TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > تزايد التشوهات الولادية في المثنى وتحذيرات من أسباب بيئية

تزايد التشوهات الولادية في المثنى وتحذيرات من أسباب بيئية

نشر في: 7 أكتوبر, 2025: 12:02 ص

 السماوة / كريم ستار

تشهد محافظة المثنى تصاعداً في أعداد الأطفال المصابين بالتشوهات الولادية خلال السنوات الأخيرة، في ظل غياب بيانات رسمية دقيقة تحدد حجم الظاهرة أو أسبابها، بينما تشير تقديرات منظمات محلية إلى تسجيل آلاف الحالات، بعضها يُربط بعوامل بيئية وكيميائية.

 

وتؤكد منظمات طبية في المثنى تسجيل أكثر من خمسة آلاف حالة تشوه ولادي خلال الأعوام الماضية، توزعت بين أسباب وراثية وصحية واجتماعية، وأخرى يُعتقد أنها ناجمة عن التلوث البيئي ومصادر الإشعاع والعوامل الكيميائية المنتشرة في بعض المناطق.
ويقول رئيس منظمة "ضفاف الرافدين الخيرية"، رميض الساعدي، إن منظمته وثّقت أكثر من 400 إصابة بأمراض وتشوهات خلقية، إلى جانب نحو 900 طفل مصاب بمرض الثلاسيميا، مضيفاً أن المنظمة تحاول تخفيف الأعباء المالية عن الأسر محدودة الدخل عبر التكفل بالعلاج أو التنسيق مع مستشفيات داخل وخارج المحافظة لإجراء العمليات الجراحية اللازمة. ويشير الساعدي إلى أن تعدد الأسباب يجعل من الصعب تحديد عامل واحد وراء الزيادة، موضحاً أن زواج الأقارب، وضعف التثقيف الصحي خلال الحمل، واستعمال بعض الأدوية من دون وصفة طبية، جميعها تسهم في ارتفاع معدلات الإصابة بالتشوهات الولادية.
من جانبه، يوضح المعاون الإداري في كلية الطب بجامعة المثنى، الدكتور حسين ثائر، أن العوامل البيئية تُعد جزءاً أساسياً من المشكلة، مؤكداً أن الملوثات المنتشرة في مناطق مختلفة من المحافظة، إلى جانب زواج الأقارب، من أبرز أسباب التشوهات الولادية. كما حذر من الاستخدام غير المنضبط للأدوية أثناء الحمل من دون استشارة طبية، لما يشكله من خطر مباشر على صحة الأجنة.
ويرى مختصون أن ضعف التوعية الصحية في القرى والأرياف والمناطق الفقيرة يُفاقم الظاهرة، إذ تفتقر كثير من الأسر إلى المعرفة بأساليب الوقاية أو الفحوصات الدورية اللازمة أثناء الحمل، ما يؤدي إلى اكتشاف بعض الحالات بعد الولادة فقط.
ورغم تصاعد الاهتمام المجتمعي والإعلامي، ما زالت الدوائر الصحية في المثنى تتحفظ على إصدار أرقام أو نسب رسمية، ما يفتح الباب أمام تفاوت التقديرات والاجتهادات حول حجم المشكلة. ويشير أطباء ومسؤولون صحيون إلى أن غياب قاعدة بيانات موحدة يؤدي إلى عدم توثيق عدد من الحالات في المستشفيات، إما بسبب غياب آليات المتابعة، أو بسبب عزوف بعض الأسر عن الإعلان لأسباب اجتماعية ونفسية.
وفي هذا السياق، تؤكد الأستاذ المشارك في الهندسة البيئية، الدكتورة سعاد العزاوي، أن التعرض المستمر لمستويات منخفضة من الإشعاع أو الملوثات لا يظهر أثره فوراً، لكنه يقود مع مرور الزمن إلى مرحلة تعرف بـ "حد العتبة"، حيث يعجز الجسم عن مقاومة التأثيرات المتراكمة. وتضيف أن هذا النوع من التعرض يمكن أن يؤدي إلى تشوهات ولادية أو إجهاض متكرر أو أمراض مزمنة لاحقاً، داعية إلى تكثيف برامج الفحص البيئي والصحي، وإجراء اختبارات دورية للمياه والتربة والهواء في مناطق متعددة من المحافظة.
ويقول الطبيب قاسم عباس إن معالجة الظاهرة تتطلب خطة متكاملة تتجاوز الجانب العلاجي، لتشمل التوعية والرقابة والبحث العلمي، مشدداً على ضرورة وضع خطة صحية وبيئية شاملة تتضمن التوعية للحد من زواج الأقارب، وتشديد الرقابة على صرف الأدوية والمستحضرات الطبية أثناء الحمل، وتوسيع قدرات المختبرات المعنية برصد الملوثات في المناطق السكنية والزراعية.
أما الخبير البيئي مهدي جاسم، فيؤكد أن الحلول لا يمكن أن تكون وقتية أو جزئية، بل تتطلب تعاوناً مؤسساتياً بين الجهات الصحية والجامعات والمنظمات المدنية، لوضع استراتيجية طويلة الأمد تُعنى برصد الأسباب، وتقديم الدعم الوقائي والعلاجي، وإنشاء قاعدة بيانات وطنية تساعد على التحليل العلمي للحالات.
وتواصل منظمات المجتمع المدني في المثنى جهودها لمساعدة الأسر المتضررة، سواء بتوفير الأدوية أو دعم العمليات الجراحية أو التنسيق مع المؤسسات الطبية في المحافظات الأخرى، إلا أن مراقبين يؤكدون أن غياب الإحصاءات الرسمية والدراسات الحكومية المتخصصة يبقى التحدي الأكبر أمام فهم أبعاد المشكلة ووضع الحلول المناسبة.
ويخلص مختصون إلى أن تطوير آليات التوثيق، وبناء قاعدة معلومات وطنية، وإشراك المؤسسات الصحية والأكاديمية في المتابعة، تمثل الخطوة الأساسية لمعالجة الظاهرة من جذورها وتقليل آثارها الصحية والاجتماعية والاقتصادية في محافظة المثنى وسائر المحافظات العراقية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram