TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > زهرة النيل "تخنق" الفرات.. وتزيد أزمة العطش في العراق

زهرة النيل "تخنق" الفرات.. وتزيد أزمة العطش في العراق

نشر في: 17 سبتمبر, 2025: 12:57 ص

بغداد / محمد العبيدي
تراجع منسوب نهر الفرات في الأسابيع الأخيرة إلى مستويات غير مسبوقة، في وقت تزداد فيه المخاوف من تمدد نبات "زهرة النيل" الذي يجد في هذه الظروف بيئة مثالية للانتشار، وهذا التداخل بين انخفاض المياه ونمو النباتات فاقم الأزمة البيئية في العراق.
وفي محافظات كربلاء والنجف وذي قار، رُصدت مساحات واسعة من النهر وقد غطتها طبقات كثيفة من الطحالب والزهور الأرجوانية، ويشير مختصون إلى أن ضعف الجريان قلّل من قدرة النهر على تنظيف نفسه طبيعياً، ما سمح لزهرة النيل بالتمدد وتحويل مساحات من الفرات إلى بيئة خانقة تهدد الحياة المائية.
وتؤكد تقارير وزارة الموارد المائية أن العراق يتلقى حالياً أقل من 35‌% من حصته المفترضة من مياه نهري دجلة والفرات، وهو ما أجبر السلطات على إطلاق كميات إضافية من خزانات وسدود تقلص احتياطيها إلى نحو 8 مليارات متر مكعب فقط، أي أقل من 8‌% من طاقة التخزين الكلية.
تحذيرات متكررة
وهذا الانخفاض الحاد جعل وزارة البيئة تطلق تحذيرات متكررة من تفاقم التلوث البكتيري، خصوصاً في كربلاء والنجف، حيث انخفضت نوعية المياه الخام بشكل مقلق.
بدوره، حذر الخبير الزراعي والمتحدث السابق لوزارة الزراعة، حميد النايف، من تنامي خطر زهرة النيل على مصادر المياه في العراق، مشيراً إلى أنها تمتص كميات كبيرة من المياه وتعيق حركتها إلى جانب الطحالب، ما يفاقم أزمة شح المياه في البلاد.
وقال النايف لـ(المدى)، إن "وزارة الموارد المائية تواصل حملاتها لاستئصال هذه النبتة، لكنها تواجه صعوبة في السيطرة عليها بسبب تكاثرها السريع"، لافتاً إلى أن "العراق استورد زهرة النيل في سبعينيات القرن الماضي، وكان ذلك خطأً فادحاً والذي أصبح أكثر خطورة مع تراجع مناسيب المياه".
وأكد على "ضرورة تكاتف جميع العاملين في القطاع الزراعي، والعمل على كري الأنهر وإزالة الطحالب وزهرة النيل لضمان سريان المياه بشكل طبيعي ومنع تفاقم أزمة المياه".
وتكشف بيانات ميدانية أن زهرة النيل تمتص يومياً ما يقارب خمسة لترات من المياه لكل نبتة، فيما تشكل أوراقها طبقة معتمة على سطح النهر تمنع وصول الأكسجين إلى الكائنات المائية.
شكاوى الفلاحين تتصاعد
وفي ذي قار، ظهرت مساحات واسعة من الفرات مغطاة بطبقات كثيفة من الزهور الأرجوانية، بينما اشتكى سكان محليون من أن انتشارها جعل المياه أثقل وأكثر عكارة، فيما تزداد شكاوى الفلاحين من انقطاع الري أو تلوثه، ما يهدد موسم الزراعة الشتوي المقبل.
وتعزو الجهات الحكومية الأزمة إلى تداخل عوامل طبيعية وسياسية، فمن جهة، أدى التغير المناخي إلى ارتفاع درجات الحرارة وتراجع معدلات الأمطار، ومن جهة أخرى، تتهم بغداد دول الجوار، خصوصاً تركيا وإيران، بإقامة سدود ضخمة قلصت بشكل كبير من تدفق المياه إلى الأراضي العراقية.
أما وزارة البيئة فقد حاولت التخفيف من حدة المخاوف، مؤكدة في بيان أن مديريات الماء في الفرات الأوسط "تعتمد معايير علمية دقيقة لتنقية المياه الصالحة للاستخدام البشري"، وأن نوعيتها ما تزال ضمن الحدود المقبولة.
الأزمات تتفاقم
وفي هذا السياق، قال الخبير البيئي أحمد صالح إن "المشكلة لم تعد محصورة بنقص المياه فقط، بل بتدهور جودتها أيضاً، فانتشار الطحالب وزهرة النيل يؤدي إلى اختناق النهر من الداخل، وهو ما يهدد بانهيار كامل للتوازن البيئي".
وأضاف لـ(المدى) أن "المعالجة لا بد أن تكون مزدوجة؛ عبر الضغط الدبلوماسي على دول الجوار لتأمين الحصص المائية، وعبر خطط وطنية لمكافحة النباتات الغازية وكري الأنهر بشكل دوري"، محذراً من أن "استمرار الوضع على ما هو عليه "قد يضع العراق فعلاً على حافة العطش خلال سنوات قليلة".
وبينما يستعد المزارعون لموسم زراعي جديد وسط حيرة كبيرة، يبقى الملف المائي في العراق أشبه بإنذار مبكر لأزمة قد تطال الأمن الغذائي والصحي، ما لم تُتخذ خطوات جادة وسريعة لإدارة الموارد والحفاظ على ما تبقى من مياه دجلة والفرات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram