TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > جفاف الأهوار وبحر النجف يطرد الطيور المهاجرة ويهدد بانقراض هوية الطبيعة العراقية

جفاف الأهوار وبحر النجف يطرد الطيور المهاجرة ويهدد بانقراض هوية الطبيعة العراقية

وداع حزين وانهيار للتوازن البيئي

نشر في: 12 أكتوبر, 2025: 12:01 ص

النجف/ عبدالله علي العارضي

تداول ناشطون بيئيون مشاهد فيديوية مؤثرة أظهرت أسراباً من الطيور المهاجرة وهي تحوم فوق مسطحات مائية جافة، في محاولة يائسة للهبوط في أماكن اعتادت على اللجوء إليها كل عام، مثل بحر النجف والأهوار في وسط وجنوب البلاد، هذه المشاهد، التي بدت وكأنها وداع حزين للطبيعة. وحذّر ناشطون بيئيون من أن موجات الجفاف المتواصلة تهدد بفقدان العراق لواحد من أهم مظاهره الطبيعية والحياتية، مع اختفاء الطيور المهاجرة التي اعتادت أن تحط في المسطحات المائية مثل بحر النجف والأهوار الجنوبية، والتي كانت تشكّل رمزاً جمالياً وبيئياً مميزاً لمدن الوسط والجنوب.

أزمة بيئية تضرب التنوع الطبيعي
يقول الناشط البيئي علي عزيز في حديثه لـ(المدى)، إن "الطيور المهاجرة كانت تلوذ سنوياً بهذه المسطحات المائية، لكنها هذا العام لم تجد ما يحميها أو يوفر لها الماء والغذاء، فبقيت تحوم حول الأماكن التي كانت تلوذ بها سابقاً دون جدوى".
ويضيف عزيز بأسف: "هذه الطيور بدأت تبحث عن بدائل جديدة، ربما تتجه إلى مناطق أبعد في الجنوب أو تقترب من المدن، وهو ما يجعلها عرضة سهلة للصيادين، بعدما كانت تجد في المسطحات المائية ملاذاً آمناً خلال موسم الهجرة".
وأوضح أن "من أبرز أنواع الطيور المهاجرة إلى العراق طائر الكركي الذي يصل عادة منتصف أيلول أو قبل حلول الشتاء، إلى جانب طائر الفلامينكو، لكنها تفاجأت هذا العام بجفاف الأهوار وضياع مساراتها التقليدية، ما قد يدفعها في السنوات المقبلة إلى هجرة نهائية من العراق، ويفقد البلاد إرثاً طبيعياً وثقافياً ظل جزءاً من هويتها البيئية لقرون طويلة".

أنواع الهجرة وتوصيات بيئية عاجلة
من جانبه، كشف مدير شعبة التغيرات المناخية في مديرية بيئة النجف، حيدر فليح لـ(المدى)، إن "هناك ثلاثة أنواع من الطيور المهاجرة تأتي إلى العراق، الأولى تأتي على شكل مجاميع كبيرة يقودها طائر يُعرف بقائد السرب، يقوم باستطلاع الموقع قبل إعطاء الإيعاز للمجموعة بالهجرة، وأحياناً تصل مجموعة صغيرة أولاً ثم تتبعها الهجرة الجماعية".
وأضاف أن "النوع الثاني من الطيور يأتي بأعداد محدودة، قد تصل إلى مئة طائر فقط، أما النوع الثالث فيتكوّن من طيور فردية تأتي للتكاثر أو بسبب تبدل درجات الحرارة".
وأشار حيدر إلى أن "المديرية قدّمت توصيات عاجلة بضرورة إنشاء محميات طبيعية تُدار بمستوى مائي محسوب ومدروس، لأن الطيور المهاجرة تعتمد على استقرار المناسيب في المسطحات المائية كعامل جذب أساسي، وعدم استقرارها سيؤدي إلى فقدان هذه الأنواع بشكل متسارع".
ولفت إلى أن "استمرار الجفاف قد يحوّل مناطق مثل بحر النجف من بيئة تستقبل آلاف الطيور إلى موائل محدودة للطيور المقيمة فقط، لذلك أوصينا بإنشاء محميات دائمة وتحديد كميات المياه الواردة إليها بما يضمن استدامتها على المدى الطويل".

فقدان المشهد الطبيعي
أما المواطن أبو كرار الموسوي، أحد سكان أطراف بحر النجف، فقال لـ(المدى): "كنا ننتظر قدوم الطيور المهاجرة كل عام، كان منظرها يبهجنا ويعطي المكان روحاً خاصة، لكن المشهد الآن أصبح محزناً بعد أن جفّت أغلب المسطحات المائية وغابت تلك الأصوات التي كانت تملأ السماء".

مطالب بحلول ومعالجات مستدامة
فيما دعا المواطن حسن الجابري الجهات المعنية إلى التحرك العاجل لإنقاذ ما تبقّى من البيئات الطبيعية في المحافظة، قائلاً: "نحتاج إلى حلول حقيقية، لا وعود مؤجلة، يجب إنشاء بحيرات اصطناعية صغيرة حول بحر النجف وربطها بمصادر تغذية دائمة، لأن اختفاء الطيور يعني فقدان هوية المكان نفسه، وهذه مسؤولية وطنية قبل أن تكون بيئية".
ويؤكد مختصون أن فقدان الطيور المهاجرة سيترك أثراً عميقاً على التوازن البيئي في العراق، إذ تمثّل هذه الكائنات مؤشراً طبيعياً على استقرار المناخ وجودة المياه، كما أن استمرار الجفاف قد يُفقد البلاد أحد أهم رموزها الطبيعية التي شكّلت على مدى قرون جزءاً من الذاكرة الجماعية والبيئية لسكان الجنوب والفرات الأوسط.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram