السليمانية / سوزان طاهر
يبدأ موسم الزراعة الشتوية في كردستان بشكل عام من شهر تشرين الأول حتى كانون الأول، حيث تُزرع فيه محاصيل مثل الحنطة والشعير والخضروات الشتوية.
وتختلف الأوقات الدقيقة لزراعة كل محصول، لذا يُنصح بمتابعة الظروف المحلية والتوجيهات الرسمية للحصول على أفضل النتائج.
وحددت وزارة الزراعة الاتحادية في العام الماضي 375 ألف دونم حصة إقليم كردستان من خطة الزراعة الشتوية. لكن الواقع يشير إلى ما دون ذلك خلال العام الحالي، بحسب كل المعطيات، ونتيجة موسم الجفاف وقلة الأمطار، فيُتوقّع أن تكون الزراعة الشتوية كارثية هذا العام، ولن تصل إلى مستويات كبيرة.
وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية الشتوية أكثر من 11 مليون دونم، عدا إقليم كردستان، وبمختلف طرق الإرواء الديمي (الأمطار، الآبار، والمياه الجوفية)، والري السطحي (الأنهار)، ومن خلال استخدام منظومات الري الحديثة التي تعمل الوزارة على تجهيزها بأسعار مدعومة.
ولم يتلقَّ إقليم كردستان حتى الآن هطولاً كافياً للأمطار، رغم اقتراب فصل الشتاء من نهايته، ما قد يهدد بتداعيات بيئية بعيدة المدى، أهمها الإضرار بالمواسم الزراعية التي أصبحت تشكّل جزءاً رئيسياً من الاقتصاد المحلي.
تأخر موسم الأمطار
وبهذا الصدد، يؤكد الخبير في الشأن الزراعي مريوان محمد مصطفى أنه حتى الآن غير معلومة تفاصيل الخطة الشتوية الزراعية في الإقليم.
ولفت خلال حديثه لـ «المدى» إلى أنه «في كل عام يبدأ الهطول المطري في أواخر شهر أيلول أو مطلع شهر تشرين الأول، لكن خلال العام الحالي، من الواضح أن موسم الأمطار سيتأخر حتى الشهر المقبل، وهذا سيؤدي إلى أضرار كبيرة على الخطة الزراعية الشتوية».
وأضاف أن «الخطة الزراعية الشتوية يجب أن لا تتأخر كحدٍّ أعلى إلى نهاية شهر تشرين الأول، ولهذا فإن الخطة الزراعية الشتوية للموسم الحالي سيكون مصيرها الفشل بنسبة كبيرة».
وشهدت مناطق الإقليم أولى الموجات المطرية في أواخر العام الماضي، خصوصاً في السهل الممتد على طول المنطقتين الجنوبية والغربية، وبالذات في محافظتي أربيل ودهوك.
وكان الإقليم على الدوام أكثر مناطق العراق غزارة بالأمطار بسبب طبيعته الجبلية وبعده النسبي عن مركز البادية العراقية - السورية.
200 ألف دونم
في سياق متصل، يرى الخبير الزراعي سيروان كريم أن الخطة الزراعية الشتوية في الإقليم للموسم الحالي لن تصل بأعلى مستوياتها إلى 200 ألف دونم، وهو ما لا يشكّل سوى نحو 60% من الخطط في المواسم والسنوات السابقة.
وأشار خلال حديثه لـ «المدى» إلى أن «هناك مخاوف من تأخر موسم الأمطار حتى نهاية العام الحالي، ولا تريد وزارة الزراعة الاتحادية التجاوز على احتياطي المياه الموجود في سدي دوكان ودربنديخان، اللذين يعانيان أصلاً من كارثة نقص كبيرة».
وشدد على أن «تركيا تسببت بهذه الخديعة، عندما أعلنت عن زيادة حصة العراق من الإطلاقات المائية، لكن ذلك لم يحصل، ولم يتمّ زيادة الحصة المائية، وبقي التجاوز مستمراً على احتياطي المياه، كما أن المياه الجوفية تعاني من نقص كبير، والاستمرار في استنزافها سيؤدي إلى كوارث كبيرة».
وكشفت مصادر مطلعة أنه من المتوقع خفض إنتاج العراق من محصول الحنطة الاستراتيجي العام المقبل، بعد أن أقرت وزارة الزراعة الخطة الزراعية الشتوية بتقليصها إلى النصف مقارنة بالعامين الماضيين. ويأتي هذا القرار نتيجة شحّة المياه غير المسبوقة التي تشهدها البلاد، والتي بات من المتوقع أن تؤثر على مصادر مياه الشرب أيضاً.
المصادقة على الخطة
ويؤكد مستشار وزارة الزراعة، مهدي القيسي، أن الخطة الزراعية الشتوية تمت المصادقة عليها رسمياً، حيث تتضمن السماح بزراعة مساحات معينة بالاعتماد على المياه الجوفية عبر الآبار. ويلفت إلى أن الوزارة تشترط استخدام منظومات الري الحديثة في المناطق الصحراوية لضمان الاستخدام الأمثل للموارد المائية.
ويُبيّن القيسي أن الخطة تركز بشكل كبير على زراعة محصول الحنطة الاستراتيجي، مع السماح بزراعته في أي منطقة تتوفر فيها المياه الجوفية.
ويشدد على أن الخطة مشروطة بالتزام المزارعين الصارم بتطبيق التقنيات الحديثة ومنظومات الري المتطورة للحد من الهدر.
وتظهر بيانات وزارة الموارد المائية أن مستويات الخزين المائي في السدود والخزانات الرئيسة قد تراجعت إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من عشرة أعوام، الأمر الذي انعكس مباشرة على الخطة الزراعية ومحدودية المساحات المسموح بزراعتها في المواسم المختلفة.
كما تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن البلاد تواجه تراجعاً حاداً في واردات نهري دجلة والفرات خلال الأعوام الأخيرة، ويعزو المختصون ذلك إلى قلّة الأمطار وتغيّر أنماطها الموسمية، إضافة إلى تأثير السدود المقامة في دول المنبع التي حدّت من تدفّق المياه إلى الأراضي العراقية.
ومن جانب آخر، يشير عضو لجنة الزراعة في برلمان الإقليم كاوة عبد القادر إلى أن الوضع الزراعي لا يبشّر بخير سواء في العراق أو داخل كردستان. وأوضح خلال حديثه لـ «المدى» أن «الخطة الزراعية الشتوية في الإقليم تعتمد بنسبة كبيرة على مياه الأمطار، وحتى الآن غير معلوم موعد هطول الأمطار، وبالتالي نحتاج إلى اللجوء إلى احتياطي المياه في السدود والخزانات، وهذه مجازفة كبيرة». وأردف أن «الخطة الزراعية الشتوية هذا العام ستشهد تقليصاً كبيراً بسبب أزمة الجفاف، وهذا سيؤثر على الوضع الاقتصادي وإنتاج الإقليم من الحنطة والشعير والمواد الزراعية الأخرى».










