متبعة المدى
تمثل البلاغة في ميدان الإبداع الأدبي على مختلف مستوياته المرتكز الأساس في دعم النص الأدبي وكشف النقاب عن جماليات اللغة . ومن خلال تتبع الوقائع التاريخية في المجال الأدبي، التي نشأت البلاغة وتطورت في أحضانها، يتضح أنها كانت ولا تزال القاعدة الأولى التي تسبر أغوار البنية الجمالية للنص الأدبي وفق أسسٍ وأنظمةٍ متينة تنطلق منها وأليها، ومما لاشك فيه، أنَّ الانتقالية والتجديد والمغايرة في مسيرة الشعر العراقي خاصة والعربي عامة، قد حمل أعباءها وتجشّم عناء الخوض في غمارها (جيل الرواد)، الذي نهض بشعريتها المغايرة ومتونها النصية على محاور تجديدية عدة، منها ما شكّل الحجر الأساس في انفرادية و ابتكارية الإيقاع الشعري العراقي دون سائر النصوص الشعرية العربية الأخرى و إمتداد مؤثراتها الإيقاعية على حقبٍ زمنيةٍ متعددةٍ لتنشىء مقومات القصيدة الحديثة.
وعن سلسلة «› نقد «› التي تصدرها دار الشؤون الثقافية العامة / وزارة الثقافة والسياحة والآثار صدر حديثاً للباحث الدكتور جمال الأزبجي كتابه الجديد الموسوم «» مجاز الضوء - بلاغة التشكيل وإنبعاث الدلالة في شعر رشيد ياسين «» قسّم هذا الكتاب على مقدمة، وتمهيد، وثلاثة فصول رئيسة، بالإضافة إلى الخاتمة التي تضمنت أهم النتائج التي توصل إليها .
تناول التمهيد ملامح التجديد في مسيرة الشعر العراقي، ودور جيل الرواد فيها، الى جانب لمحات من سيرة الشاعر والموقف النقدي من شعره . أما الفصل الأول، فقد تناول المستوى التصويري في شعر رشيد ياسين، وتضمن عدة مباحث.
وركز الفصل الثاني على المستوى التركيبي في شعر رشيد ياسين، وجاء في المباحث الآتية المبحث الأول:الإنشاء الطلبي، الذي شمل أساليب الإستفهام، والنداء، والنهي، والأمر، وأبرز دورها في إغناء النص . المبحث الثاني: الخبر، ودوره في بناء النصوص الشعرية وتوسيع فضاءات التأويل .
المبحث الثالث:أحوال الجملة، مثل الفصل والوصل، والتقديم والتأخير، والإيجاز والإطناب، مع التركيز على أهم الملامح البارزة في شعره . أما المبحث الثالث:فقد تناول المستوى البديعي، واشتمل على:المبحث الأول:الطباق . المبحث الثاني:المقابلة. المبحث الثالث:رد العجز على الصدر . المبحث الرابع:التصريع . المبحث الخامس:الاقتباس والتضمين . وقد أظهر هذا الفصل قدرة الشاعر على توظيف الفنون البديعية لصياغة مبانٍ جمالية تعبر عن مواقفه النفسية وتداعياتها .
ورشید یاسین (1931 - 2012) صحفي وشاعر وناقد أدبي وأستاذ جامعي عراقي. ولد في بغداد وأكمل تعليمه الابتدائي والثانوي فيها. ثم تابع تعلميه في علوم المسرح في بلغاريا فنال البكالوريوس، وحاصل على شهادة الدراسات العليا في الفلسفة وعلم الجمال من جامعة صوفيا. انخرط في السياسة الوطنية منذ بداية خمسينيات وعاش في سوريا لاجئًا سياسيًا من 1955 حتى 1958. عمل في الصحافة البغارية ثم في مجلة الموقف الأدبي والجندي السورية ومشاورًا درامياً، ثم مستشاراً للشؤون الفنيّة في دائرة السينما والمسرح في العراق. ثم مستشارًا لمجلة آفاق عربية. بدأ بنشر قصائده منذ أواسط الأربعينيات وكان من أوائل الذين جددوا في إيقاع القصيدة العربية وبنيتها. من دواوينه الشعريّة أوراق مهملة 1972 والموت في الصحراء 1986 والدمية الحزينة. غادر العراق إلى اليمن في 1997 أستاذاً في جامعة صنعاء ثم في 2004 إلى الولايات المتحدة أستاذاً للغة العربية في جامعة ميشيغان - ديربورن. سكن في سانت لويس و توفي بها ودفن في ليماي بمقبرة بارك لون.
ترجم الأعمال الأدبية والدراسات عن الإنكليزية والبلغارية إلى العربية. نشر شعره ودراساته في الصحف والمجلات العراقية والعربيّة كما نشر من الترجمات والدراسات النظرية والمقالات النقدية في الأدب والمسرح وعلم الجمال.