TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > نفوق الأسماك في 19 مسطحاً مائياً بالعراق جراء الجفاف وإزدياد الملوحة

نفوق الأسماك في 19 مسطحاً مائياً بالعراق جراء الجفاف وإزدياد الملوحة

نشر في: 23 سبتمبر, 2025: 12:01 ص

 المدى/خاص

 

أكدت لجنة الزراعة والمياه النيابية، الاثنين الماضي، تسجيل نفوق الأسماك في 19 مسطحاً مائياً بالعراق نتيجة ارتدادات الجفاف الحاد، فيما حذرت من آثار كارثية محتملة على البيئة والاقتصاد المحلي. وقال النائب ثائر الجبوري في تصريح تابعته(المدى) إن "ارتدادات الجفاف كانت قاسية خلال الأشهر الماضية، خاصة في مناطق الجنوب والفرات الأوسط، وتم تسجيل نفوق الأسماك في 19 مسطحاً مائياً، أغلبها في الأهوار والجداول، بسبب قلة المياه وارتفاع تراكيز الملوحة، ما جعل تلك المسطحات غير صالحة لتربية الأسماك".

 

وأضاف أن "ذلك أدى إلى خسائر مادية جسيمة، لا سيما أن آلاف العوائل تعتمد على صيد وتربية الأسماك كمصدر رئيسي للدخل، وأن وضع الثروة السمكية أصبح على المحك، ولا يمكن حالياً تربية الأسماك في الأهوار والمسطحات المائية الأخرى بسبب الجفاف الذي وصل إلى مراحل خطيرة وفق آخر تقارير وزارة الموارد المائية".
تشهد الأهوار العراقية واحدة من أسوأ أزماتها منذ عقود، حيث انخفض منسوب المياه وتدهورت نوعيتها، ما أدى إلى ارتفاع ملحوظ في ملوحة المياه ونفوق واسع للأسماك، بنسبة تصل إلى 50% في بعض المسطحات. وتشير تقارير محلية إلى أن هذا التدهور البيئي يعكس ضعف التنسيق مع دول الجوار، لا سيما تركيا وإيران، بشأن حصص المياه، ما يفاقم الأزمة ويهدد التنوع البيولوجي في هذه المناطق.
كما أظهرت بيانات وزارة الموارد المائية أن مستويات المياه في نهري دجلة والفرات سجلت انخفاضات قياسية خلال الأشهر الماضية، ما انعكس على الأهوار والجداول والبحيرات الاصطناعية، وجعلها غير صالحة للتربية السمكية أو الزراعة المائية بشكل آمن.
الخبير البيئي سنان الحجاج قال في حديث لـ(المدى) إن "الجفاف الحالي ليس مجرد ظاهرة طبيعية، بل هو نتيجة تراكمية لسوء الإدارة البيئية والتغيرات المناخية العالمية، إضافة إلى استنزاف الموارد المائية بشكل غير مستدام. الأهوار التي تعد من أهم النظم البيئية في العراق تواجه تهديداً وجودياً، وإذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة، ستتأثر آلاف العوائل التي تعتمد على صيد الأسماك كمصدر رزق رئيسي".
من جهته، الناشط المدني محمود الزبيدي قال لـ(المدى) إن "ما يحدث في الأهوار العراقية اليوم ليس مجرد كارثة بيئية محصورة في نفوق الأسماك، بل يمثل أزمة إنسانية متكاملة تهدد آلاف العوائل التي تعتمد على صيد الأسماك كمصدر رئيسي للرزق منذ أجيال. هذه الأزمة لا تقتصر على الجانب البيئي فحسب، بل لها انعكاسات مباشرة على الوضع الاقتصادي والاجتماعي لسكان المنطقة، إذ يواجهون خطر فقدان سبل العيش وارتفاع معدلات البطالة والفقر، خاصة في القرى النائية التي تعتمد بشكل كامل على الأهوار كمورد رئيسي".
وأضاف الزبيدي أن "الحكومة العراقية مطالبة بالتحرك فوراً لتقديم الدعم المباشر للمتضررين، سواء عبر تعويضات مالية أو عبر توفير معدات صيد وأساليب تربية بديلة، إلى جانب إعادة النظر في سياسات إدارة الموارد المائية لضمان توزيع عادل ومستدام للمياه في ظل التغيرات المناخية المتسارعة. كل تأخير في اتخاذ الإجراءات يزيد من حجم الخسائر ويجعل استعادة الوضع أكثر صعوبة على المدى الطويل، ليس فقط بالنسبة للثروة السمكية، بل أيضاً بالنسبة للزراعة والمجتمعات المحلية التي تعتمد على المياه في حياتها اليومية".
وأشار الزبيدي إلى أن "المجتمع المدني مستعد للتعاون مع الجهات الحكومية والمنظمات الدولية لتطوير حلول مستدامة لمواجهة هذه الأزمة. من بين هذه الحلول إنشاء مشاريع لتنقية المياه المتدهورة، وتوفير تقنيات حديثة لتربية الأسماك في بيئات متأثرة بالجفاف وارتفاع الملوحة، بالإضافة إلى برامج توعية وتدريب للمزارعين والصيادين حول كيفية التكيف مع التغيرات المناخية، وتحسين إنتاجية المسطحات المائية المتبقية دون الإضرار بالنظم البيئية".
وتابع الزبيدي قائلاً: "نحن بحاجة أيضاً إلى دعم البحث العلمي ودراسة بدائل عملية يمكن تنفيذها سريعاً، مثل استخدام تقنيات إعادة تدوير المياه في المزارع السمكية، وتشجيع المشاريع الصغيرة التي تقلل الاعتماد على المصادر الطبيعية المتدهورة، وتعزيز سياسات حماية البيئة. هذه الخطوات ليست رفاهية، بل ضرورة عاجلة للحفاظ على حياة آلاف العوائل ومنع انهيار المجتمعات المحلية بالكامل. كما يجب أن يكون هناك تواصل مستمر بين المجتمع المدني، الحكومة، والمزارعين لضمان أن كل قرار يتخذ يأخذ بعين الاعتبار مصلحة السكان على الأرض".
وختم الزبيدي حديثه بالقول: "أزمة الأهوار اليوم اختبار لقدرة العراق على حماية موارده الطبيعية وضمان حياة كريمة لسكانه. إذا لم تتحرك الجهات المعنية بشكل سريع وحقيقي، فإن الخسائر ستكون لا تقتصر على الأسماك والمياه، بل ستطال المجتمع بأسره، وستكون آثارها طويلة الأمد على الاقتصاد، الصحة العامة، والاستقرار الاجتماعي في المنطقة".
إلى ذلك، أوضح الخبير الاقتصادي علي الأحمد لـ(المدى) أن "نفوق الأسماك في الأهوار العراقية يمثل أزمة اقتصادية حقيقية تتجاوز الخسائر البيئية، إذ أن آلاف الأسر تعتمد على تربية الأسماك وصيدها كمصدر دخل رئيسي، وهذا يشمل ليس فقط الصيادين، بل أيضاً العمال في الأسواق المحلية، وأصحاب محلات البيع والتوزيع، إضافة إلى الصناعات الصغيرة المرتبطة بالمنتجات السمكية. عندما تتعرض هذه الثروة للنفوق، فإن تأثيراتها تمتد لتشمل السلسلة الاقتصادية كاملة، بما في ذلك التجارة المحلية، وأسعار الغذاء، والقدرة الشرائية للعائلات".
وأضاف الأحمد: "بعد مرور أسابيع من النفوق، بدأنا نشهد ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار الأسماك الطازجة في الأسواق، مما يزيد العبء على الأسر ذات الدخل المحدود ويؤثر على نمط استهلاك الغذاء. كما أن خسارة هذه الثروة السمكية تؤثر على الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد على تجارة الأسماك، بما في ذلك مصنعي الأغذية المحلية والمطاعم التي تستخدم الأسماك كمصدر أساسي للمنتجات. هذا التراجع في النشاط الاقتصادي يعكس سلسلة تأثيرات واسعة تبدأ من الفرد وصولاً إلى الاقتصاد المحلي والإقليمي".
وأشار الأحمد إلى أن "استمرار هذه الأزمة من دون تدخل حكومي عاجل سيؤدي إلى خسائر مالية كبيرة على صعيد الأسر والمجتمع المحلي، وربما يؤدي إلى نزوح جماعي من المناطق المتضررة بحثاً عن فرص بديلة للعيش، وهو ما يزيد الضغط على المدن المجاورة والخدمات العامة مثل الصحة والتعليم والكهرباء والمياه. هذا النزوح، إذا لم يتم التخطيط له وإدارته، قد يؤدي إلى أزمات اجتماعية إضافية، بما في ذلك البطالة، الفقر، وارتفاع معدلات الجريمة بسبب فقدان سبل العيش".
وأضاف: "هناك أيضاً آثار بعيدة المدى على الاقتصاد الوطني، خصوصاً أن العراق يعتمد جزئياً على الصادرات الزراعية والمنتجات السمكية في تحقيق توازن الميزان التجاري المحلي. إذا لم تتخذ الحكومة خطوات عاجلة لدعم المتضررين وإعادة تأهيل المسطحات المائية، فإن ذلك قد ينعكس سلباً على الإيرادات العامة وعلى قدرة الدولة على توفير الدعم للأسر الأكثر هشاشة".
وتابع الأحمد حديثه بالقول: "الأزمة الحالية ليست مجرد مسألة بيئية أو محلية، بل تمثل تهديداً للاقتصاد الوطني على المدى الطويل إذا لم تتخذ الحكومة سياسات فورية ومدروسة لضمان استقرار المجتمع، وحماية مصادر الدخل الرئيسية لسكان الأهوار، وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على الموارد الطبيعية".
تشمل تداعيات نفوق الأسماك والجفاف عدة محاورمنها، انخفاض مناسيب المياه وارتفاع الملوحة يؤديان إلى تدهور النظم البيئية، وانقراض أنواع من الأسماك والنباتات المائية، و خسائر مباشرة للعوائل المعتمدة على صيد الأسماك، إضافة إلى تأثير سلبي على الأسواق المحلية والأسعار الغذائية.
احتمالية نزوح جماعي من المناطق المتضررة، ما يضغط على الخدمات العامة في المدن القريبة، ويزيد من نسبة البطالة والفقر.
وأكدت وزارة الموارد المائية أن الوضع الحالي يتطلب إجراءات عاجلة لضمان الحصص المائية، خصوصاً مع استمرار الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، مطالبة بتعاون دول الجوار لضمان تدفق المياه بشكل مستدام.
تستدعي أزمة نفوق الأسماك والجفاف استجابة عاجلة من الحكومة العراقية، تشمل تعزيز التعاون مع دول الجوار، وتنفيذ مشاريع لإعادة تأهيل الأهوار والحفاظ على التنوع البيولوجي، وتقديم دعم اقتصادي مباشر للعوائل المتضررة لتفادي انهيار سبل العيش. كما دعت منظمات بيئية دولية إلى مراقبة الأهوار العراقية وتقديم مساعدات فنية للحفاظ على هذا المورد الطبيعي الحيوي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram