TOP

جريدة المدى > عام > موسيقى الاحد: المرأة والموسيقى

موسيقى الاحد: المرأة والموسيقى

نشر في: 21 سبتمبر, 2025: 12:01 ص

ثائر صالح
الجزء الأول - الأوركسترا
الحديث عن مساهمة المرأة في صنع الموسيقى - تأليفاً وأداء - يطول، وقد تطرقت إلى هذا الموضوع عدة مرات خلال عقد ونصف من كتابة عمودي الأسبوعي هذا في ثقافية المدى. ويمكن القول أن هذه المساهمة كانت محدودة منذ البداية واقتصرت على أدوار ثانوية إن حصلت، ولربما من الأفضل القول بأنها رمزية بفضل نساء موسيقيات فرضن وجودهن على المجتمع الموسيقي الذكوري رغم التمييز ضدهن، وهن يمثلن الإستثناء وليس القاعدة. نشير هنا إلى أسماء لامعة في التأليف والأداء سابقاً وصولاً إلى موسيقيات العصر الحالي من مؤلفات وعازفات ماهرات وقائدات اوركسترا، وهن كثر رغم ضعف تمثيلهن في الحياة الموسيقية نسبة إلى عددهن حتى اليوم بسبب التمييز النابع من النظرة الاستعلائية والسيطرة الذكورية السائدة في كل المجتمعات وإن بدرجات متفاوتة. يبدأ تعليم الموسيقى للأولاد والبنات من الصغر، وقد تتفوق البنت على أخيها في الموسيقى لكن الرجل هو من سيصبح موسيقيا بينما تقبع المرأة في البيت بحكم العلاقات الاجتماعية السائدة وتوزيع الأدوار النمطي، انظروا إلى حالات موتسارت واخته نانرل التي ربما كانت أفضل منه موسيقياً، أو مندلسون واخته فانّي وحتى شومان وزوجته كلارا.
كان للكنيسة الكاثوليكية دوراً في الإبقاء على هذا التمييز ضد المرأة، فقد تجاذبت الكنيسة خلال تاريخها بين السماح للمرأة بالاشتراك في النشاطات الموسيقية الكنسية والإنشاد في الكورس ومنع هذه المشاركة. والمثال على ذلك موقف البابا بيوس العاشر في 1902 الذي منع هذه المشاركة. على العموم جلبت حركة الإصلاح في القرن السادس عشر المزيد من القيود عند الكنيسة الكاثوليكية وحتى البروتستانتية وإن بدرجة أقل.
كان دخول المرأة الأوركسترا كعازفة في الفرق الانكليزية مبكراً نسبياً، فقد دعم السير هنري وود الذي أسس مهرجان البرومز قبول العازفات في فرقته في 1913، عندما قبل تعيين ست عازفات كمان، ارتفع العدد إلى 14 عازفة في 1918 رغم استمرار الأحكام المسبقة.
لم تقبل فرقتا برلين وفيينا الفيلهارمونية العازفات بين صفوفها حتى فترة قريبة. والفرقتان من بين أفضل الفرق الموسيقية في العالم وأكثرها تعصباً ضد المرأة في نفس الوقت. كانت الفرقة البرلينية مؤلفة من الرجال حصراً حتى سنة 1982 عندما تم قبول عازفة الكمان السويسرية مادلين كاروتسو ضمن عديد قسم الكمان الأول للمرة الأولى في تاريخها. وقد سبق لبرلين الفيلهارمونية أن رفضت ضم عازفة الكلارينيت العالمية البارعة الألمانية سابينه ماير إلى الفرقة في نفس العام وفق أعذار واهية، بتصويت نتيجته 4 مع و73 ضد. نتج عن هذا تقديم المدير الفني المايسترو النمساوي هربرت فون كارايان استقالته وتركه الفرقة، وانطلاق ماير كعازفة منفردة صوب العالمية.
ولم تحيد فرقة فيينا الفيلهارمونية عن الشوفينية الذكورية إلا قبل عقدين ونيف بعد تهديد الحكومة النمساوية بقطع التمويل ما أجبر الفرقة على رفع الحظر على تعيين النساء سنة 1996، ومع ذلك لم تتعيّن أول عازفة عضوة في الفرقة إلا في سنة 2003.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. منى سعيد

    منذ 2 شهور

    دراسة موفقة كشفت جانبا من تعسف المجمع الغربي ، وحتى مثقفيه وفنانينبه ضد المرأة.. حقا تفاجأت قبول المرأة عازفة في الاوركسترا الغربية تم في ٢٠٠٣ فقط وبضغط حكومي!

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

بروتريه: فيصل السامر.. قامة شامخة علماً ووطنيةً

موسيقى الاحد: 250 عاماً على ولادة كروسيل

الحكّاء والسَّارد بين "مرآة العالم" و"حديث عيسى بن هشام"

في مجموعة (بُدْراب) القصصية.. سرد يعيد الاعتبار للإنسان ودهشة التفاصيل الصغيرة

شخصيات اغنت عصرنا.. الملاكم محمد علي كلاي

مقالات ذات صلة

الكاتب يقاوم الغوغائية والشعبوية والرقابة
عام

الكاتب يقاوم الغوغائية والشعبوية والرقابة

أدارت الحوار: ألكس كلارك* ترجمة: لطفية الدليمي يروى كتابُ مذكرات لي ييبي Lea Ypi ، الحائز على جائزة، والمعنون "حُرّة Free" تجربة نشأتها في ألبانيا قبل وبعد الحكم الشيوعي. أما كتابُها الجديد "الإهانة indignity"...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram