بغداد / تبارك عبد المجيد
مرّت أمس الذكرى السادسة لانتفاضة تشرين 2019، التي انطلقت احتجاجاً على تردي الخدمات وتلوث المياه والانقطاع المستمر للكهرباء وارتفاع معدلات البطالة، قبل أن تتحول إلى حركة واسعة رفعت شعار «نريد وطن» مطالبة بإصلاح سياسي شامل يضمن كرامة العراقيين وحقوقهم.
وبعد ست سنوات، لا تزال الأسئلة التي طرحتها تشرين حاضرة في المشهد العراقي، وسط جدل مستمر حول ما تحقق فعلياً وما بقي معلقاً.
تشير إحصاءات مؤسسة الشهداء إلى أن حصيلة ضحايا التظاهرات تجاوزت 500 شهيد، توزعت بين بغداد التي سجلت 296 شهيداً، وذي قار 120 شهيداً، والبصرة أكثر من 40 شهيداً، فيما تراوحت أعداد الضحايا في محافظات أخرى مثل بابل وكربلاء والنجف والديوانية وواسط وميسان بين 10 و15 شهيداً. وتؤكد تنسيقيات المتظاهرين أن الأعداد الحقيقية قد تكون أعلى من المعلن رسمياً.
وفي تشرين الثاني 2020، أعلنت مؤسسة الشهداء إنجاز أكثر من 1600 معاملة خاصة بذوي الشهداء والمصابين، في خطوة رمزية لتعويض جزء من التضحيات.
الباحث السياسي وأحد ناشطي تشرين، حسين العظماوي، أكد لـ«المدى» أن الانتفاضة لم تكن حدثاً عابراً بل «انتفاضة وطنية خالصة»، مشيراً إلى أنها أعادت تعريف العلاقة بين الشعب والنظام السياسي، رغم أن النتائج السياسية لم تحقق الطموح الشعبي. وأضاف أن حجم التضحيات كشف طبيعة القوى السياسية التي واجهت المتظاهرين بالقمع المفرط والقتل.
استجابة للاحتجاجات، عقد مجلس النواب جلسة استثنائية اتخذ فيها قرارات شملت تشكيل لجنة لتعديل الدستور، حل مجالس المحافظات، إلغاء امتيازات كبار المسؤولين، ومراقبة المحافظين، فضلاً عن رفع الحصانة عن نواب متهمين بالفساد. كما تم تعديل قوانين التقاعد والانتخابات والإدارة المالية، وأقر البرلمان استقالة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي.
على الصعيد القضائي، أكد مجلس القضاء الأعلى حق التظاهر السلمي، وأنشأ محكمة مركزية لمكافحة الفساد، وأفرج عن 3123 موقوفاً من المتظاهرين، موضحاً أنه لا يوجد أي متظاهر محكوم على خلفية الاحتجاجات.
لكن الناشط المدني علي القيسي شدد لـ«المدى» على أن أبرز ما يثقل ذاكرة تشرين هو غياب القصاص العادل للشهداء، مبيناً أن دماء الشباب لم تُنصف بعد، فيما تُركت عوائلهم من دون تحقيقات تكشف القتلة أو تعويضات حقيقية. وأشار إلى أن بعض القوى السياسية التي كانت جزءاً من قمع التظاهرات عادت لاحقاً لاستغلال تلك التضحيات في دعاياتها الانتخابية.
وأوضح القيسي أن تشرين حققت مكاسب على مستوى الوعي الجمعي للشباب العراقي، إذ كسرت حاجز الخوف ورسخت فكرة قدرة الشعب على مواجهة الفساد والمحاصصة، مؤكداً أن الانتفاضة ستبقى حية ما دام مطلبها الأساسي، «وطن حر ودولة عادلة»، لم يتحقق.
ست سنوات على تشرين: احتجاجات مستمرة ضد الفساد وغياب الخدمات!

نشر في: 2 أكتوبر, 2025: 01:03 ص









