TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > بسبب الجفاف.. مدارس قرى وأرياف ميسان تخلو من المياه

بسبب الجفاف.. مدارس قرى وأرياف ميسان تخلو من المياه

نشر في: 28 سبتمبر, 2025: 12:02 ص

 ميسان / مهدي الساعدي

 

 

استقبلت عشرات المدارس الواقعة في مناطق قرى وأرياف محافظة ميسان، خصوصًا في المناطق التي تقع عند ذنائب الأنهار وقرب الأهوار الجافة، تلاميذها وطلبتها أسوة بباقي مدارس العراق، ولكنهم يختلفون عنها في شيء واحد هو انعدام وجود المياه التي فقدتها مناطقهم بسبب الجفاف.

 

المهتمون بالجانب البيئي في محافظة ميسان وضعوا عدة أسئلة أمام أعين المسؤولين عن كيفية إيصال المياه إلى مدارس مناطقها، وفي هذا الصدد بيّن حيدر عدنان رئيس منظمة أبناء الأهوار لصحيفة (المدى): «في الوقت الذي كنا نطالب فيه بتوفير المياه لسكان الأرياف والأهوار لغرض الاستخدامات المنزلية، عجزت الحكومة في محافظة ميسان عن إيصال المياه إلى تلك المناطق، فكيف ستواجه المدارس هذه المشكلة؟ خصوصًا أن هناك عشرات المدارس تقع ضمن المناطق الريفية المتأثرة بالجفاف الحاد، في الوقت الذي يحتاج الأطفال إلى رعاية مدرسية جيدة».

خزانات فارغة
مديرو مدارس ومعلمون شكوا أيضًا من خلو مدارسهم من المياه، وإن وُجدت في خزانات بعضها فإنها تعود لأشهر سابقة. يقول حسن علي، معلم في مدرسة ريفية جنوب المحافظة، لصحيفة (المدى): «مدرستي ابتدائية وتقع في منطقة أهلها يشترون المياه، لأن النهر الذي يمر بقريتهم جف تمامًا، وفي العام الماضي كنا في المدرسة نسحب المياه من النهر مباشرة لملء الخزانات لغرض الغسل فقط وري حديقة المدرسة، أما اليوم فالحديقة لم يعد لها وجود، وقمنا بشراء المياه أيضًا لغسل المدرسة والحفاظ على ما موجود في الخزانات لاستعمالات الغسل».
مراقبون للوضع الصحي للتلاميذ أكدوا أن أغلب مدارس أقضية ونواحي ميسان لا تتوفر فيها المياه الصالحة للشرب، ولا المرافق الصحية أيضًا. وفي هذا الصدد بين الناشط الصحي والإنساني سجاد محمد لصحيفة (المدى): «لا يحصل التلاميذ والطلبة في نسبة 90% من المدارس في عموم الأقضية والنواحي في محافظة ميسان، بما فيها مدارس مراكز المدن ناهيك عن مدارس المناطق النائية، على مياه صحية صالحة للشرب ولا يستطيعون أيضًا استخدام المرافق الصحية، والوضع بائس جدًا، وهذا الأمر ينطبق على جميع مدارس الأقضية والنواحي ما عدا المدارس الحديثة (المدارس الصينية)، وهي قليلة أصلًا، والتلاميذ والطلبة يعانون إلى حد كبير، والموضوع يشمل أيضًا صحة الكوادر التعليمية والتدريسية».

