واسط / جبار بچاي
يبدو أن المكاتب الخدمية للمرشحين في محافظة واسط أصبحت الطريق الأسرع لكسب ودّ المواطن والتأثير فيه من أجل الحصول على الأصوات، بعد أن انتشرت على نحوٍ لافت، وصار لكل مرشح أكثر من عشرة مكاتب خدمية موزعة بين الأقضية والنواحي، في وقت غابت فيه البرامج الانتخابية تمامًا عن المرشحين، ما أثار استياء المواطنين، خصوصًا النخب المثقفة.
المكاتب الخدمية لا تتعدى كونها دكاكين لبيع بضاعة فاسدة منتهية الصلاحية للمواطن، الذي يتردد في الغالب بين أكثر من مكتب خدمي لهذا المرشح أو ذاك، من أجل الحصول على ضالته وتحقيق مطالبه، سواء كانت تتعلق بالخدمات أو بالنقل من دائرة إلى أخرى أو بطلب التعيين وغيرها من المطالب التي لا يمكن لأي مرشح تحقيقها ما لم يكن يمتلك سلطة تنفيذية أو تشريعية. وإذا كانت بيده السلطة وسخّرها لتلبية مطالب الناس، فذلك مخالف للعرف الانتخابي ويُعدّ استغلالًا لموارد الدولة طالما كان المسؤول التنفيذي أو التشريعي مرشحًا.
يقول المواطن حسنين فالح من مدينة الكوت إن «المدينة أصبحت تعجّ بعشرات المكاتب التي يُطلق عليها خدمية، تتبع هذا المرشح أو ذاك، ولا أفهم معنى كونها خدمية طالما أن المرشح لا يمتلك أي سلطة في الوقت الحاضر».
وأضاف في حديثه لـ(المدى)، أن «المكاتب الخدمية أسلوب جديد لخداع الناس وإيهامهم، خاصة الطبقة الفقيرة التي تنطلي عليها الوعود والأكاذيب، وما أكثرها في تلك الدكاكين، في وقتٍ لم نسمع فيه عن أي مرشح تناول برنامجه الانتخابي أو دعا الناس لمناقشته حول برنامجه للتعرّف على مدى تقبّلهم له أو رفضهم له، أو حتى النقاش حول الإضافة والتعديل والتغيير فيه».
وأكد أن «غياب البرامج الانتخابية وعدم التطرق إليها بالمجمل العام يُعطي دليلاً على ضعف المرشح وعدم قدرته على إحداث التغيير المنشود الذي يطمح إليه المواطن ويريده في حال أصبح نائبًا تحت قبة البرلمان، لذلك نجد هناك نقمة واضحة عند الناس إزاء أغلب المرشحين».
من جانبه، ذكر سليم قاسم البناء أن «المرشح يدرك جيدًا حاجة المواطن لتقديم المساعدة المالية أو المعنوية، كأن تكون طلب نقل أو تعيين أو غير ذلك، ما دفع أغلب المرشحين إلى فتح مكاتب خدمية توزعت في الأقضية والنواحي تبعًا للثقل المالي والاجتماعي للمرشح، لتكون في المحصلة مصيدة للناس البسطاء من أجل كسب أصواتهم».
ويروي البناء حكايةً لقريبٍ له تجوّل خلال أسبوعٍ واحد بين تسعة مكاتب خدمية لمرشحين من مختلف الكتل والأحزاب، وقدم لهم طلباتٍ مختلفة، ولم يحصل سوى على الوعود الكثيرة.
وأشار إلى أن «بعض الناس الفقراء وجدوا في تلك المكاتب فرصة للحصول على الأموال بعد تقديم طلباتٍ للمساعدة للمرشحين، وهذا بحد ذاته ضحك على الذقون؛ فالمواطن يحصل على المساعدة، لكنه يوزع وعوده هنا وهناك بالتصويت لهذا المرشح أو ذاك».
وأكد «الغياب التام لأي برنامج انتخابي من قبل المرشحين، وعدم توضيح ما يمكن أن يقدمه المرشح لأبناء المحافظة مستقبلاً فيما لو أصبح عضوًا في البرلمان، ما يعني أن المرشح لا يعي دوره وما يجب أن يقدمه للناس، وكيف يمكن إقناعهم بالتصويت له دون غيره بناءً على برنامجٍ طموح».
وانتقد الإعلامي جلال الشاطي طريقة وأسلوب تعامل المرشحين مع الناخب الواسطي، كونهم اعتمدوا أسلوب الخداع عبر ما يُسمّونها المكاتب الخدمية التي ظهرت على نحوٍ لافت في هذه الدورة الانتخابية، في وقتٍ غابت فيه تمامًا البرامج الانتخابية.
وقال: «ليست المكاتب الخدمية وحدها أسلوب خديعة، بل هناك من يقوم بالتهميش على طلبات المواطنين مستخدمًا القلم الأحمر، وهذه طامة كبرى».
يُذكر أن عدد المرشحين خلال الدورة الانتخابية الحالية لمحافظة واسط بلغ 246 مرشحًا، بينهم 178 رجلًا و68 امرأة، موزعين بين ثمانية تحالفات وتسعة أحزاب، إضافة إلى تسعة مرشحين منفردين.
ويتنافس هؤلاء المرشحون لشغل 11 مقعدًا في البرلمان عن محافظة واسط، إضافة إلى مقعد كوتا الكُرد الفيليين.
المكاتب الخدمية بدلا من البرامج.. أهالي واسط غاضبون من المرشحين

نشر في: 5 أكتوبر, 2025: 12:11 ص









