TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > قلق في النجف: شراء الأصوات واستغلال المنصب يهددان الانتخابات

قلق في النجف: شراء الأصوات واستغلال المنصب يهددان الانتخابات

نشر في: 17 سبتمبر, 2025: 01:11 ص

النجف / عبدالله علي العارضي
مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق، تتزايد المخاوف في محافظة النجف من لجوء بعض المرشحين إلى أساليب غير نزيهة، تشمل شراء الأصوات واستغلال المناصب الوظيفية، ما يثير القلق حول نزاهة العملية الانتخابية ويضعف ثقة المواطنين بالاقتراع كوسيلة للتغيير.
وتشهد محافظة النجف تنافسًا حادًا بين المرشحين للفوز بـ12 مقعدًا مخصصة للمحافظة. هذا التنافس، وفق ناشطين، دفع بعض المرشحين إلى استغلال مواقعهم الوظيفية والنفوذ الإداري لتحقيق مكاسب انتخابية، في مخالفة صريحة لأجواء التنافس العادل، وهو ما يُنظر إليه كخطر مباشر على نزاهة العملية الانتخابية.
التعليم كبوابة انتخابية
ابتغاء شلاش، ابنة أحد مديري المدارس المتقاعدين، تروي للمدى تفاصيل ما جرى مع والدها:
"في النجف تنتشر المدارس الأهلية التي لا يديرها تربويون بل سياسيون حولوا التعليم إلى تجارة مربحة. قبل تسع سنوات، أحيل أبي إلى التقاعد بعد أن كان مديرًا لمدرسة (م-ت)، وهي من أبرز مدارس المدينة. يروي أبي أنه تلقى عرضًا من مؤسس مدرسة أهلية صاعدة آنذاك، يقضي بنقل ألف طالب من المدرسة مقابل مبلغ مالي كبير، لكنه رفض قائلًا إن التعليم رسالة قبل أن يكون تجارة".
وتضيف: "بعد عامين من تقاعده، وفي عهد الإدارة الجديدة، تمت الصفقة بالفعل، وظهرت المدرسة الأهلية لتتباهى بأنها خرّجت ألف طالب إلى المجموعة الطبية، بينما كانوا في الأصل من طلبة المدرسة الحكومية (م-ت). ذلك الرجل لم يغيّر المقاعد فحسب، بل غيّر ملامح التعليم في المحافظة، وجعل الطالب وسيلة دعائية لجذب المال والأصوات".
وتشير ابتغاء إلى أن بعض إدارات هذه المدارس الأهلية باتت اليوم جزءًا من السباق الانتخابي، حيث يُقبل الطلبة مقابل ضمان أصوات ذويهم، في خلط خطير بين التعليم والعمل السياسي.
شهادة من الميدان
الصحفي والناشط في مجال حقوق الإنسان حسين المعموري يصف للمدى شراء الأصوات بأنه "سرطان يهدد نزاهة الانتخابات في العراق"، مضيفًا: "بوصفي عملتُ لسنوات في مراقبة الانتخابات، أقول للناخب: بيع الصوت لا معنى له، فالمرشح لن يعرف إن كنت قد انتخبته أم لا. ستكون وحدك مع ضميرك خلف ستارة التصويت. صوتك أمانة وهو فرصتك الحقيقية للتغيير".
المعموري كشف عن خروقات واضحة رصدها خلال عمله الرقابي، منها نشر أرقام القوائم قبل بدء فترة التثقيف الانتخابي، إضافة إلى إرغام أولياء أمور في بعض المدارس على التصويت لمرشحين محددين، واستغلال الأطفال في الترويج الانتخابي. ويشير إلى أنّ "الكثير من الحملات تستهدف أيضًا شريحة ذوي الإعاقة لسهولة التأثير عليهم واستغلالهم، ما يكشف هشاشة الوعي الانتخابي والحاجة لحماية قانونية أكبر لهذه الفئات".
ويتابع: "رغم وضوح هذه الانتهاكات، لم أرَ حتى الآن أي شكوى رسمية تُقدَّم ضد المرشحين المخالفين بسبب نفوذ الأحزاب وهيمنتها، ما يجعل المواطنين يخشون التبليغ أو الاعتراض، وهو صمت يزيد من شعور المخالفين بالإفلات من العقاب".
رد المفوضية
من جانبها، قالت جمانة الغلاي، الناطق باسم المفوضية العليا للانتخابات، في تصريح حصري للمدى: "لم يصلنا أي رصد يخص استغلال الطلبة وذويهم في الحملات الانتخابية، لكننا مستمرون في متابعة المخالفات. بالفعل تم فرض غرامات على بعض المرشحين تراوحت بين 2 و10 ملايين دينار بسبب استغلال المنصب الوظيفي أو مخالفة نظام الحملات الانتخابية".
وأكدت الغلاي أنّ نظام الشكاوى والطعون مفتوح أمام المواطنين، سواء عبر مكاتب المفوضية في المحافظات أو من خلال المكتب الوطني، مضيفة أن "المفوضية ماضية في رصد المخالفات واتخاذ الإجراءات القانونية بحق أي مرشح يتجاوز الضوابط".
القانوني رضوان البشير يؤكد للمدى أن استغلال المرشح أو أي موظف حكومي لمنصبه أو موارد الدولة ـ سواء كانت دوائر، سيارات، موظفين أو أموال عامة ـ في الترويج الانتخابي يُعد مخالفة انتخابية وفق المادة (32) من قانون انتخابات مجلس النواب رقم (9) لسنة 2020، كما أنه جريمة جزائية لكونه إساءة استعمال للوظيفة استنادًا إلى المادة (331) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969.
ويضيف البشير أن هذا الفعل يُعد أيضًا مخالفة حزبية إذا تم عبر حزب سياسي، استنادًا إلى المادة (27) من قانون الأحزاب رقم (36) لسنة 2015، مبينًا أن العقوبات تتراوح بين الغرامة المالية وإلغاء النتائج وحرمان الحزب من المشاركة، وصولًا إلى الحبس أو حل الحزب في حال تكرار المخالفات.
من الناحية الدستورية، يوضح البشير أن هذه الممارسات تُشكل خرقًا مباشرًا لمبادئ الدستور العراقي لسنة 2005، وتتناقض مع المادة (16) الخاصة بتكافؤ الفرص، ومع المادة (20) التي تكفل حرية ونزاهة الانتخابات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram