متابعة/ المدى
في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها الساحة الإقليمية والعلاقات العراقية – السورية، برزت من جديد قضية إعادة فتح معبر ربيعة الحدودي بين محافظتَي نينوى العراقية والحسكة السورية، المعروف في الجانب السوري باسم معبر اليعربية.
فقد أكدت مصادر حكومية عراقية أن بغداد رفضت طلبات لإعادة فتح المعبر بسبب استمرار سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية (قسد)" عليه، متمسكة بموقفها الثابت القاضي بالتعامل الحصري مع الحكومة السورية في دمشق في ملفات الحدود والمعابر. ويأتي هذا الموقف في إطار سياسة العراق الرامية إلى تعزيز مبدأ السيادة واحترام الجوار، إضافة إلى ما يُفسَّر بأنه دعم سياسي للحكومة السورية برئاسة أحمد الشرع في مواجهة النفوذ الكردي شمال شرق سورية.
كما يتزامن القرار مع تحركات أمنية عراقية مكثفة لإعادة رعاياها من مخيم الهول السوري الخاضع لسيطرة "قسد"، في سياق الجهود لإغلاق ملف المخيمات وملاحقة بقايا تنظيم "داعش". ويُعد معبر ربيعة من المعابر الحيوية التي تربط البلدين، إلا أنّ استمرار سيطرة قوى غير رسمية عليه من الجانب السوري حال دون إعادة افتتاحه رغم استكمال العراق تأهيله من جهته. وتبقى إمكانية فتحه مرهونة بتطورات العلاقة بين دمشق و"قسد"، وبقدرة الحكومة السورية على بسط سلطتها على كامل الشريط الحدودي.
وأغلق العراق معبر ربيعة كلياً منذ آذار 2013 ونشر قوات عسكرية على كامل الحدود، قبل أن تنهار الأوضاع الأمنية في الموصل عام 2014 ويتناوب على المعبر من الجانبين العراقي والسوري جهات مسلحة عدّة، كردية وعشائرية، لكن في عام 2017 استعادت بغداد السيطرة الكاملة على بلدة ربيعة حيث يقع المعبر الذي ظل مغلقاً لغاية الآن.
وأكد عضو مجلس محافظة نينوى محمد هريس أن "الجانب العراقي رفض افتتاح المعبر مع الجانب السوري؛ لأنّ الجهات المسلحة التي تمسك المنفذ من الجانب السوري هي قوات غير رسمية، بينما بغداد تصر على التعامل مع الدولة والحكومة السورية الشرعية في دمشق، وهو ما تسبب بعدم فتح المعبر"، مرجحاً تأخر افتتاحه لحين "فرض القوات الرسمية السورية التابعة لدمشق سيطرتها عليه من الجانب السوري".
وأشار هريس إلى أن السلطات المحلية أكملت منذ نحو عام بناء المعبر من الجانب العراقي، كما وفرت كل الأجهزة والموظفين والمتطلبات الخاصة بعمل المعبر. وبدأت السلطات في نينوى بالتواصل مع بغداد، وتحديداً وزارة الخارجية، من أجل الترتيب مع الحكومة السورية لإعادة العمل في المنفذ، الذي يعد مصدراً من مصادر دعم الاقتصاد والحركة التجارية في المحافظة، لا سيما أنه المنفذ البري الوحيد في نينوى، لكن لن يجري افتتاحه حتى تقوم "قسد" بتسليم إدارته إلى دمشق.
من جهته، استبعد الباحث السياسي ورئيس مركز رصد للدراسات، محمد غصوب، فتح المعبر خلال الأشهر القريبة، عازياً السبب في ذلك إلى "توتر الأوضاع بين الحكومة السورية بقيادة الشرع والجانب الكردي المتمثل بقوات سوريا الديمقراطية، التي وصلت مؤخراً إلى مرحلة الصراع والصدام المسلح".
وقال غصوب إن "العراق أكمل من جانبه تأهيل المعبر، ولكن ما يؤجل افتتاحه هو سيطرة قوات قسد عليه من الجانب السوري"، مرجحاً عدم افتتاحه خلال الأشهر الستة المقبلة على أقل تقدير "بسبب توتر العلاقة بين دمشق وقسد والذي وصل إلى مرحلة الصدام المسلح بين الجانبين رغم التوافقات الشكلية التي جرت بينهما قبل أسابيع"، مشيراً إلى أن افتتاحه مرهون بوصول القوات النظامية الرسمية التابعة للحكومة السورية إلى الجانب السوري مع المعبر وفرض السيطرة عليه.
وفي حزيران الماضي، أعلنت هيئة المنافذ الحدودية العراقية، استئناف حركات التبادل التجاري وحركة المسافرين في منفذ القائم الحدودي مع سورية، كما أعلنت الهيئة الأسبوع الماضي افتتاح معبر الوليد بين البلدين قريباً.










