمأنة الأهالي، قال مدير إعلام صحة النجف، ماهر، في تصريح لـ"المدى": "رسالتنا إلى أهلنا في الأقضية والنواحي أن مياه الشرب صالحة للاستخدام ولا يوجد ما يدعو للقلق. التحاليل المختبرية التي أجريت أثبتت أن نسبة المياه جيدة وصالحة".
وبيّن أن "ما يُلاحظ من تغيّر في اللون أو التعكّر مردّه إلى انخفاض المناسيب، وهو أمر طبيعي من الناحية الفيزيائية"، مضيفاً أن "الزراعة المختبرية لم تُظهر أي مؤشرات تدعو للقلق من الناحية البايولوجية، كما أن مستشفيات النجف لم تستقبل أي حالة مرضية مرتبطة بمياه الشرب".
من جهتها، أكدت دائرة الإعلام والاتصال الحكومي في ديوان محافظة النجف أن "ملف أزمة المياه يحظى بمتابعة مباشرة من الحكومة المحلية، التنفيذية والتشريعية، ولا سيما من محافظ النجف، الذي نسّق مع وزير الموارد المائية لزيادة الإطلاقات المائية وتعزيز حصة المحافظة".
وأضافت الدائرة في بيانها تابعته "المدى": "المعالجات مستمرة بالتنسيق مع وزارة الصحة ودوائر الموارد المائية ومديرية الماء، والنتائج المختبرية الحالية لا تدعو إلى القلق. ندعو مواطنينا إلى أخذ المعلومات من مصادرها الرسمية وعدم الانجرار وراء الشائعات".
مخاوف رغم التطمينات
رغم هذه التطمينات، يرى ناشطون أن الأزمة تكشف هشاشة إدارة ملف المياه في العراق، خصوصاً مع استمرار اعتماد البلاد على الحصص الواردة من تركيا وسوريا، التي تشهد تراجعاً حاداً منذ سنوات. وبينما تواصل السلطات طمأنة المواطنين بسلامة المياه، يتخوّف سكان المشخاب والنجف عموماً من أن يتحوّل الملف من أزمة موسمية إلى تهديد دائم، لا سيما مع ارتفاع درجات الحرارة وتراجع معدلات الأمطار، ما يجعل المياه الخضراء التي اجتاحت منازلهم جرس إنذار جديداً لواقع مائي متأزّم يطال الزراعة والصحة والبيئة والأمن معاً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram