بينما يطغى الانشغال بمواقع التواصل الاجتماعي مثل «فيسبوك» و«إكس»، وتطبيقات الفيديو مثل «تيك توك» و«يوتيوب»، لا تزال القراءة تحافظ على مكانتها بكونها هواية لا تندثر ومصدراً أصيلاً للمعرفة. وبين طقوسها المتوارثة، تبرز ظاهرة «الكتابة في الهوامش» التي تعني تدوين الملاحظات والتعليقات على جانب النصّ خلال القراءة. وقد اختلف الباحثون في تفسيرها، فالبعض يراها دليلاً على تركيز القارئ وإضاءته على النقاط الجوهرية، فيما يعدّها آخرون مؤشراً على الشرود والانصراف عن النصّ.
وفي هذا السياق، ذكرت «وكالة الأنباء الألمانية» أنه تاريخياً، ارتبطت الهوامش بمفكّرين كبار مثل ليوناردو دافينشي، الذي دوَّن خواطر حول الجاذبية على حواشي مخطوطاته قبل أن تُصاغ النظرية علمياً بسنوات. كذلك فعل أدباء مثل إدغار آلان بو وهيرمان ميلفيل، إذ ساعدت تدويناتهم «الهامشية» الباحثين لاحقاً في فهم عوالمهم الفكرية والأدبية بعمق أكبر. علماء النفس وطب الأعصاب اهتمّوا أيضاً بهذه الظاهرة؛ فقد خلصت دراسة في دورية «الحدود في علم النفس»، إلى أنّ الكتابة في الهوامش تُعزّز من قدرة الدماغ على الفهم والتذكّر. وأشارت الباحثة ماريان وولف من جامعة كاليفورنيا، إلى أنّ «التعليقات الجانبية تُساعد القارئ على الغوص في النصّ وتطوير تفسيراته الخاصة». وفي السياق عينه، رأى الباحث التركي ديميت يالي أنها تمنح الطلاب «استقلالية في التعلّم» خلال ورشات تعليم اللغات.
الاهتمام بالهوامش لم يقتصر على المجال الأكاديمي؛ فقد بحث طلاب الجامعات في الماضي عن كتب مستعملة تحتوي على تعليقات قرّاء سابقين بوصفها خلاصات مُركّزة للمادة العلمية. وإنما هذا التقليد تراجع مع بروز المكتبات الرقمية. وتكشف دراسات عن المخطوطات الوسيطة أنّ الحواشي لم تكن دوماً ملاحظات فكرية، فقد تحمل أيضاً رموزاً وزخارف ورسومات هزلية لإضفاء لمسة جمالية أو لتسلية القارئ.
الملاحظات في هوامش الكتب... تركيز أم تشتُّت؟

نشر في: 29 سبتمبر, 2025: 12:05 ص









