علاء المفرجي
تدور الرواية حول موضوع الغموض والإثارة، حيث يفتح بطل الرواية «صندوق باندورا» الذي يحتوي على أسرار وخفايا خطيرة قد تغير مجرى حياته وحياة من حوله. تتشابك الأحداث في سرد مشوق يجمع بين التشويق النفسي والغموض، مع تسلسل درامي يجعل القارئ مشدودًا حتى النهاية..
تتناول الرواية مواضيع متعددة مثل الفضول البشري، العواقب المترتبة على الكشف عن أسرار دفينة، وتأثير القوة والمعرفة على النفس البشرية. من خلال شخصية البطل، يعرض الكاتب كيف يمكن لرغبة الإنسان في استكشاف المجهول أن تتحول إلى لعنة، وأن الفضول قد يؤدي إلى نتائج لا يمكن التنبؤ بها.
تجري أحداث الرواية في باريس، والشخصية الرئيسية، مُعلّم تاريخ، حضر عرض التنويم المغناطيسي برفقة زميله. لم تكن نهاية المسرحية موفقة، وبعدها تغيرت حياة المُعلّم جذريًا. بدأ يحلم، ويرى ما لم يره من قبل. تعرّف على عصور جديدة، بل وحتى أجزاء من العالم. شخصيات جديدة في التاريخ، من هم؟ في ذلك اليوم، خلال جلسة التنويم المغناطيسي، انفتحت أمام الشخصية الرئيسية أبواب جديدة. بعد ذلك اليوم، تغيرت حياته جذريًا.
يتناول الكتاب العديد من المواضيع المؤلمة في مجتمعنا المعاصر. ومن اللافت أن بطل الرواية يمرّ بمشاكل كثيرة في حياته، فتظهر معه مشاكل أخرى كالسيل. ستكون قراءة علاقة البطل بوالده شيقة للغاية؛ فقد توفيت والدة المعلم منذ زمن طويل، وأثر ذلك عليه. علاوة على ذلك، يتضمن الكتاب قصة حب تجذب القراء المحتملين. لكن تجدر الإشارة إلى ذلك مقارنةً بجوانب أخرى من الكتاب. في هذا الكتاب، الهدف الرئيسي للبطل هو إنقاذ الناس.
كل يوم بالنسبة إليه تحديًا. قد يُجبر حتى على إنقاذ العالم. لكن ممن؟ كل هذا تجدونه في كتاب برنارد ويربر الرائع. اكتشفوا عالمًا من المشاعر الجديدة. ساعدوا مُعلّم التاريخ على ألا ينسى سبب تكليفه بهذا العمل.
الصندوق يمثل فضول الإنسان المستمر في البحث عن المجهول والمعرفة التي قد تكون خطرة أو محظورة. تمامًا كما في الأسطورة اليونانية، حيث يؤدي فتح صندوق باندورا إلى إطلاق الشرور والمصائب، فهو يرمز هنا إلى تلك المعرفة التي يتسبب كشفها بالألم أو الفوضى.
الصندوق هو تمثيل لكل الأسرار التي تختبئ داخل النفس البشرية أو في العالم الخارجي، والتي لا يجب كشفها بسهولة. هو وعاء للأسرار التي تختبر قوة الإنسان وتحكمه على نفسه.
فتح الصندوق في الرواية ليس مجرد فعل بسيط، بل يحمل تبعات كبيرة، تحوّل حياة البطل وحياة من حوله، مما يشير إلى أن بعض القوى أو المعارف قد تكون فوق قدرة الإنسان على التحكم أو الفهم الكامل. وكما في الأسطورة، الصندوق يحمل في طياته الخير والشر، المعرفة التي قد تفيد الإنسان لكنها تحمل معها مخاطر لا تُحمد عقباها. الرواية تطرح فكرة أن المعرفة ليست مجرد قوة إيجابية، بل يمكن أن تكون عبئًا.
الرواية هنا تنقل رسالة ضمنية بأن الفضول بلا حدود يمكن أن يؤدي إلى الكارثة، وأن هناك حدودًا طبيعية في العالم لا يجب تجاوزها دون حكمة. والصندوق قد يرمز أيضًا إلى النفس البشرية، حيث تحمل أسرارًا ومشاعر مكبوتة. فتح الصندوق هو بمثابة مواجهة مع المجهول داخل الذات، الصراعات الداخلية التي قد تؤدي إلى أزمة شخصية.
أن اختيار فتح الصندوق يمثل لحظة حرية إنسانية، قرار حر يتحمل صاحبه مسؤولية عواقبه، مما يطرح سؤالًا حول مقدار التحكم الذي نملكه على مصيرنا حين نختار البحث عن الحقيقة.
بدأ برنار فيربير الكتابة بعمر السادسة عشرة، (ولد سنة 1961 في مدينة تولوز) ودخل عالم الأدب. فكتب قصصاً قصيرة، وسيناريوهات، ومسرحيّات. وبعد أن أنهى دراسته في علم الجريمة والصحافة، عمل محرّراً في الصحافة العلميّة. أصدر سنة 1991 روايته الأولى (النمل) التي حظيت بنجاح منقطع النظير، وهو لم يتجاوز بعد الثلاثين من عمره. النمل هو الجزء الأول من ثلاثية النمل للمؤلف نفسه، تبعها رواية يوم النمل عام 1992 ثم رواية ثورة النمل (رواية) وتشكل الروايات الثلاث ما يعرف باسم ثلاثية النمل.
صندوق باندورا.. التحكم الذي نملكه بمصيرنا في البحث عن الحقيقة

نشر في: 6 أكتوبر, 2025: 12:01 ص









