السليمانية / سوزان طاهر
بعد أشهر من الزيارات المتبادلة والشد والجذب بين الوفود، أخيراً توصلت الأطراف الثلاثة: وزارة النفط الاتحادية، ووزارة الثروات الطبيعية في إقليم كردستان، والشركات النفطية الأجنبية، إلى اتفاق تاريخي ينهي أزمة تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي.
وأعلنت شركة تسويق النفط (سومو) العراقية عن إنهاء جميع التعاقدات والالتزامات مع الشركات المشترية للنفط المنتج من إقليم كردستان.
وقال مدير عام الشركة، علي نزار الشطري: "إن ما حصل في إقليم كردستان هو مسألة تفاهمات ووضع آليات عمل"، منوهاً بأن القانون يسري على الجميع.
وأفاد مصدر مطلع، اليوم الجمعة الماضية ، بأن الأطراف الثلاثة: الإقليم وبغداد والشركات النفطية العاملة في كردستان، توصلوا إلى اتفاق يمهد لإعادة تصدير نفط الإقليم.
وقال المصدر لوسائل إعلام كردية تابعتها "المدى" إن "اتفاقاً ثلاثياً حصل بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية والشركات النفطية العاملة"، مبيناً أن "الاتفاق من المقرر أن يتم التوقيع عليه خلال اليومين المقبلين، وأن يدخل حيّز التنفيذ في قادم الأيام".
ووفقاً للمعلومات، فإن "وزارة الثروات الطبيعية في الإقليم أبدت موافقتها الليلة الماضية على ملاحظات وزارة النفط الاتحادية، ووقّع الطرفان على مذكرة اتفاق مشترك".
وأضاف المصدر أنه "بحسب الاتفاق فإن الإقليم يحق له الاحتفاظ بـ 50% من النفط الذي ينتجه لاستخدامه في الداخل، والمتبقي يتم تصديره عبر شركة تسويق النفط العراقية (سومو)"، مشيراً إلى أنه "بالمقابل تدفع الحكومة الاتحادية مستحقات الشركات النفطية، وتم تخمين سعر البرميل المنتج بـ 16 دولاراً".
خسائر مالية
من جهة أخرى، يؤكد الخبير في الشأن النفطي سالار عزيز أنه تم الانتهاء من صياغة الاتفاق التاريخي، وتم حسم جميع النقاط الخلافية.
وبيّن خلال حديثه لـ"المدى" أنه "خلال اليومين المقبلين سيتم استئناف تصدير النفط بعد أكثر من عامين ونصف من التوقف، الذي أدى إلى خسائر مالية تجاوزت 28 مليار دولار".
وأشار إلى أن "النقطة الخلافية الوحيدة كانت بين الحكومة الاتحادية والشركات النفطية الأجنبية، حيث كانت الشركات تريد ضمانات قانونية من بغداد لغرض إعادة تصدير النفط عبر ميناء جيهان، وتم حل هذه المشكلة من خلال شركة التسويق الوطنية (سومو) التي ستتولى العملية من الألف إلى الياء".
وكان وفد إقليم كردستان قد أجرى خلال الشهرين الماضيين محادثات مكثفة مع الحكومة الاتحادية حول استئناف صادرات النفط، وأكد الطرفان أنهما قريبان من التوصل إلى اتفاق كامل.
وكان المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان، بيشوا هوراماني، قد أعلن أن حكومة الإقليم سلّمت حصتها من النفط إلى شركة "سومو"، مؤكداً في الوقت ذاته أنه "لا يوجد أي سبب قانوني لوقف صرف رواتب موظفي الإقليم".
وقال هوراماني، في بيان توضيحي ورد لـ"المدى"، إن "شركات إنتاج النفط وافقت على التعامل وفق قوانين العراق، وتخلّت عن مطلبها السابق بضمان حقوقها بموجب القوانين الدولية"، لافتاً إلى أن "حكومة الإقليم أصدرت كتاباً رسمياً أعلنت فيه استعدادها لتسليم النفط إلى سومو".
تجاوز العقبة الوحيدة
من جانب آخر، يقول عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني وفا محمد كريم إنه تم تجاوز جميع العقبات والخلافات الخاصة بين بغداد وأربيل بشأن استئناف تصدير النفط.
ولفت خلال حديثه لـ"المدى" إلى أن "أغلب الشركات النفطية عادت للعمل، والحقول التي تعرضت للضرر على أثر القصف بالمسيرات أيضاً عادت لوضعها الطبيعي، ويبلغ إنتاج النفط حالياً أكثر من 230 ألف برميل يومياً، وسيعود خلال أيام إلى وضعه السابق البالغ 280 ألف برميل".
وشدد على أن "حكومة الإقليم أوفت بالتزامها، وبالأساس لم تكن هي المعطلة لاتفاق النفط، لأن الخلل كان من الشركات النفطية الأجنبية التي كانت تريد ضمان حقوقها، ولا تثق بالقوانين العراقية، لذلك طالبت بتضمين نسخة من الاتفاق ضمن المؤسسات الدولية، لكنها في الأخير تراجعت عن طلبها".
وأوضح أنه "خلال الأيام المقبلة سيتم استئناف تصدير النفط، لكن يجب على الحكومة الاتحادية أن تفي بالتزامها وتصرف رواتب الموظفين في وقتها دون تأخير، وتتـعامل مع موظفي كردستان كما تتعامل مع باقي المحافظات العراقية الأخرى".
حرب المسيرات
وتعرض إقليم كردستان إلى أكثر من 22 هجوماً بطائرات مسيّرة خلال الشهر الماضي، استهدف معظمها حقولاً نفطية ومنشآت حيوية، فيما أكد مسؤولون كورد أن الهجمات كلفت الإقليم خسارة ما يقارب 200 ألف برميل من إنتاج النفط.
وكان العراق قد كسب دعوى تحكيم رفعها أمام هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في العاصمة الفرنسية باريس ضد تركيا، بشأن تصدير النفط الخام من إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي دون الرجوع إلى شركة تسويق النفط العراقية "سومو". وعلى إثر القرار، توقف تصدير نفط كردستان البالغ 480 ألف برميل يومياً في 25 آذار/مارس 2023.
وعدّل البرلمان، في 2 شباط/فبراير الماضي، الموازنة العامة، ممهداً الطريق لاستئناف تصدير نفط إقليم كردستان إلى ميناء جيهان التركي بعد توقفه عامين.
ويؤكد الخبير في الشأن النفطي كوفند شيرواني أن الاتفاق هذه المرة بين الأطراف الثلاثة هو اتفاق جديد ومضمون، وليس كما في المرات السابقة.
وذكر خلال حديثه لـ"المدى" أنه "في كل مرة كانت هناك عقبة: الشركات النفطية الأجنبية، أو الحكومة التركية، ولكن الوضع يختلف حالياً، فقد تم حسم أمر الشركات من خلال اتفاق بين الأطراف الثلاثة، وهذا يمهد لإنهاء الأزمة التي استمرت أكثر من عامين".
وتابع أن "عودة تصدير نفط الإقليم ستساهم في انتعاش الموازنة المالية في العراق، خاصة لو نظرنا إلى حجم الخسائر المالية التي تعرض لها الإقليم وبغداد، والتي وصلت إلى أكثر من 28 مليار دولار، وهذا المبلغ مهم جداً تستفيد منه الموازنة"
اتفاق ثلاثي تاريخي ينهي أزمة تصدير نفط كردستان

نشر في: 21 سبتمبر, 2025: 12:12 ص