الجفاف يصيب ركائز المجتمع
أعرب مهتمون بالوضع البيئي في ميسان عن انزعاجهم بسبب وصول تأثير الجفاف إلى «ركائز المجتمع» وفق تعبيرهم، بعد أن عطّل جميع مظاهر الحياة في المناطق التي أصابها. ويبين الناشط البيئي علي محسن خلال حديثه لصحيفة (المدى): «لم يعد تأثير الجفاف في ناحية المشرح مقتصرًا على الأرض والزراعة وهجرة السكان فحسب، بل امتد ليصيب واحدة من أهم ركائز المجتمع والمتمثل بالتعليم، فالمدارس في القرى الريفية التابعة للناحية مثلًا ومنها أميلحة والشويطي والخويط وزويدة وغيرها تواجه معاناة قاسية منذ انطلاق العام الدراسي الجديد».
وأضاف محسن: «كان من المفترض حسب وعود الجهات المعنية أن يتم تزويد المدارس بالمياه عبر سيارات حوضية ثابتة ابتداءً من اليوم الأول للدوام، لكن الواقع جاء مغايرًا، فقد أكد عدد من المعلمين أنّ اليوم الأول مرّ من دون وصول أي وسيلة لنقل المياه، الأمر الذي جعل المدارس خالية تمامًا من أبسط مقومات النظافة والصحة».
من جانبه بين مدير إحدى المدارس الريفية، الذي طلب عدم ذكر اسمه أو اسم مدرسته، لصحيفة (المدى): «مررنا بيومين عصيبين جدًا لعدم توفر المياه بما فيها مياه الغسل، ولم نستطع حبس التلاميذ لأنهم يحتاجون إلى استخدام المرافق الصحية التي لا توجد فيها مياه، وقد وُعدنا بمرور سيارات لملء الخزانات الخاصة بالمرافق الصحية».
ونوه: «ولربما سنواجه مشاكل إضافية في كيفية إيصال خراطيم المياه إلى الخزانات التي تقع في نهاية المدرسة، ولا تستطيع السيارات الوصول إليها لملئها بالمياه».

مساوئ وعواقب صحية وتربوية
أشار مهتمون بالوضع البيئي إلى ما يمثله انعدام وجود مياه في المدارس، على الأقل ما يكون منها صالحًا للاستخدام الشخصي والغسل، وخطورة تلك الحالة التي تهدد بيئة التلاميذ الصحية والتعليمية على حد سواء. وفي هذا المجال يؤكد رئيس منظمة أبناء الأهوار لصحيفة (المدى): «إن انعدام توفر المياه يؤثر على صحة الطلاب، وعلى نظافتهم الشخصية بسبب صعوبة استخدامها في غسل أيديهم بشكل منتظم، مما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض، واحتمالية تغيبهم عن الدوام، مما يؤثر على أدائهم الدراسي والتعليمي من ناحية التركيز والأنشطة المدرسية، ولا يقتصر الأمر على الطلاب بل حتى على الكادر التدريسي لأنه سيواجه صعوبة في أداء دوره، وكذلك سوف تعاني المدارس من انعدام النظافة في الصفوف والمرافق الصحية وغيرها، وبالتالي يؤثر هذا الأمر بشكل عام على جودة التعليم».
ولم يخف ناشطو ميسان البيئيون قلقهم من أزمة الجفاف التي طالت المدارس بعد أن أتت على الزراعة ونشاط الفلاحين، دون وضع حلول حقيقية لمواجهته والاقتصار على حلول ترقيعية. ويقول الناشط البيئي علي محسن لصحيفة (المدى): «إن غياب الماء عن المدارس لا يهدد الصحة فقط، بل يهدد العملية التعليمية برمتها، ويجعل مستقبل الطلبة والتلاميذ في هذه القرى على المحك.
وباختصار يمكننا القول إنّ الجفاف الذي دمّر الزراعة وهجّر الفلاحين، يطرق اليوم أبواب المدارس، مهددًا حق الطلاب في التعلم داخل بيئة صحية وآمنة».
محذرًا: «وإذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة، فإنّ أجيالًا كاملة من أبناء المناطق الريفية في ميسان ستدفع ثمن الإهمال وسوء الإدارة. فالماء ليس ترفًا، بل هو الشرط الأول للحياة، وللتعليم، وللأمل بمستقبل أفضل».
ولم يعد أمام أبناء أقضية ونواحي المحافظة سوى توجيه نداء استغاثة إلى المسؤولين عن إدارة ملف المياه، بغية إيجاد حلول حقيقية من أجل وضع خطط لإيصال المياه إلى مدارس القرى والمناطق التي تعاني من الجفاف. ويوضح الناشط عباس هليل لصحيفة (المدى): «بعد المعاناة الكبيرة التي عاشها أبناء أرياف ميسان ومنهم أبناء ناحية المشرح، بسبب الجفاف التام للأنهر الفرعية في القرى والأرياف التي أدت إلى نفوق المواشي وهجرة الأهالي، اليوم نحن بصدد مواجهة مشكلة أخرى وهي المدارس، حيث بدأ العام الدراسي وبدأت معه معاناة التلاميذ، وخاصة في المراحل الابتدائية، حيث يحتاج الأطفال إلى استخدام الحمامات بصورة يومية ومتكررة، لذلك نناشد الجهات المعنية بالتدخل السريع لإيجاد حلول مناسبة لتلك الأزمة».

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram