TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: من ميركل إلى المالكي

العمود الثامن: من ميركل إلى المالكي

نشر في: 23 سبتمبر, 2025: 12:05 ص

 علي حسين

عندما سُئلت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل عن اهدافها من الترشيح لمنصب المستشار ، قالت جملة واحدة :"يمكنكم أن تثقوا بي" كان ذلك عام 2004، وكان عمرها آنذاك 48 عاماً، لتُنتخب عام 2005 مستشارة لألمانيا، في ذلك الوقت كانت ألمانيا تعاني من أزمة اقتصادية وصل فيها العجز المالي إلى مئة مليار دولار وملايين العاطلين، وقفت وسط الجموع لتطلق عبارتها الأخرى "نعم نستطيع".
أعرف جيداً أن الكثيرين من القرّاء يجدون في حديثي عمّا يجري في بلدان العالم نوعاً من الترف لا يهم المواطن البسيط المبتلى بأنباء الانتخابات ، وخطب التخوين التي يطلقها البعض من الساسة ، ولكن اسمحوا للعبد الفقير أن يتحدث عن المستشارة الألمانية ميركل التي ودعت الحكم بعد ستة عشر عاماً كانت فيها تتسوق بمفردها من دون حمايات ولا مصفحات، ولا ضجيج، ومعها صورة لعشرات السيارات الحديثة ترافق موكب " الحباب " ريان الكلداني ، واغنيات كتبت ولحنت خصيصا لمحمد الحلبوسي. ستقول مثلي ما أعظم المسؤول حين يؤمن أنه إنسان عادي في زمن يصر فيه المسؤول والسياسي العراقي لايخرج إلى الشارع إلا وأفواج الحمايات تحيطه من كل جانب، خوفاً من نظرات الحسد التي يحملها الناس له .
ميركل التي كانت تطمح ان تصبح معلمة وجدت نفسها تتسلم اعلى منصب في المانيا ، لتعلم الساسة كيف يمكن للمسؤول ان يدير البلاد بلا ضجيج ولا قوانين تجتث الاخرين .
أرجو أن لا يظن أحد أنني أحاول أن أعقد مقارنة بين بلاد السيدة ميركل التي قررت التقاعد والجلوس في البيت بعيدا عن السياسة وضجيجها وبلاد أصحاب الفخامة الذين يصرون على ان يجلسوا على الكراسي الى اخر العمر ، لكنني أحاول القول دوماً، إنه لا شيء يحمي الشعوب من آفة الخراب سوى مسؤولين ومعهم رجال دين يعرفون معنى التواضع وينظرون إلى العراقي باعتباره شريكاً لهم في الوطن، وليس مجرد نزيل لا يحق له ان يقول لا لانتخابات مزيفة .
قدمت السيدة انجيلا ميركل لنا وللعالم درساً في أن السياسة فن احترام المبادئ والناس .. وألان عزيزي القارئ وانت تقرأ حكاية ميركل : هل يمكنك ان تخبرني ماذا يريد السيد نوري المالكي الذي امضى في رئاسة الوزراء دورتين كاملتين ؟ .
خصوصاً عندما يصرف وقته الثمين على تحذير العراقيين من عدم الذهاب الى صناديق الاقتراع . وقبل شهر اخبرنا ايضا ان تأجيل الانتخابات معناه ان الكارثة ستحل على العراق والعراقيين .
للاسف لا يريد ان يعرف السيد المالكي ان هموم العراقيين ليست في غياب تاجيل الانتخابات او الغائها، ولكن أن يعرفوا مثلاً، لماذا نتوسّل البلدان لكي نحصل على الكهرباء بعد 23 عاما من الميزانيات الضخمة ، ولماذا تنشر البطالة بين الشباب ؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

"دبلوماسية المناخ" ومسؤوليات العراق الدولية

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram