TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > الكوتا المسيحية في دوامة صراع .. خلافات وإتهامات بالاختطاف السياسي تهدد وحدة المكوّن

الكوتا المسيحية في دوامة صراع .. خلافات وإتهامات بالاختطاف السياسي تهدد وحدة المكوّن

احتدام الخلاف بين الأحزاب الآشورية والكلدانية

نشر في: 16 أكتوبر, 2025: 01:21 ص

 بغداد/ سيزر جارو

مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية العراقية المقرَّرة يوم 11 نوفمبر المقبل، تتفاقم الصدامات مجدداً داخل الساحة المسيحية حول الكوتا المخصصة لهم في مجلس النواب، وسط اتهامات متبادلة بين الأحزاب الآشورية (المسيحية) الكبرى بأن الكوتا مخطوفة بيد بعض الميليشيات والكيانات الأمنية بالمهيمنة.
تُشير التقديرات إلى أن حوالي 19 مرشحًا مسيحيًا يتنافسون على خمسة مقاعد مخصصة للمسيحيين في مجلس النواب، إلا أن عددًا من الجماعات السياسية المقاطعة يدّعون أن هذه المنافسة شكلية وتخضع لضغوط خارجية، وليست تمثيلاً حقيقيًا لإرادة المجتمع الآشوري والمسيحي.
تتصاعد هذه التوترات بعد قرار مقاطعة اتخذته أغلبية من الأحزاب الآشورية لعملية الاقتراع المرتبطة بالمقاعد المخصصة للمكوّن المسيحي، فيما بدا أنه صدام بين مطالب ضمان التمثيل ونتائج إجراءات قضائية وإدارية أثارت استياء القيادات المحلية.
في بغداد واربيل تناولت المواقف الأخيرة ملف «الكوتا» من زاويتين: الأولى تحذر من زج مرشحين مرتبطين بميليشيات أو مصالح حزبية ضيقة، والثانية تتهم هيئات قضائية وإدارية بأنها قلصت فعلياً من قدرة المجتمع المسيحي على اختيار ممثليه بحرية. حيث اشار الكاردنال ساكو — بطريرك الكلدان الكاثوليك — إلى الحذر من «المرشحين الفاسدين أو المرتبطين بالسلاح»، في نداء علني نشرته وسائل إعلام محلية نقلت عنه رفض الكنيسة محاولات التجييش أو السيطرة على مقعد المسيحيين.
وفي حديث لـ (المدى) قال الناشط "سركون بيت يونان": إن القضية ليست مقعداً واحداً بل مستقبل تمثيلنا السياسي وهويتنا"، مشدداً على أن "قرار المقاطعة جاء احتجاجاً على أحكام قضائية وتعديلات في قوانين الانتخابات التي قلّصت حصص الأقليات أو عطّلت آليات اختيار ممثليهم. هذا الموقف توافقت معه بيانات عدة أحزاب ومجموعات مدنية تعلن رفضها لطرق إدارة العملية الانتخابية في بعض المحافظات".
من جانبها، أعلنت مفوضية الانتخابات العراقية عن نشر قوائم المرشحين للمقاعد المسيحية قبل موعد الانتخابات العامة، وسط اتهامات متبادلة بطرد أو استبعاد مرشحين بارزين مثل النائب السابق "جوزيف صليوا"، وقائممقام الحمدانية السابق "عصام بهنام متي" لأسباب إجرائية أو قانونية.
وصفها "أبلحد ساكا" عضو حزب اتحاد بيث نهرين الوطني في حديث لـ (المدى): ان هذا الاستبعاد يقلّل من فرص المجتمع المسيحي في أن يكون له صوت في البرلمان وصناعة القرار كصوت "جوزيف صليوا" الفاعل.
وأضاف ساكا، أن "هناك شكوك حول النوايا السياسية حتى لو استُخدمت شروط قانونية، فإن طريقة تطبيقها قد تُستخدم لتهميش بعض الشخصيات لأسباب سياسية، ليس دائمًا بناءً على الكفاءة أو السيرة وحدها، لكن على العلاقات، النفوذ، أو الانتماءات السياسية".
وأردف: "لم يكن هناك حكم قضائي نهائي بحق مرشحينا لا بجرائم تُخِل بشروط الأهلية، ولا مخالفات إجرائية مثل تقديم مستندات ناقصة، عدم استيفاء بعض الشروط القانونية (سكن، مقاعد الكوتا، تسجيل رسمي، إلخ)، فذلك قد يكون مبررا". وقد شملت التهم ملاحظات تتعلق بمخالفات قانونية أو عدم استيفاء شروط بحسب ما نقلته مواقع تتابع قرارات المفوضية. هذه القرارات أدت إلى تصعيد الخطاب بين الأطراف المسيحية، لأن خصومات الإقصاء تبدو مؤثِّرة مباشرة على فرص المجتمع في المحافظة على تمثيله التقليدي.
وأضاف فيما يخص قانون الكوتا، أنه "يُعاب على الكوتا في بعض المواقف أنها أصبحت خاضعة لتأثيرات كتل سياسية كبيرة أو أحزاب غير مسيحية، بحيث يُرشح من خلالها أشخاص ليسوا من داخل المكون المسيحي أو يُستخدم الكوتا كأداة لتحقيق مصالح سياسية خارجية، وليس لخدمة الجماعة المسيحية نفسها".
كما وجه بأنه "يُنظر بعض المرشحين المسيحيين هم واجهات أو أدوات لاجندة خارجية ولحسابات غير داخلية، وليسوا ممثلين حقيقيين للشعب المسيحي.
وفي دعوة إلى إصلاح قانون الكوتا بحيث يُنظم التصويت حصريًا من الناخبين المسيحيين، ويُخفّض تدخل الجهات الأمنية أو الميليشيات في العملية الانتخابية، مع إطلاق دعوات حكومية لتنفيذ إصلاح دستوري يضمن تمثيل الأقليات بشكل فعلي لا شكلي. من جانبه، قال "كيوركيس بتيو" المتحدث باسم الرابطة الآشورية العالمية، في حديث لـ (المدى)، إن "الأزمة تتجاوز الخلافات المحلية، كلما تبددت الثقة في آليات التمثيل القانوني، تزداد فرص تدخل قوى خارجية أو محلية مسلّحة لملء الفراغ السياسي". وأضاف، أن "أي تراجع في تمثيل الأقليات سيؤثر على مفاوضات أوسع حول ملفات النفوذ وتقاسم الموارد في محافظات مثل نينوى وكركوك". كما نبّه إلى أن مقاطعة واسعة من الأحزاب الصغيرة قد تؤدي إلى شرخ داخلي بين النخب الدينية والسياسية والجماهير المحلية. ويعبّر ناشطون وممثلون مدنيون عن قلقهم من أن يؤدي الصراع إلى مزيد من تهميش المسيحيين داخل العملية السياسية الوطنية، خصوصاً مع ضغوط ديموغرافية وهجرة مستمرة منذ سنوات. وفي إشارة إلى ذلك، دعت بعض المنظمات المجتمع المدني إلى حوار فوري يجمع الكنيسة، الأحزاب الممثلة والمفوضية، بهدف التوصل إلى آلية شفافـة تضمن حق الاقتراع والتمثيل دون تحيّز أو إقصاء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram